صندوق النقد الدولي يشترط لاقراض لبنان اقرار مشروع قانون موازنة العام ٢٠٢٢من ضمن سلة الشروط التي يفرضها الصندوق ،ولكن مع مرور ثمانية اشهر على بدء العام يبدو ان هذه الموازنة لن تبصر النور بسبب عاملين اثنين يعرقلان اقرارها :الاتفاق على توحيد سعر الصرف في هذه الموازنة حيث تختلف الاراء بشأن ذلك فهناك من يطرح توحيد السعر على ١٢ او١٤ او١٨ او٢٢ الف ليرة لكن حتى الان لم يتم الاتفاق على اي رقم معين وقد طالب رئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان من وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال تحديد سعر الصرف الذي على اساسه يتم معرفة الايرادات والنفقات مع العلم ان بعض الخبراء يؤكدون ان توحيد السعر على اساس ١٢الف للدولار لن يفي بالغرض كون هناك مطالب موظفي الادارة العامة الذين يطالبون بزيادة رواتبهم وتنقلاتهم ومن اجل ذلك هناك من يطالب بأكثر من هذا الرقم لكي تنتعش خزينة الدولة لكن هذه المصادر تستبعد تحقيق هذه الايرادات مع الاوضاع الاجتماعية السيئة التي يعاني منها المواطنون بعد ان تخطى خط الفقر الـ ٧٠في المئة في المجتمع المدني.
ويقول نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعاده الشامي ان موازنة ٢٠٢٢ قد أُعِدَّت أصلاً على أساس سعر صرف ٢٠،٠٠٠ ل.ل. للدولار وهو السعر الذي كان سائداً في ذلك الوقت وعلى أساسه قُدِّرت الإيرادات والنفقات والتي تضمنت زيادة في الرواتب والأجور التي هَوَتْ إلى مستويات جد متدنية. لقد أدّى كل ذلك إلى تعطيل شبه كامل للخدمات العامة نظراً لتدني القدرة المعيشية لعاملي القطاع العام على اختلاف فئاتهم حتى وصل الأمر إلى عدم قدرة بعضهم الوصول إلى مراكز عملهم. وهذا قَلَّص بدوره من قدرة تحصيل إيرادات الدولة وفاقم من حدة الأزمة التي نعيشها اليوم. لقد أصبحت الحاجة ماسة لتصحيح الأجور في القطاع العام كما لزيادة إيرادات الدولة. أما المناداة باعتماد أسعار صرف أخرى، تارة ثمانية آلاف وطوراً عشرة آلاف ليرة للدولار الواحد أو غيرها من الأسعار فهي لا تعتمد على أي أسس أو معايير منطقية.
ويعترف الشامي ان الابقاء على سعر معين للدولار هو الذي ادى إلى تراكم الدين العام وعدم القدرة على تسديده. إنّ سياسة تمويل عجز الموازنة من البنك المركزي عبر طبع العملة كما جرت العادة عبر سنين عديدة لم تعد مسموحة ولا ممكنة حسب برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، وذلك لتجنب مزيد من التضخم وتدني سعر الصرف. لِذا عند مناقشة واعتماد السياسات المالية والنقدية وسياسة سعر الصرف، من المهم أن نُبقي التجارب السابقة نصبَ عُيوننا ونستفيد منها لنتدارك الأخطاء التي دفعت بالاقتصاد اللبناني نحو الهاوية.
اما العرقلة الثانية فهي موضوع تحديد سعر الدولار الجمركي الذي لم يعد مسموحا ان بيقى على سعر ١٥٠٠ليرة للدولار بينما تجاوز سعر صرفه في السوق الموازية الـ ٣٢الف ليرة وقد لاقى اعتماد سعر الدولار الجمركي على ٢٠ الف ليرة معارضة شديدة حتى من ضمن حكومة تصريف الاعمال لذلك احال الرئيس ميقاتي هذا الموضوع الى المجلس النيابي للبت به وبالتالي فأن الحكومة باتت تنتظر المجلس النيابي لمعرفة الاتجاهات التي ستسلكها الموازنة وان كان سعادة الشامي يفضل ربط سعر الدولار الجمركي بسعر المنصة الذي سيصبح السعر الرسمي بعد الغاء كل الاسعار الاخرى للدولار .
وعلى ضوء ذلك من المستبعد ان يتم اقرار موازنة ٢٠٢٢ اولا بعد مرور ثمانية اشهر من السنة الحالية وتطبيق الصرف على اساس القاعدة الاثني عشرية وثانيا بسبب انصراف المجلس النيابي الى درس واقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول دون غيره من مشاريع القوانين التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وثالثا انصراف هذا المجلس الى التحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية .
لقد اشار وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل الى ان موازنة 2022 هي موازنة تصحيحية استثنائية وطارئة وليست موازنة اصلاح مالي وهي حاجة لتصحيح التداعيات الكبيرة الناتجة عن تدهور سعر الصرف على المالية العامة ولفت الى ان تدهور سعر الصرف ادى الى تراجع الواردات من جوالى 20 في المئة من الناتج المحلي الى 10 قي المئة منه والى تقليص الامكانيات التمويلية للدولة والى التاثير سلبا على عمل الادارات العامة.
لذلك فان الاستمرار في تطبيق الفاعدة الاثني عشرية يعني ابقاء القديم على قدمه خصوصا بعدم القدرة على توحيد سعر الصرف في الموازنة وعدم القدرة على تسعير الدولار الجمركي اضافة الى عامل اضراب الموظفين في القطاع العام الذي يؤثر سلبا على ايرادات الدولة.
المصدر : الديار