5 مفارقات مالية سجلها لبنان خلال العدوان الاسرائيلي!
رغم توسّع الأعمال الحربية وتزايد حجم الدمار وارتفاع الضغوطات المعيشية ونسب البطالة وتخطي عدد النازحين المليون و400 الف، سجل الاقتصاد اللبناني في هذه الفترة بعض المفارقات المالية والاقتصادية التي لا بد من التوقف عندها:
– استقرار سعر الصرف: تمكن مصرف لبنان في الفترة الممتدة من شهر آب 2023 حتى الان من رفع احتياطاته بالعملات الاجنبية بأكثر من ملياري دولار ليصل الى 10 مليارات و600 مليون دولار اي ما نسبته 23% من احتياطات مصرف لبنان السائلة بالعملات الاجنبية. وقد استعمل جزءا من هذه الاموال حيثما دعت الحاجة خلال هذه الفترة للحفاظ على استقرار سعر الصرف اكان من خلال تمويل التعميم 166، السيطرة على الكتلة النقدية بالليرة في السوق، دفع رواتب موظفي القطاع العام…
– ضبط المضاربات: ضخ المصرف المركزي للدولار في السوق حال دون تمكن المضاربين من التلاعب بسعر الصرف علما انه من نحو الاسبوعين عادت التطبيقات الخاصة بسعر الصرف لتسجل تقلبات وصولا الى 90 الف ليرة للدولار ما اضطر بمصرف لبنان للتدخل طالبا ملاحقة مطلقي الشائعات والمضاربين وبالفعل قامت القوى الامنية بضبط الموضوع، وعليه لا يزال سعر الصرف مستقرا على 89500 ليرة.
يذكر انه حتى في حال المضاربة على الليرة، يكفي ان يشتري المركزي 20% فقط من الكتلة النقدية ليتمكن من خفض سعر الصرف وتأمين الاستقرار والثبات في سعر الصرف للمرحلة المقبلة وهو قادر على ذلك.
–اعطاء دفعتين اضافيتين للمستفيدين من التعميم 166 : الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت المصرف المركزي يستشعر الخطر المحدق فأقدم على خطوة استباقية لقطع الطريق امام اي تلاعب بسعر الصرف فأصدر بيانا طلب بموجبه من المصارف التسديد استثنائيا ولمرة واحدة مبلغ يساوي ثلاثة دفعات شهرية في بداية شهر تشرين الاول وذلك لكافة المستفيدين من التعميمين الاساسيين 158 و 166. هذا القرار الذي فاجأ المودعين خلق ارتياحا في السوق، وثبّت سيطرت المركزي على الكتلة النقدية في السوق من دون المس بأموال المودعين.
-توسيع مروحة المستفيدين من التعميم 166 وتعديل التعميم 147: لم يكتفِ المركزي بالدفعات الاضافية للمستفيدين من التعميم 166 بل لجأ ايضا الى توسيع مروحة المستفيدين منه لتشمل عددا أكبر من المودعين وذلك بانضمام من حولوا اموالهم من الليرة اللبنانية الى الدولار ابان الازمة وبفرضه على المصارف قبول اعادة الشيكات الصادرة عنها وغير المستعملة الى جميع الحسابات بما يفسح المجال للمودعين بإعادة قيد اموالهم في حساباتهم للاستفادة من التعميم، والمقصود هنا ليس من تاجر بالشيكات المصرفية انما كل المودعين الذين اغلقت حساباتهم بالمصارف بموجب شيك مصرفي بات بامكانهم ايداع هذه الشيكات في المصارف. وبذلك بات بإمكان غالبية المودعين ان يستفيدوا من التعميم اي من سحب 150 دولارا شهريا. ويقدر عدد الذين سيستفيدون من التعميم بنحو 700 الف مودع أو أكثر بقليل، وهذا عامل اضافي يثبت على ان مصرف لبنان قادر على ضبط سعر الصرف.
ارتفاع اسعار اليوروبودز: لكن في موازاة ذلك، سجلت مفارقة لافتة في الاسواق الخارجية تمثلت بارتفاع مفاجئ وغير متوقع في اسعار اصدارات لبنان من سندات اليوروبوندز من 6.5 سنت للدولار الشهر الماضي وصولا إلى مستويات ناهزت الـ8.75 سنتات للدولار حالياً، اي بزيادة فاقت الـ25 بالمئة، واللافت ان هذه الزيادة اتت في المرحلة التي تلت اغتيال السيد حسن نصرالله. ويعيد الخبراء هذه الزيادة المفاجئة في السندات الى الرهان على تقدم الحلول والتسويات السياسية على صوت المدفع مع ما سيليه من اصلاحات مالية مرتقبة في لبنان في المرحلة المقبلة.
كل هذه الاجراءات تسجل لحاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري نجاحه في ضبط الوضعين النقدي والمالي في السوق رغم ارتفاع ايقاع الحرب في الاسابيع الاخيرة.
فهل تكون هذه المفارقات مقدمة لرسم ملامح اقتصاد جديد بعد انتهاء الحرب تبدأ معه عملية الاصلاح المنشودة من الحكومة والمنتظرة منذ 5 سنوات وتبدأ اعادة هيكلة المصارف واعادة هيكلة الديون والاتفاق مع صندوق النقد وايجاد حل لاموال المودعين الضائعة؟