كتب موريس متى في “النهار”:
بعد توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قرارًا استثنائيًا بالسماح لمصرف لبنان فتح اعتمادات لشراء الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، خرج وزير الطاقة والمياه ريمون غجر مبشرا بانفراجة، ولو جزئية، لأزمة الكهرباء، وابتعاد شبح العتمة الشاملة أقله حتى منتصف شهر آب المقبل.
رأس دياب في السرايا الحكومية مساء أمس اجتماعًا وزاريًا لبحث أزمة الكهرباء ضم الوزراء غازي وزني، ريمون غجر وطلال حواط، بحضور الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية ومستشاري رئيس الحكومة خضر طالب وحسين قعفراني، وبعد الاجتماع أكد وزير الطاقة ان الإجراءات الادارية المطلوبة لفتح الاعتمادات اللازمة لبواخر الفيول والغاز اويل الراسية امام الشواطئ اللبنانية يتطلب يومين الى ثلاثة ايام، ليتم تحويل الاموال للشركات على ان تدخل بعدها مباشرة البواخر وتفرغ حمولتها في المعامل مما يساهم حتماً في عودة الارتفاع التدريجي لساعات التغذية الكهربائية. تقديرات وزارة الطاقة والمياه تشير الى ان توقيع مصرف لبنان فتح الاعتمادات ضمن سلفة الكهرباء التي أقرها مجلس النواب في الاشهر الماضية وسقط الطعن بها امام المجلس الدستوري وقيمتها 200 مليون دولار تساهم الى حد ما بتأمين الكهرباء حتى منتصف شهر آب بالحد الاقصى، مع التأكيد على استمرار ساعات التقنين وعمل المعامل بقدرتها الأدنى اي تأمين تعذية لا تتخطى 1000 ميغاوات من الكهرباء. فمؤسسة كهرباء لبنان قد وضعت آلية لترشيد استهلاك المعامل للفيول والغاز اويل ما يتيح إطالة التغذية بالقدر المستطاع حتى إيجاد الحلول الاخرى وتأمين مزيد من الاموال في المرحلة المقبلة او البدائل لتوفير مادة الفيول والغاز اويل للمعامل. ساعات التقنين مستمرة ولكن صرف اموال سلفة الكهرباء يبعد شبح العتمة الشاملة وإطفاء المعامل، اقله لأشهر قليلة، فيما تسعى وزارة الطاقة بالتنسيق مع مدير عام الامن العام اللواء عباس إبراهيم على إنجاز العقد النهائي مع العراق لتأمين إستدراج ما يقارب الـ 500 الف طن من الفيول العراقي الصالح للاستعمال والمطابق لمواصفات معامل الكهرباء اللبنانية، بأسعار تعتبر جيدة ضمن آلية تسديد مؤجلة لمدة سنة وبشروط ميسرة لا تؤدي الى إخراج “دولارات نقدية” من المصرف المركزي، مما يبعد خطر العتمة أشهراً إضافية أقله حتى نهاية العام الحالي. بالفعل، تستمر المفاوضات بين الجانب اللبناني ووزارتي النفط والمال في العراقي والبنك المركزي العراقي للخروج بالاتفاق النهائي يسمح بتزويد لبنان بكميات من الفيول الثقيل الذي سيتم استبداله مباشرة في العراق بالفيول الصالح للاستعمال في المعامل اللبنانية، فيما التركيز حالياً على إنجاز بعض الإجراءات التقنية والمالية تتعلق بطريق الدفع من خلال فتح حساب في البنك المركزي اللبناني لصالح البنك المركزي العراقي وهذه إجراءات تقنية من اختصاص وزاراة المال والبنك المركزي في الدولتين وعند إنجاز هذه الإجراءات يمكن توقيع العقد وبدء استيراد الفيول العراقي في وقت قريب.
بالعودة الى ملف سلفة كهرباء لبنان، بالفعل، وافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على استصدار موافقة استثنائية لإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لشراء المحروقات كما وقع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الكتاب الذي أرسله وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني المتعلق بطلب الموافقة الاستثنائية لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان.
مطلع الاسبوع، أرسل وزني كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء، لطلب استصدار الموافقة الاستثنائية لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان بعد طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير المال البحث في تأمين تمويل لمؤسسة كهرباء لبنان بالعملة الأجنبية، وبعد تواصل وزني مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. في كتابه، الذي حصلت عليه “النهار”، يعود وزني ليذكر القانون الذي اقره مجلس النواب الهادف الى إعطاء سلفة خزينة لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لعام 2021 بحد أقصى 300 مليار ليرة وقد نص القانون على ان تؤدي السلفة من محتسب المالية المركزي بعد موافقة وزير المال. وورد في الكتاب “لما كانت وزارة المال تعطي كفالتها على كتب طلبات فتح الاعتمادات المستندية بالعملة الاجنبية لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان العائدة لشحنات الفيول والغاز اويل، ولما كان مصرف لبنان قد درج على فتح الاعتمادات وسحب قيمتها من حساب الخزينة بالعملات الاجنبية بناء على طلب وزير المال، ولما كانت وزارة المال وافقت مؤخرا على فتح إعتمادات لزوم كهرباء لبنان، ولما كان مصرف لبنان قد وافق على فتح إعتماد واحد بقيمة 13.9 مليون دولار فقط من اصل الاعتمادات الستة المرسلة اليه وقيمتها 96 مليون دولار، ولما كان رصيد السلفة غير متوافر في حساب الخزينة بالعملة الاجنبية، ولما كانت المادة 91 من قانون النقد والتسليف قد نصت على انه يمكن للحكومة الاستقراض من المصرف المركزي في الظروف الاستثنائية حيث نصت على انه في ظروف او في حالات الضرورة القصوى وإذا ما ارتأت الحكومة الاستقراض من المصرف المركزي تحيط حاكم مصرف لبنان علما بذلك…، ولذلك، وبما انه في ظل حكومة تصريف الاعمال وتعذر عرض الموضوع على مجلس الوزراء، نطلب اليكم العمل على إصدار الموافقة الاستثنائية للاستقراض بالعملات الاجنبية من المصرف المركزي وإحاطة حاكم المصرف المركزي بذلك، تمكيناً للمصرف من فتح الاعتمادات المستندية لزوم مؤسسة كهرباء لبنان”.
