لم يعد لبنان في طليعة الدّول المستهلكة للّحوم في الشرق الأوسط. الأزمة الاقتصادية التي رفعت سعر كيلو اللّحمة الطازجة من 15 ألف ليرة إلى 250 ألفاً، أجبرت اللبنانيّين على تغيير سلوك استهلاكهم للّحوم. البعض استبدل اللّحمة الطازجة باللّحمة المجلّدة الأرخص، وآخرون لجأوا إلى سياسة «شمّ ولا تدوق» عبر الاكتفاء بكميّات قليلة من اللّحم في الطبخات، فيما هناك من لم «يشمّوا» اللّحم منذ أكثر من سنة.
يلفت مدير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الياس إبراهيم إلى «تراجع كبير في استيراد اللّحوم الطازجة والمبرّدة فيما سُجّل للمرة الأولى ارتفاع في استيراد اللّحوم المجلّدة». ويوضح أنه عام 2021، «تراجع استيراد لحوم البقر الحي (68 ألف طن) بنسبة 40 في المئة مقارنة مع 2019 (115 ألف طن). كما تراجع استيراد لحوم الغنم الحي بنسبة 65 في المئة (من 15 ألف طن إلى 5 آلاف طن)، واستيراد اللّحوم المبرّدة بنسبة 50 في المئة (من 17 ألف طن إلى 8 آلاف). في المقابل، زاد استيراد اللّحوم المجمّدة بنسبة 30 في المئة، «وللمرة الأولى يتخطّى حجم استيرادها الـ 9 آلاف طن» بسبب تدنّي أسعارها واستخدامها الكبير في الطبخ حصراً.
ومع أن اختصاصيّي التغذية لا ينصحون بتناول كميات كبيرة من اللّحوم «إلّا أنّ التخلّي نهائياً عن تناولها تترتّب عليه تداعيات جسيمة على الصّحة والنمو»، على ما تقول اختصاصيّة التغذية زينب ياسين. وتلفت إلى أن اللبنانيّين «كانوا يتناولون اللّحوم بكثرة وهذا مضرّ بالصحة». لكن «التوقف نهائياً عن تناولها يحتّم التعويض عنها بالبدائل والمكمّلات الغذائية. إذ إن اللّحوم الحمراء تحتوي على البروتين السريع الهضم الأعلى جودة من البروتين النباتي وعلى معادن كالحديد والزينك والفيتامين B12، لذلك عدم تناول اللّحمة نهائياً يؤثّر سلباً على الجهازَين المناعي والعصبي وعلى نمو العضلات وتكوين الدّم وبناء الأنسجة». وتوضح أن «من يتوقّف عن تناول اللّحوم أكثر عرضة للكسور بمرّتين أو ثلاث ممن يتناولون نظاماً غذائياً يحتوي على اللّحمة». كما أن أكثر الفئات المتضرّرة من عدم تناول كميّات كافية من اللّحوم هم «الأشخاص الذين يُعانون فقر الدم، النساء الحوامل الذين يحتاجون إلى فيتامين B12 من أجل سلامة الجنين، الأطفال في مرحلة النمو، كبار السن الأكثر عرضة لسوء التغذية، والرياضيون الذين يعتمد نظام غذائهم بشكل أساسي على اللّحوم من أجل نمو العضلات».
عادة يوصي أخصّائيو التغذية الأشخاص النباتيّين بالتعويض عن عدم تناول اللّحوم بالبيض واللّبن والحليب، وينصحون بالتوجّه إلى المأكولات التي تحتوي على البروتين النباتي كالمكسّرات والحبوب والفطر والعدس والحمص والفول والبازلاء والشوفان والحنطة السوداء وغيرها. علماً أن الارتفاع الهائل في أسعار هذه «البدائل» يجعلها أيضاً بعيداً عن متناول كثيرين، وربما قد يجعل من سعر كيلو اللحمة قريباً من سعر «طبخة المجدّرة»!
المصدر: الأخبار – زينب حمود