مع بقاء مشاورات رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي خلف الكواليس، لا يزال الحذر والترقب يسودان الاجواء السياسية والحزبية، وسط تساؤلات كبيرة عن «جدية» المحاولة الحكومية الجديدة، والافق السياسي لها، ومدى حصولها على «بركة وغطاء» واشنطن والرياض، وضمناً غطاء دار الفتوى السني كتحصيل حاصل!
وتؤكد اوساط سنية واسعة الاطلاع على اجواء المشاورات الحكومية، ان التركيز ينصب على حل هوية من سيشغل وزارتي الاقتصاد والطاقة، مع اصرار ميقاتي على استبعاد كل من امين سلام ووليد فياض، وممانعة الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل ذلك. وتشير الاوساط الى ان الاجواء الدولية والداخلية الضاغطة تفرض على عون وميقاتي وباسيل «ليونة» اكبر ومقاربة الامور من منظار مختلف، على اعتبار ان الوقت يضيق، وان هذه المحاولة هي الاخيرة لتشكيل حكومة لا تُبقي ميقاتي، والسّنة في «فوهة المدفع»، عندما يقع الشغور الرئاسي وتستلم حكومة ميقاتي المستقيلة و»الغير مرغوب» فيها، ان تتولى صلاحيات الرئيس الماروني مجتمعة!
وتؤكد الاوساط ان الاجواء المحيطة بحركة ميقاتي توحي بوجود ما يشبه الـ48 ساعة اضافية لبلورة التوجه الحكومي، وتأكيد مدى جديته وسط ضغط فرنسي يفضي الى ابقاء الحكومة الحالية، كما هي من دون اية تعديلات وان تصدر مراسيمها اليوم قبل الغد!
في المقابل، خطفت زيارة السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى دار الفتوى ولقائها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الانظار، لا سيما لجهة التوقيت الذي يتزامن مع محاولة حكومية جدية وبعد قطيعة لـ47 يوماً بين عون وميقاتي. وتأتي الزيارة الاميركية الى دار الفتوى، في ظل بقاء دار الفتوى «محجة» النواب السُنة والشخصيات السنية الراغبة بأن يكون للمفتي دريان الدور الحاضن والراعي لأكبر تجمع سني ونيابي وحزبي وديني خلف موقع رئاسة الحكومة. وهدف هذا التجمع او التكتل دعم ميقاتي في وجه ما يسمونه «هجمة مسيحية» وعونية على موقع رئاسة الحكومة، و»استضعاف» السنّة مع انكفاء الرئيس سعد الحريري عن العمل السياسي.
وتشير الاوساط السنية نفسها الى ان زيارة شيا حملت في مضامينها استفسارات عن هذه الحركة السياسية، ووقفت على رأي المفتي من قضايا الساعة ومسألة تشكيل الحكومة والشغور الرئاسي. وكان لافتاً وفق الاوساط نفسها، ان شيا اشارت «بوضوح» الى ان التأييد الاميركي لأي حكومة ولو كانت ليوم واحد ينطلق من «الحد» من نفوذ حزب الله فيها، وان لا يكون لامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وحليفه النائب جبران باسيل «اليد الطولى» فيها. وهو الامر الذي ترى فيه الاوساط «موافقة اميركية» مشروطة لميقاتي على التأليف وعدم توفير الغطاء الكامل واعطاء «ضوءاً اصفر» للتأليف.
وفي الموازاة ايضاً، تؤكد الاوساط ان السعودية بدورها، وان كانت لم تمانع تشكيل حكومة ميقاتي المستقيلة حالياً، لكنها لم «تباركها» او تدعمها، وبالتالي ستتصرف على هذا الاساس، وان المرحلة «انتقالية» وآخر «مشوار» في عهد الرئيس عون. وبالتالي هي لن تعارض الحكومة الجديدة، ولكنها لن تباركها او تدعم رئيسها او «تعومه» في اخر ايام «العهد البرتقالي».
ووسط هذه الاجواء، ترى الاوساط انه بغياب الغطاء الاميركي والسعودي للحكومة سيكون وضع ميقاتي اصعب. فالحكومة الجديدة صحيح، ان شكلت ستعيد تعويم ميقاتي والسُنة، وتدفع عنهم «مواجهة» المسيحيين والموارنة وعبء الشغور الرئاسي وحدهم، لكنها ستكون حكومة ضعيفة وبلا «جوانح» او «مخالب» اقتصادية وسياسية ومالية ودولية، وستكتفي بان تكون «شاهدة» على «الانهيار»، وتدير «التفليسة» في زمن الشغور الرئاسي الطويل!
الديار