خلال الاجتماع المالي الذي ترأسه الاسبوع الفائت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في قصر بعبدا، شدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحسب المعلومات على ضرورة ان يحصل مصرف لبنان على تغطية قانونية من الحكومة تجيز له استخدام بما تبقى من من احتياطات بالدولار الاميركية لتمويل سلفة الكهرباء. وتشير مصادر متابعة للملف ان موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة على كتاب وزير المال أعطى سلامة والبنك المركزي غطاء قانونيا من الملاحقة القانونية لاستخدام الاحتياطي الالزامي لتمويل الاعتمادات.
رفض المجلس المركزي لمصرف لبنان الاسبوع الفائت الموافقة على فتح اعتمادات بواخر فيول موجودة قبالة الشواطئ اللبنانية تنتظر تحويل الاموال لافراغ الشحنات، إضافة الى اعتماد لباخرة غاز اويل. بالفعل، وصلت ناقلتان بحريتان محملتان بمادة الفيول أويل (Grade A) وناقلتان بحريتان محملتان بمادة الفيول أويل (Grade B) إلى المياه الإقليمية اللبنانية، ورست قبالة الشاطئ اللبناني، وبعد انقضاء المهلة القانونية للطعن لدى المجلس الدستوري ومعاودة العمل بالقانون رقم 215 تاريخ 08/04/2021، لم تتمكن مؤسسة هرباء لبنان سوى من تفريغ حمولة ناقلة بحرية واحدة محملة بمادة الفيول أويل (Grade A)، وتعذر عليها تفريغ حمولات الناقلات الأخرى بسبب عدم فتح اعتماداتها المستندية اللازمة. أمام هذا الواقع، بدأت مؤسسة كهرباء لبنان رفع قدرة معمل الذوق الحراري القديم وتخفيض قدرة كافة المعامل الأخرى بسبب النقص الحاد في مادتي الفيول اويل (Grade B) والغاز أويل، حتى تراجع إجمالي الطاقة المنتجة على الشبكة حالياً الى حدود 720 ميغاواطاً، بعد أن جرى تخفيضها تدريجيا خلال الأسابيع الماضية، مما انعكس تراجعاً كبيراً بساعات التغذية وارتفاعاً ملحوظاً جداً في عدد ساعات التقنين، وقد بات هذا التدني في القدرة الإنتاجية يؤثر سلباً على ثبات واستقرار الشبكة الكهربائية، بحيث إن أي صدمة كهربائية تتعرض لها الشبكة، قد تؤدي إلى انقطاع عام وخروج كافة المعامل عنها بحسب مؤسسة كهرباء لبنان.
سلسلة اتصالات تمت بين وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر وحاكم المركزي رياض سلامة الذي أصر على حصول المصرف المركزي على التغطية القانونية للحكومة، فأتى كتاب وزني الذي وافقت عليه رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة قبل أقل من أسبوع على إطفاء المعامل والعتمة الشاملة. مساء الاثنين، أرسل وزني كتاباً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يلحظ تبلغه موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب الاستثنائية لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء المحروقات ومطالبته تنفيذ ما ورد في الموافقة الاستثنائية المذكورة والتي سبق لوزارة المال أن وافقت عليها وأرسلتها.
بانتظار فتح الاعتمادات وصرف الأموال للبواخر، تكشف مصادر في مؤسسة كهرباء ان معملي الزوق والجيه القديمين ينتجان حالياً نحو 300 ميغاواط بعد توفير كميات محدودة من مادة الفيول Grade Aوهي تكفي حتى نهاية الاسبوع، أما معملا الجية والزوق الجديدان فيفتقران الى مادة الفيول Grade B ويتم تشغيل 5 محركات عكسية فيهما بعدما كان العدد 11 الاسبوع الماضي، لينخفض عدد المحولات المنتجة الى 3 فقط على ان يطفأ المعملان بعد يومين. إلى ذلك، ينتج معملا دير عمار والزهراني نحو 900 ميغاواط يعملان بحمولة قوتها 300 ميغاواط فقط اي تأمين ساعتين الى ثلاث ساعات يومياً من التغذية فقط ولا يمكن تخفيض الانتاج أكثر كي تبقى المجموعة البخارية على الشبكة، هذا وأطفأ معمل صور محركاته مما أفقد الشبكة نحو 30 ميغاواطاً.
