كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
إذا كانت “غلطة الشاطر بألف”، فان توقيع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني قرار “تربلة” بدل النقل “خطيئة بمليون”. ليس في الأمر انتقاص من حقوق موظفي الدولة الذين يرزحون تحت ثقل الرواتب المنهارة، إنما حرص على ما تبقى من قدرة شرائية لرواتب وأجور الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص على حد سواء. فرفع بدل النقل من 8 آلاف ليرة إلى 24 ألفاً، لن يقتصر على 24 ألف موظف في الإدارة العامة بكلفة تقدر بحوالى 120 مليار ليرة سنوياً كما ينص القرار، “إنما سيمتد حكماً إلى 320 ألف موظف، رافعاً إجمالي الكلفة إلى أكثر من 1800 مليار ليرة”، بحسب الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين. و”سيلحق حكماً بموظفي الإدارة العامة موظفو الكهرباء والمياه، والإدارات والمصالح المستقلة، والجامعة اللبنانية، ومصرف لبنان والبلديات… وغيرها الكثير من إدارات الدولة. وذلك على غرار ما حصل بالضبط مع سلسلة الرتب والرواتب، حيث فاقت كلفتها بأشواط الميزانية التي وضعت على أساسها، وكانت واحدة من أسباب تسريع الإنهيار.
اليوم يتكرر الأمر نفسه من دون أن نتعلم من دروس الماضي القريب، فزيادة 16 ألف ليرة يومياً للموظف الواحد على بدل النقل تكلف الدولة 1200 مليار ليرة سنوياً، بحسب شمس الدين. و”إذا ما أضيف الرقم الى 600 مليار ليرة التي كانت تدفع سابقاً، فان إجمالي الكلفة سيصل إلى 1800 مليار ليرة سنوياً، أو ما يعادل زيادة شهرية على رواتب موظفي القطاع العام بقيمة 320 ألف ليرة.
المشكلة أن هذه الزيادة في الأجور لن تمول من إيرادات الدولة المنهارة، إنما من خلال طباعة مصرف لبنان المزيد من الليرات. الأمر الذي سيخلق ضغوطاً هائلة على الليرة، نتيجة ارتفاع الطلب على الدولار بشكل مباشر وغير مباشر. وسيؤدي من وجهة نظر شمس الدين “إلى المزيد من التدهور في سعر الصرف. خصوصاً أن القرار سيتزامن مع بدء المصارف تسديد 400 دولار على سعر صرف 12 ألف ليرة”.
في الوقت الذي أصبح من المفروغ منه عجز المواطنين عموماً والموظفين خصوصاً عن الإستمرار عند هذا المستوى من الرواتب والأجور، فان زيادتها بهذه الطريقة تؤدي إلى “الإنفجار” وليس “الإنفراج”. فالحل العلمي والمنطقي بحسب شمس الدين يكون بإطلاق الدولة خطة للنقل العام في غضون 3 أشهر. من شأن هذه الخطة توفير على كل من يستعمل السيارة الخاصة مليون ليرة شهرياً. ذلك أن كلفة تعبئة 5 صفائح بنزين فقط ستبلغ مليون ليرة في المستقبل القريب من دون احتساب صيانة السيارة. كذلك الأمر بالنسبة إلى اشتراكات المولدات الخاصة التي تتراوح اليوم بين 500 ألف ليرة والمليون، وقد تتجاوز هذا الرقم في الأيام المقبلة. فتأمين الدولة الكهرباء 24/24 يوفّر على المواطنين مليون ليرة على أقل اعتبار.
إذاً، بتأمين النقل العام والكهرباء فقط تكون الدولة قد زادت رواتب وأجور كل المواطنين 2 مليون ليرة شهرياً، من دون أن تخلق هذه الزيادة أي آثار تضخمية… فهل من يصغي ويعتبر؟!.