يتفق الضنينون باستعادة الاقتصاد عافيته، على أن إقرار قانون “الكابيتال كونترول” بمعزل عن بقية الإصلاحات سيكون كارثياً. فهذا القانون الذي كان يجب فرضه في اليوم الثاني على اندلاع الأزمة “لم يعد يحتل بعد 3 سنوات الأولوية”، برأي الخبير الاقتصادي والمصرفي د. نيكولا شيخاني، “هذا فضلاً عن أن الحكومة ذهبت أبعد مما طلبه صندوق النقد الدولي، الذي كل ما اشترطه كان وضع ضوابط على التحويلات، وليس فرض قانون يحمي المصارف، ويضمن استمراريتها كـ”زومبي بنك”، من دون استرداد الأموال المهربة”.
كيفما قلّبنا قانون “الكابيتال كونترول” المطروح للإقرار وفق صيغته الاخيرة “نرى مواد غير نهائية وسلبية”، يقول شيخاني. ولعل أكثر النقاط التي تستوجب الوقوف عندها هي:
– اللجنة المسؤولة عن اصدار التنظيمات التطبيقية تعوزها الاستقلالية السياسية والمصرفية والشفافية، ويجب أن تكون صلاحياتها محدودة. وأن يربط تجديد القانون بمجلس النواب وليس بالحكومة ومصرف لبنان، ويكون لفترة لا تتجاوز 6 أشهر.
– مدة فرض القانون طويلة جداً، فيما يجب أن تتراوح بين 6 أشهر وسنة بالحد الاقصى.
– المادة 12 تحمي البنوك بشكل كلي، من دون أن تنص على استرداد الاموال المهربة بعد 17 تشرين الاول 2019.
المشكلة أن هذا القانون بصيغته الحالية سيشكل صك براءة للنافذين الذين هربوا ودائع بمليارات الدولارات، وسيحرم في المقابل المودعين من أبسط حقوقهم بمقاضاة من سطا على جنى عمرهم. و”لكي يكون القانون عادلاً يجب أن تكون المادة 12 منه مشروطة باسترداد الاموال المهربة، والمقدرة قيمتها بين 7 و9 مليارات دولار، تشكل 50 في المئة من الناتج المحلي. وهي الاموال التي أدى خروجها إلى تسريع الانهيار”، يؤكد شيخاني، “فلا يمكن إقراره منفرداً وترك قانون استرداد الاموال المهربة معلقاً إلى أجل غير مسمى. ولا سيما أن استعادة هذه الاموال تساهم بتسريع التعافي بشكل كبير. وفي حال لم يقر قانون استرداد الاموال المهربة يجب أن تحذف المادة 12 من القانون”.
المهم أيضاً، أن تتراوح مدة فرض القانون ما بين 6 أشهر وسنة كحد أقصى. لان مثل هذا القانون يخيف المستثمر، ويحد من تدفق الاموال الطازجة إلى البلد، ويعرقل نمو الاقتصاد. وإذا سلمنا جدلاً بوضع مثل هذا القانون موضع التنفيذ، فيجب أن تكون هناك مراقبة دورية كل ستة أشهر على نظام التحاويل من المصارف swift system، من وجهة نظر شيخاني. و”ذلك للتأكد من الاموال المخرجة المتزامنة مع القانون. لانه من الممكن إنشاء شركات وهمية وتحويل الاموال للنافذين من خلالها إلى الخارج. ويجب أن تترافق هذه الخطوة مع إمكانية ملاحقة ومقاضاة الجهات المخلة سواء كانت مصارف أو مودعين. إلا أنه مع الاسف فان قانون تعديل السرية المصرفية المقر مؤخراً لا يساعد كلياً على تطبيق مثل هذه الخطوة البالغة الاهمية. وهذا ما يدل على أهمية إقرار القوانين بشكل متكامل مع بعضها البعض، ومن دون تفريغها من مضمونها الاساسي”.
وعليه إذا قدر لمثل هذا القانون أن يبصر النور فيجب أن يأتي بعد الخطوات التالية الواجب اتخاذها بشكل تراتبي، يؤكد شيخاني:
– إقرار قانون حماية الوادئع مماثل لقانون حماية الذهب.
– توحيد سعر الصرف ووضع استراتيجية نقدية.
– إعادة هيكلة الدين العام الداخلي والخارجي.
– إعادة هيكلة القطاع المصرفي مع فرزها إلى good bank وbad bank. لأن الاخيرة تضمن للمودعين استرداد ودائعهم على المديين المتوسط والبعيد، وتضمن حقوقهم.
هذا من دون أن ننسى أيضاً ضرورة تأمين الاستقلالية لكل من لجنة الرقابة على المصارف، وهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان.
المصدر : نداء الوطن