المصرف المركزي “مغلبط”
لقد تمّ تأسيس مصرف لبنان المركزي بعدما أفلس بعض المصارف سابقاً، لهدف أساسي وهو الحفاظ على ودائع الناس وحمايتها من العمليات المشبوهة والملتوية التي يقوم بها بعض المصارف، كما الحفاظ على سلامة القطاع المصرفي وسمعته وضبط التلاعب والممارسات غير القانونية.
لقد انحرف هذا الدور عن مساره وتحوّل المصرف المركزي شريكاً اساسياً مع المصارف ضدّ المودعين، ومارسوا عملية سرقة منظّمة، وعلى رغم من رحيل رياض سلامة لا يزال المصرف المركزي مصّراً على حماية المصارف ضدّ المودعين وإصدار قرارات غريبة عجيبة، ومنها اخيراً التوجّه الذي ذكرناه سابقاً بأنّه إذا لم يتمكن صاحب الوديعة من تبريرها للمصرف، فإنّه يخسر وديعته وينساها. ونسأل هنا، من يستحوذ على الوديعة في هذه الحالة المصرف المركزي أم المصرف، فليس واضحاً من سيأخذها ؟ هذا اقتراح لا يُصدّق وضربٌ من الخيال. فعلى المودع ان يبرّر للمصرف وديعته التي استقبلها هذا الاخير منذ 5 سنوات على الاقل وبعضها منذ سنين طويلة أواكثر، استقبلها المصرف حينها بكل ترحاب ولم يسأل عن مصدرها.
من الوقاحة الإتيان بقرار كهذا، وهو مرفوض في المبدأ جملةً وتفصيلاً. ولكن حتى على مستوى التنفيذ، التأكّد من الودائع قد يستغرق عقوداً وحينها لن يحصل احد على ودائعه، فهل هذا هو الهدف؟
ونسأل، أين هم الزعماء والمسؤولون الذين تعهّدوا بأنّ الودائع مقدّسة؟ هل نسيوا ما صرّحوا به؟ ام انّهم لأسباب ما تحوّلوا مناصرين للمصارف كما يظهر اليوم من قرارات المركزي؟
وفي الماضي سألنا أسئلة كثيرة ولم يجيبوا عنها، ولكن نسمع ارقاماً هنا وهناك غير واضحة، ويتمّ رمي ارقام عشوائية لا يمكن البناء عليها لتحديد حقيقة ما جرى، الهدف منها تيئيس المودعين وإقناعهم بأنّ الودائع طارت ولا أمل في استرجاعها. ربما الاسئلة كثيرة ولم يستوعبوها. لذلك ولتسهيل المهمّة سنبدأ بسؤالين فقط للمصرف المركزي والمصارف: في 17 تشرين الاول 2019، التاريخ الذي أقفلت فيه المصارف: كم كانت قيمة الودائع عند كل مصرف؟ وكم أخذ المصرف المركزي من كل مصرف على حدة؟ وإذا قرّروا الاجابة عن هذين السؤالين يجب ان نمتلك القدرة على التحقق من كل مصرف ومقارنة الارقام مع ارقام المصرف المركزي. وعلى ضوء الإجابة عن هذين السؤالين، نطرح الاسئلة الاخرى. «بركي سؤالين بيجاوبونا».
ونتوجّه الى المسؤولين القيّمين على الوضع الاقتصادي، لم نسمع منهم اي خطة تهدف الى تحفيز الاقتصاد، لا نسمع سوى حديث عن فرض ضرائب عشوائية وغير مدروسة. هل من الصعب ان يفهم الجميع انّه من دون إعادة الودائع لن يتحقق اي ازدهار، وستتوقف المشاريع المنتجة في البلد. وهذا سيؤثر بالتساوي على من يمتلك وديعة وعلى من ليس لديه ودائع. بالطبع الازدهار يتطلّب خطوات اخرى ذكرناها مراراً. ولكن مما لا شك فيه انّ عدم إعادة الودائع سيؤدي الى إفقار الجميع ومراكمة التعتير.
والأسوأ، اننا لم نفهم بعد أهمية الشفافية لعدم تكرار المآسي التي حصلت، وهناك اصرارعلى إبقاء الممارسات السابقة كما هي من دون تغيير، بعد كل ما مرّ على الشعب اللبناني من مآسٍ.
ولا توجد اية ملامح تغييرية، وتحديداً في عمل المصرف المركزي، الذي لم يعد بعد الى ممارسة دوره الرئيسي، وهو حماية حقوق المودعين وإعادة الثقة الى القطاع المصرفي.
فادي عبود – الجمهورية
اضغط هنا وانضم الى قناتنا على الواتساب لنشر الأخبار والوظائف على مدار الساعة