إرتفاع الدولار الى سقوف عالية من جديد أمس، يؤكد مرة أخرى عدم جدوى التدابير النقدية والتقنية التي يتم إتخاذها من قبل مصرف لبنان، في ظل أوضاع سياسية وإقتصادية غير مستقرة، وتُعاني من تدهور مستمر يوماً بعد يوم، بسببب غياب المعالجات الجذرية على المستويين السياسي والإقتصادي.
هذا التخبط الرسمي في التصدي للأزمة المالية التي إندلعت منذ سنة وبضعة أشهر، إثر توقف لبنان عن تسديد مستحقاته لليوروبوند، رافقه عجز حكومي عن السيطرة على تداعيات هذا الموقف المتخاذل، والذي لم يأخذ حقه الكافي في الدرس والتمحيص، وتوقع إهتزازاته المدمرة على الوضع المالي الداخلي وعلى سمعة البلد في المحافل المالية الدولية، التي ردت على القرار اللبناني الغبي بالتوقف عن التعامل بالسندات اللبنانية، وتجميد أي تعاون مالي جديد مع لبنان.
لن تنفع أية إجراءات أخرى قد يلجأ إليها البنك المركزي في ظل هذا العجز الفادح للمنظومة السياسية في تشكيل حكومة قادرة على إدارة الأزمة المتدحرجة التي تجتاح البلد، لأن عواصم القرار العربي والغربي، والمؤسسات المالية الدولية ربطت مساعداتها للبنان بوجود حكومة توحي بالثقة، وتعمل على تنفيذ الحد الأدنى من الإصلاحات المالية والإدارية، لا سيما في قطاعي الكهرباء والمحروقات، والعمل على وقف الهدر والسرقات، ومكافحة الفساد الذي نخر مقومات الدولة وقواعدها المالية، والتى وصلت إلى مهاوي الإفلاس الحالي.
ولم يعد خافياً على أحد أن غياب الرؤية، والخلافات التي تعصف بالطبقة الحاكمة حول سبل الخروج من النفق الحالي، شكلت أهم مسببات الوصول إلى هذا «الجهنم» المالي والمعيشي، وإلى مضاعفة عجز السلطة عن تلمس مداخل المعالجات الصحيحة لمسلسل الأزمات التي تُمسك بخناق البلاد والعباد.
ولكن لا ندري إذا كانت ولادة الحكومة العتيدة، ما زالت تنفع في لجم التدهور، والحد من الإنحدار المخيف من قعر إلى آخر!