مع اتخاذ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قرارها باعتماد سعر صرف وسطي للدولار الجمركي عند 15000 ليرة بدلاً من 1500 ليرة، شهدت أسعار العديد من السلع ارتفاعات غير مدروسة، حتى وصل جنون فوضى ارتفاع الأسعار إلى السلع التي سبق وتم استيرادها العام الماضي، وأبرزها زينة الميلاد ورأس السنة.
ارتفاع غير مبرر
مع بداية شهر كانون الأول، تتزاحم العائلات لتزين منازلها. وتُعدّ شجرة الميلاد والمغارة من الأركان الرئيسية التي تحرص معظم العائلات على اقتنائها. هذا العام، وحسب وصف وارطان كيوميجيان، صاحب متجر “كيوميجيان” للزينة في منطقة برج حمود، لا يزال الإقبال ضعيفاً على شراء زينة الميلاد.
يقول لـ”المدن”: “عادة يبدأ موسم زينة الميلاد بعد الثاني والعشرين من تشرين الثاني، لكن هذا العام، الوضع مختلف تماماً”. يعتمد كيوميجيان على بيع أشجار الميلاد الطبيعية بدرجة كبيرة، وعادة ما يستورد ما يقارب من 100 شجرة طبيعية، وما لايقل عن 200 شجرة اصطناعية. لكن جمود السوق اللبناني خلال العامين الماضيين، جعله يقلص حصته من بيع الأشجار الطبيعية، حتى أن هذا الموسم، استغنى نهائياً عن شراء الأشجار الطبيعية. يقول “أحتاج ما لا يقل عن 70 ألف دولار حتى أتمكن من شراء البضائع التي كنت أشتريها سابقاً بسعر لا يزيد عن 10000 دولار”.
حسب كيوميجيان، “يبدأ سعر بيع شجرة الميلاد الطبيعية من 180 دولاراً لدى تاجر الجملة، يضاف إليها سعر النقل، وهامش الربح، فتصبح بحدود 240 دولاراً (تقريباً 10 ملايين ليرة)، وهو رقم مرتفع جداً مقارنة مع دخل المواطنين”.
أما بالنسبة إلى أسعار الأشجار الاصطناعية، فيختلف سعرها حسب حجمها ونوعيتها. وفق كيوميجيان، تبدأ الأسعار للأشجار الصغيرة (120 سنتيمتراً) المستوردة من الصين من 70 إلى 80 دولاراً، فيما الأشجار الإيطالية يرتفع سعرها الى أكثر من 100 دولار. أما بالنسبة للأشجار الأكبر حجماً فيصل سعرها إلى أكثر من 150 دولاراً، أي ما يوازي راتب شهرين لموظف في القطاع العام.
الأسعار بالدولار
فرض التعامل بالفريش دولار نفسه أيضاً على أسعار زينة الميلاد. حاولت ماريا اصطفان إجراء عملية حسابية لشراء شجرة ميلاد متوسطة، مع كامل زينها بالإضافة إلى المغامرة، ووجدت أن الأسعار تتخطى 700 دولار. تقول لـ”المدن”: “قبل العام 2019، لم يكن شراء الشجرة كاملة مع المغارة يكلف أكثر من 200 دولار، خلال ثلاثة أعوام تضاعف السعر بشكل غير منطقي”. حتى وعند مقارنة الأسعار هذا العام بالعام الماضي، فقد ارتفعت بنحو 30 في المائة. إذ حسب الأسعار المتداولة في الأسواق، فإن شراء الزينة لشجرة الميلاد تبدأ من 100 إلى 200 دولار (4 ملايين إلى 8 ملايين تقريباً)، بمتوسط 150 دولاراً، وتتضمن 40 طابة صغيرة، و40 جرساً وبعض المجسمات الخاصة بالميلاد، فيما تباع شرائط الزينة الورقية التي تضع عادة بجانب شجرة، تتراوح بدورها بين 75 ألفاً وتصل إلى 400 ألف ليرة، حسب طول الشريط ونوعيته، فيما يصل سعر شريط الإضاءة إلى نحو 20 دولاراً. أما بالنسبة إلى المغارة والتي لها رمزيتها وقدسيتها في هذا العيد، فقد تتراوح أسعارها ما بين 80 و120 دولاراً، ومع إضافة شجرة الميلاد، فإن الأسعار باتت الأغلى مقارنة مع أسعار شجر الميلاد في في دول محيطة.
في ما يخص أسعار الثياب التنكرية على غرار البزة الخاصة بـ”بابا نويل”، فيبدأ السعر من مليون و500 ألف ليرة، للكبار. أما سعر البزة الخاصة بالأطفال، فلا يقل السعر عن 800 ألف ليرة، بينما قبعة العيد يتراوح سعرها بين 80 و120 الفاً.
أسعار الأشجار لم تكن ثقيلة على العائلات وحسب، بل حتى العديد من الشركات التجارية اللبنانية وضعت زينة العام الماضي، ولم تتجرأ على شراء زينتها هذا العام. يؤكد أحمد الرواس المدير المالي لشركة “الرواس” الخاصة بالصيرفة في منطقة بيروت، أن الشركة لطالما كانت تحتفل بعيدي الميلاد ورأس السنة، من خلال وضع الزينة، وشراء الهدايا التذكارية، بالإضافة إلى إقامة حفل عشاء سنوي، لكن هذا العام، من الصعب جداً على الشركة الاحتفال. يؤكد بأنه قرر وضع شجرة بسيطة عند مدخل الشركة، فيما استغنى عن وضع شرائط الإضاءة داخل الشركة أو على واجهتها الزجاجية، لأن ذلك سيرفع بالتأكيد تكلفة اشتراك المولد.
الاستغناء عن الهدايا
يعد هذا الموسم من أكثر المواسم التي ينتظرها تجار الألعاب والحلويات، إذ يزداد حجم المبيعات، نظراً لإقبال المواطنين على شراء هدايا العيد. من خلال جولة بسيطة على محال الألعاب في العاصمة بيروت، فإن الأسعار تبدأ من 800 ألف تقريباً للألعاب البسيطة، وترتفع إلى أكثر من 10 ملايين للألعاب التعليمية. أما بالنسبة إلى أسعار الحلويات وتحديداً الشوكولا، يبدأ سعر الكيلوغرام من 65 دولاراً ويرتفع تدريجياً.
هذه الأسعار ليست بمتناول جميع المواطنين. تؤكد أصطفان، أن شراء الهدايا هذا العام سيقتصر على الأساسيات التي تحتاجها العائلة. تقول: “يحتاج شراء الهدايا ميزانية خاصة، تتخطى في أقل تقدير راتب عام كامل، إذ أن شراء هدايا للأطفال وللعائلة المقربة، يحتاج ما لايقل عن 40 مليون ليرة تقريبا