لم يبق من أموال المودعين في لبنان إلا 14 مليار دولار، من أصل 170 مليارا هي قيمة الودائع بين مقيمين وغير مقيمين.
واستخدمت هذه المليارات في تمويل الاستيراد للحفاظ على ثبات سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار، فضلا عن إقراض الدولة.
ولبنان، البلد الذي يستورد 85 بالمئة من احتياجاته، يعاني نقصا حادا في العملة الصعبة، بعد انعدام التدفقات المالية على هيئة استثمارات أو ودائع، واقتصار التحويلات مباشرة إلى ذوي المغتربين عبر المؤسسات المالية غير المصرفية التي قدرت بـ7 مليارات دولار.
وتخلى القطاع المصرفي في لبنان عن دوره كوسيط مالي، وانتقل كامل الطلب على الدولار إلى السوق الموازية أو سوق الصيرفة، ونتيجة لنقص المعروض من الدولار وكثرة الطلب عليه، يطرح سؤال: هل تنفد العملة الخضراء من لبنان؟.
يستبعد نقيب الصيارفة أنطوان مارون هذا الأمر، لا سيما أن الناس تحتفظ بكتلة من الدولارات في منازلها وفقا لقوله، فضلا عن التحويلات المالية التي لا تنقطع من الخارج.
واعتبر مارون في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن منصة “صيرفة” هي ما يعطي الرقم الدقيق لحجم التداول اليومي للدولار، مؤكدا أن “الصرافين المرخصين من مصرف لبنان البالغ عددهم 450، يلتزمون بسعر صرف المنصة لا سعر صرف السوق السوداء الذي يعلن عنه عبر المنصات الإلكترونية”.
وبرزت مشكلة مستجدة هي وقف شحن الدولارات من لبنان وإليه من قبل شركة “مكتف”، التي كانت تؤمن قرابة 100 مليون دولار نقدا شهريا، حيث اتهمها القضاء بتبييض الأموال.
لكن إلى اليوم، لم يبت القضاء في هذا الادعاء، مما دفع صاحب الشركة ميشال مكتف إلى وقف عمليات شحن الأموال.
وأبدى مكتف تخوفه من اختفاء الدولار من السوق المحلية، طالما أن عمليات شحن العملة متوقفة بشكل كامل.
وقال الباحث الاقتصادي والمالي مارون خاطر إن حاجة لبنان من الدولار للوفاء بأغراض الاستيراد واحتياجات السوق الداخلية تقدر بحوالي 30 مليون دولار يوميا، في حين يبقى العرض أقل من هذا المبلغ.
ولا يقتصر الطلب على الدولار، بحسب حديث خاطر لموقع “سكاي نيوز عربية”، على العمليات الخارجية، فـ”السوق الداخلية تسجل طلبا متزايدا ناتجا عن دولرة الاقتصاد والانفلات الحاصل به” وفق تعبيره.
ويرى خاطر أن “الشح المتزايد للدولار ناتج عن فقدان الثقة بالاقتصاد، وأيضا عن انسداد الأفق السياسي، مما يؤدي إلى عدم ضخ أموال داخلية وخارجية جديدة ويسبب ندرة الدولار، فضلا عن مزيد من الارتفاع في سعره”.
ويقول الباحث الاقتصادي: “قد لا يُفقد الدولار من السوق نهائيا، إلا أنه قد يصل إلى سعر خيالي يجعله بحكم المفقود”.
وتشهد الليرة مزيدا من الانهيار، حيث تم تداولها في السوق السوداء، الثلاثاء، بأكثر من 28 ألفا مقابل الدولار، لتصل إلى مستوى منخفض جديد في مسارها الهبوطي منذ أكتوبر 2019 مع تدهور الاقتصاد.
وقرر مصرف لبنان المركزي، الثلاثاء، تزويد البنوك بحصتها النقدية لما تبقى من ديسمبر بالدولار بدلا من الليرة، في إطار إجراءات لكبح تراجع حاد في العملة المحلية.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، إن البنك المركزي سينظم سداد القروض التجارية بالعملات الأجنبية نقدا بالليرة اللبنانية، على سعر 8 آلاف ليرة للدولار.
ومن المأمول أن يساعد ذلك “على خفض الطلب على الدولار ويزيد الطلب على الليرة اللبنانية في الأسواق”، حسب الوكالة.
سكاي نيوز