تناقش اللجان النيابية في اجتماعها اليوم ملخص مداولات عدد من الخبراء والمتخصصين حول مشروع القانون الوارد بالمرسوم 9014 الهادف الى وضع ضوابط إستثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية، اي قانون “الكابيتال كونترول”. هذا الملخص اتى نتيجة مبادرة قام بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، وتخللتها سلسلة إجتماعات برئاسة بوصعب جمعت عددا من الخبراء القانونيين والمتخصصين في الشؤون المالية والاقتصادية والمصرفية وممثلين عن المودعين وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية.
يؤكد نائب رئيس مجلس النواب أن هذه المبادرة “أتت بهدف الاستماع الى آراء أصحاب اختصاص يمثلون عددا من المكونات المعنية والفاعلة في الشأن الاقتصادي والمالي والمصرفي والقانوني. وساهمت الاجتماعات في وضع تقرير استشاري يسهل مسار دراسة مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي أعدته الحكومة مع وضع ملاحظات إستشارية مبنية على خبرات وبحوث لكل المواد ما شكل تقاطعا بين كل الاطراف المشاركة في الاجتماعات، فيما تم وضع التقرير النهائي بتصرف النواب للاستفادة منه عند مناقشة القانون في اللجان النيابية المشتركة وبعدما فشلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في تمرير نسخة من هذا القانون قبل الانتخابات النيابية”.
في حديث الى “النهار” يصر بوصعب على تأكيد إيمانه وقناعته بضرورة “إشراك كل المكونات واصحاب الاختصاص في وضع ملاحظات وإعطاء إستشارات تتعلق بكل القوانين الاساسية التي يجب على مجلس النواب ان يدرسها ويصوّت عليها”. ومن هنا سيستمر نائب رئيس المجلس في عقد الاجتماعات لدراسة ووضع الملاحظات على العديد من القوانين المالية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، رافضا ما يسعى اليه البعض من توجيه الاتهامات اليه بالانحياز في الموقف، خصوصا في موضوع قانون “الكابيتال كونترول”. فبالنسبة اليه، “البعض لا يريد اليوم إقرار هذا القانون لمصالح خاصة”، مؤكدا انه لا يتبنى ايا من مواقف الأفرقاء الذين اجتمعوا في مجلس النواب، ليعود ويشدد على انه “منحاز فقط لحقوق المودعين”، ويقول: “لا علاقة لي بأي مصرف ولا مصالح تربطني بأي منها بل انا من المودعين المتضررين، وتركيب الاتهامات من أصحاب النوايا التي باتت معروفة لن يوقفنا عن السير بقناعاتنا والآليات التي نجدها تخدم المصلحة العامة، والاساليب التي يتبعها البعض لن توصل اصحاب النوايا السيئة الى اي مكان بل تدفعنا الى السير قدما… ولن نقول اكثر من ذلك لمن يعرفون انفسهم ونقطة على السطر”.
نقاش واسع متوقع ان يشهده إجتماع اللجان النيابية المشتركة اليوم مع الخوض في ملخص النقاشات التي شهدتها الاجتماعات الاقتصادية – المالية – القانونية التي ترأسها بوصعب في المجلس خلال الاسابيع الماضية، فيما استبعد نائب رئيس المجلس أن يتمّ إقرار قانون “الكابيتال كونترول” في جلسة واحدة مع إصراره على ضرورة الا يتم وضع مشروع القانون في الادراج بل السرعة في إقراره او رفضه، على ان يصار الى عقد جلسات متتالية للجان المشركة. ويضيف: “ما أنجزته اللجنة الاستشارية إختصر ساعات من النقاشات بين الاطراف داخل مجلس النواب و”هيك الشغل لازم يكون”. ويقول: “قانون الكابيتال كونترول هو شرط اساسي من شروط صندوق النقد الدولي ولا يمكن المماطلة اكثر بهذا القانون الذي يأتي متأخرا سنوات”. بوصعب الذي يعود ويؤكد انه لم يقدم قانوناً معدلاً بشأن “الكابيتال كونترول” بل نقل ملاحظات الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين لتسهيل النقاش في جلسة اللجان المشتركة، لم يتبن اي وجهة نظر من وجهات النظر التي حضرت على طاولة النقاشات في المجلس النيابي، بل سعى الى جمع آراء مختلف الاطراف، معتبرا ان الصّيغة الأصليّة كما تلك الّتي تحمل ملاحظات من شارك في الاجتماعات “الاستشارية” بحاجة إلى تعديلات عليها، كي تحفظ حقوق المودعين بشكل واضح.
