غالباً ما يتصدر لبنان المراتب الأولى عالمياً في المصائب والمشاكل، وآخرها احتلاله المرتبة الأولى على مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء الصادر في الأول من آب، متخطياً بذلك دولاً مثل زيمبابوي، وفنزويلا… فالأسعار التي ارتفعت بأكثر من 200 في المئة خلال الشهرين الماضيين، لم تعف بلهيبها السلع المنتجة محلّياً. واللافت أن ارتفاع الأسعار الجنوني لم يعد مقروناً حصراً بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، إذ طيلة أشهر الصيف استقر السعر الموازي نسبياً من دون أن تشهد أسعار المواد الغذائية أي ثبات لا بل ارتفعت بشكل متواصل. التجار برروا أن ارتفاع الاسعار مرتبط بعوامل خارجة عن سيطرتهم مثل التطورات الجيوسياسية وارتفاع أسعار المحروقات معها النقل والشحن. في المقابل، عاد الدولار ايضاً يتقلّب صعوداً ما يعني أن عنصرا داخليا جديدا طرأ على مبررات رفع الأسعار، فهل يعدّل التجار أسعارهم قريباً؟ وبأي نسبة؟
نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي يوضح لـ “المركزية” أن “تغيير الأسعار بات ديناميكياً ولم تعد التجاوزات ضخمة في احتساب سعر الصرف للتسعير. الفرق ما بين 30000 و33000 ليرة لبنانية للدولار الواحد يعني أن نسبة الفرق تبلغ 10% وهي تعدّ كبيرة اذ في ضوئها ممكن ان تشهد اسعار السلع والمواد الغذائية ارتفاعاً ملحوظا”.
ويلفت إلى أن “كلّ شركة تحتسب الأسعار وفق رساميلها وبضائعها، بالتالي التسعير لا يُعمَّم ويتم بشكل موحّد، لكن لا يجب أن يتخطّى الارتفاع فارق سعر الصرف”، مشيراً إلى أن “السوق “تعبان” جدّاً وهذه الظروف لا تشجّع التجار على رفع الاسعار سوى بالنسبة الضرورية لتغطية فارق سعر الصرف”.
وعن ارتفاع الأسعار رغم استقرار سعر الصرف سابقاً، يرى بحصلي أن “التقارير العالمية والبيانات الصادرة عن النقابة سابقاً تشير إلى أن سعر الدولار أحد العوامل الداخلية المؤثرة على أسعار المواد الغذائية إلا أنه ليس الوحيد. لكن، في المقابل أسعار العديد من الاصناف تراجعت، خصوصاً بعد الحرب الأوكرانية مثل القمح، الزيوت، السكر، الحبوب وعدّلت سعرها نزولاً لأن سعر الصرف مستقر”.
ويتابع “سنة الـ 2022 صعبة من الناحية الزراعية وأسعار السلع لا علاقة لها بسعر الصرف حصراً فالتقارير الدولية أعلنت عن ارتفاعات حادة في أسعار تتخطى الـ 20% على السلع الاساسية عالمياً، والمستورد الذي وضع طلبية في شهر 2 مثلاً وصلت في شهر 4 أو 5″، مذكراً أن “كل ما نعشيه اليوم سبق ونبهنا المسؤولين منه”.
برّو: من جهته، يعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو عبر “المركزية” أن ارتفاع الاسعار بهذا الشكل من “النتائج الطبيعية لانهيار بهذا الحجم وتعطّل الدولة واختفاء أي حلول منذ ثلاث سنوات”، مضيفاً “المشاكل لا تحلّ ببحث الأسعار والرقابة عليها حصراً، بالتالي يفترض معالجة الأسباب التي أدّت إلى الانهيار الذي يعيشه البلد على مختلف المستويات بعد وصول النظام السياسي إلى طريق مسدود وفقدانه صلاحيته بالكامل ما يؤكّد ضرورة تغييره وعدا ذلك يعدّ تفاصيل ومضيعة للوقت لا توصل إلى نتيجة”، متوقّعاً أن “تتجه الأمور إلى الأسوأ”.
المركزية