في الاسباب الموجبة التي لحظها مشروع القانون المرسل من الحكومة الى المجلس النيابي، فقد عانى #لبنان ولا يزال من أزمة اقتصادية ومالية ونقدية حادة تكشفت أبعادها بعد الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول 2019 والتي أدّت إلى وضع ضوابط على السحوبات والتحاويل بشكل استثنائي وغير مستند إلى أي مسّوغ قانوني. ومع الادراك بأن وضع قانون ينظم تدفق الرساميل من وإلى الخارج والسحوبات النقدية، كان يجب أن يتم منذ الايام الاولى للأزمة، الا ان الحاجة لهكذا قانون تُلغي استنسابية المصارف وتحمي المودعين وبخاصة الصغار منهم من حركة تحاويل مصرفية كبيرة وهروب رؤوس أموال إضافية إلى الخارج. ويساهم مشروع القانون المقترح في إعادة الاستقرار المالي وقدرة المصارف على الاستمرار واللذين يشكلان شرطين أساسيين لإستئناف العمليات المالية، وبالتالي فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل المصرفية إلى الخارج كما والتحاويل إلى العملات الاجنبية وعلى السحوبات النقدية لمنع مزيد من تدهور سعر الصرف، وحماية احتياط البنك المركزي بالعملات الاجنبية واستعادة السيولة في #القطاع المصرفي وحماية المودعين. وعليه، كان لا بد من وضع قانون مرحلي مدته سنتان قابلتان للتجديد مرة واحدة، ويتّصف بالمرونة من خلال إنشاء لجنة خاصة تُعدّ النصوص اللازمة لوضعه قيد التطبيق العملي وتضع ضوابط تمنع التحايل على أحكامه التي تتسم بالطابع الملزم وتتمتع بالاولوية في التطبيق على سائر القوانين العامة والخاصة بما فيها قانون السرية المصرفية.
من المواد الواردة في نص مشروع قانون “الكابيتال كونترول” التي ركز المشاركون في النقاشات “الاستشارية” عليها هي المادة 12 وتلحظ: “يتسم هذا القانون بالطابع الخاص والاستثنائي والملزم ويتعلق بالانتظام العام ويُرجح في التطبيق على ما عداه من القوانين العامة والخاصة أينما وجدت لا سيما قانون السرية المصرفية، وتسري أحكامه بشكل فوري بعد دخوله حيز التنفيذ، وهي تشمل التحاويل الى الخارج والسحوبات في الداخل التي لم تُنجز بتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. يسري هذا القانون على جميع الاجراءات القضائية مهما كان نوعها وعلى الدعاوى المقدمة أو التي ستقدم بوجه المصارف والمؤسسات المالية أو المنبثقة منها مهما كانت طبيعة تلك الدعاوى أو مكان تقديمها أو نوعها أو درجاتها، والمتعلقة بالسحوبات والتحاويل وكل ما نص عليه هذا القانون إن لم يكن قد صدر فيها قرار مبرم بتاريخ نفاذه”. أما الملاحظات المتعلقة بهذه المادة فانقسمت ضمن ثلاثة إقتراحات:
الاول: يقتضي الابقاء على هذه المادة:
• كونه لا قدرة لجميع المودعين على تقديم دعاوى في الخارج.
• من غير العادل استحصال الاجنبي على قرارات قضائية والزام المصارف باعادة كامل ودائعهم على حساب ودائع المودعين في الداخل بدل التوزيع العادل في ما بينهم.
• كون صدور قانون الكابيتال كونترول ومن ضمنه هذه المادة يمنع المحاكم الاجنبية من قبول دعاوى المودعين في الخارج لاستعادة ودائعهم وفقا للقانون اللبناني.
• كون هذه المادة تضع المصارف في وضع حرج (reputation risk )،
وتعدل المادة 12 وفقا لصاحب هذا الاقتراح لتصبح كالآتي: “ان هذا القانون هو من الانتظام العام المشدّد. وعليه، تعلق حكما خلال مدة العمل به جميع الدعاوى وسائر الاجراءات القضائية التي تنظر في مطالب او تدابير مخالفة لأحكام هذا القانون والتي لم يصدر فيها حكم مبرم.
الاقتراح الثاني: يقتضي الغاء هذه المادة:
• كونه يحق للمودعين الحماية والمطالبة بودائعهم أكان في الداخل أم في الخارج.
• كون صدور قانون الكابيتال كونترول يمنع المحاكم الاجنبية من قبول دعاوى المودعين في الخارج لاستعادة ودائعهم وفقا للقانون اللبناني.
الاقتراح الثالث: تعدل المادة الثانية عشرة لتصبح كما يأتي:
يعلق حكما تنفيذ جميع الاحكام والقرارات المبرمة التي صدرت قبل صدور هذا القانون وتلك التي ستصدر بعد دخوله حيز التنفيذ والمتعلقة بمطالب او تدابير مخالفة لأحكامه، ويبقى هذا التعليق ساريا لغاية إنتهاء مهلة تطبيق المنصوص عليه في المادة 14 وإنتهاء تمديد هذه المادة في حال حصولها.
وأيضا من ابرز الملاحظات التي وضعت على مواد مشروع قانون الكابيتال كونترول ما يتعلق بالمادة السادسة حول السحوبات. فقد ورد في هذه المادة: “باستثناء حسابات “الاموال الجديدة” تخضع جميع السحوبات النقدية لضوابط وقيود تحددها اللجنة. وتسمح هذه القيود للفرد بأن يسحب شهريا من حسابه المصرفي مبلغا لا يزيد عن 1000 دولار أميركي إما بالعملة الاجنبية او بالعملة الوطنية او بالعملتين معا. اما الملاحظة التي اضيفت فهي “يقتضي طلب استيضاح من مصرف لبنان عن المبلغ الشهري الذي يمكن للمصارف تسديده للعملاء والمدة الممكن الالتزام بها، وفي حال كان التسديد سيحصل بالعملة الوطنية، فأي سعر صرف سيُعتمد؟
المصدر :النهار