“المهمة أنجزت في جزئها الأول، حيث تم تحديد مكان القارب، أما انتشاله فيحتاج إلى معدات أكثر قدرة مما جرى توفيره، كونه غرز عميقاً في قعر البحر”. هو مختصر النتيجة التي أعلنها النائب اللواء أشرف ريفي عن مهمة الغواصة التي استُقدمت إلى لبنان، من قبل ريفي وزميله النائب الياس الخوري.
بعد مضي أسبوع كامل على انطلاق مهمتها في أعماق البحر، أنهت الغواصة الهندية ما طلب منها بالعثور على المركب الغارق قبالة شاطئ طرابلس، بعدما بلغ طاقمها مرحلة اليأس من إمكانية انتشاله والجثث العائدة لأكثر من 30 مفقوداً.
واعتبر فريق الغواصة أنّه أنهى مهمته خلال الفترة التي حدّدها، وهي أسبوع، وتمكن بكلّ إمكانياته المتاحة، أن يحدد مكان المركب وهو بعمق 459 متراً وعلى مسافة 130 متراً من مكان غرقه، وأن يلتقط له صوراً من محيط غرقه.
وأعلن سائق الغواصة سكوت ووترز في مؤتمر صحفي في طرابلس أن “أول جثة عثر عليها كانت خارج الحطام لكن معظمها تحلل منذ الغرق، غير أن الأجزاء المتبقية كانت بالأساس قطعا من الملابس وبعض العظام. وتعرّف الطاقم على 6 جثث أخرى في الحطام وعدد كبير من الركام حول الزورق، مرجّحاً أن بعض الأشخاص الذين حاولوا الهرب من الزورق “علقوا في ذلك الركام”.
وأضاف: “أن أحد آخر المقاطع المصورة والصور التي التقطناها كان لرفات شخص، ذراع حول ذراع”.
بدورها، أكدت المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان في بيان مشترك لها مع المنظمة الدولية للهجرة، أنّه “كان على متن القارب نحو 84 شخصاً من جنسيات مختلفة”.
ويذكر أنّ تكلفة عمل الغواصة الهندية التي استُقدمت من جمعية “Aus Relief”، بحسب تصريح للواء أشرف ريفي تبلغ 251 ألف دولار، بالإضافة إلى حوالى 50 ألف دولار تكاليف إقامة طاقم الغواصة والفريق المسؤول عن أرشفة المهمة.
من جانبه، أكّد قائد القوات البحرية اللبنانية، هيثم ضناوي أن “كل المقاطع المصورة من طاقم ووترز هي مع القضاء، وهو يحقق في قضية غرق الزورق”.
ريفي
النائب أشرف ريفي الذي يتابع القضية من الأساس، أكد لـ”النهار”، أنّه “سيعرض للرأي العام خلال مؤتمر صحافي كل المستندات والأفلام الخاصة بحادثة المركب الغارق في طرابلس. وأوضح أن الغواصة ستقوم بتقديم تقريرها الذي يحتاج إلى نحو 10 أيام للصدور”.
وفيما لم يسلم الجيش من الانتقاد والاستهداف، خصوصاً بعد إشاعة معلومات أن الغواصة سلّمته صوراً بتقنية حديثة، بينما عملت المؤسسة العسكرية على نشر صور بتقنية منخفضة، اعتبر ريفي أنّه “ما يُشاع محض افتراء، لدينا أفلام لم تصل بعد، لكن حين تصل سنعرضها، وأعتقد أنّ هناك من هو “مدفوش” ويروّج كلاماً عن الجيش في محاولة لتثبيت أنّه ضرب الزورق”.
ريفي الذي رفض الخوض في تفاصيل ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل من فيديوات تقول إن الجيش من ضرب المركب، أشار إلى أن المسألة تحتاج إلى تحقيق، خصوصاً أنه ليس معلوماً أن الفيديو المتداول هو عن نفس المهمة في طرابلس، ولا يؤكد ان الجيش من قام بضرب المركب، من هنا، فالأفضل انتظار التحقيقات. ولفت إلى أنّ “الجانبين الأيمن والأيسر من المركب لم يتضرّرا وأنّه كان تلامس (contact) لطراد الجيش والمركب، لذلك يُنتظر تقرير طاقم الغواصة لتأكيد الأمر رسمياً”.
وقال ريفي رداً على سؤال عن المسار الذي يمكن أن تسلكه الجهود في المرحلة المقبلة: “عملنا اللي فينا عليه”، و”باستطاعة الدولة عبر حكومتها أو رئيس الحكومة تسديد نفقات سحب الجثث من قاع البحر، خصوصاً أنّه من طرابلس”.
خوري
بدوره، اعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب إيلي خوري في حديث لـ”النهار” أنّ الغواصة لم ترحل من دون أن تقدّم أي نتائج، إنّما “كانت نتائجها ملموسة بفعل ما تمتلك من تقنية متقدّمة، فحدّدت موقع الزورق وأنّه عالق في مواد رملية وصخرية تعرقل انتشاله عبر 4 بالونات من الجهات الأربع تُنفخ وتسمح له بالصعود إلى سطح الماء”.
وأوضح نائب القوات اللبنانية عن مدينة طرابلس أنّ “الزورق ليس مصنوعاً من الحديد أو الخشب، ما تسبّب باهترائه ويمنع الضغط عليه لأنّه سيتفكّك. حتى إنّ إحدى الجثث التي وُجدت كانت متحلّلة بفعل الأملاح في البحر ما جعلها تنشطر، وهو الأمر الذي منع المسّ بأي جثة لاعتبارات دينية، وتمّ اللجوء إلى سماحة المفتي لإصدار فتوى تسمح بانتشال بقايا الجثة، إنّما لم تكن تقنيات الغواصة تسمح للطاقم بمتابعة الأعمال”.
وشدّد خوري على أنّ “الموضوع لا يحتمل تأويلات، لأنّ طاقم الغواصة بما يملك من قدرات عملية وتقنيات قام بما يمكن ان يقوم به، وقدّم تقريره إلى قيادة الجيش بكافة الحقائق، وهذا أقصى ما يمكن لهذه الغواصة وطاقمها فعله، وأتمت مهمتها على ما قدر ما تسمح به تقنياتها، وما يحصل هناك من يرتكب جريمة أخرى بحق الأهالي “يللي معلقين بحبال الهوا”، لذا لا يجوز اطلاق التحليلات بطريقة عشوائية”.
وتابع الخوري: “نحن كحزب قوات لبنانية بالتنسيق مع النائب أشرف ريفي، لا نتدخل في مسار التحقيق. وكرّرنا تمنياتنا على الدولة اللبنانية والدول الصديقة القادرة على تأمين تقنيات أفضل أن تقدّمها لمتابعة التحقيق وليُعرف كل شيء، فمهمّتنا إنسانية تجاه أهالي الضحايا وتجاه أهالي طرابلس”.
أمام هذا الواقع، باتت المسؤولية كبيرة على الدولة اللبنانية التي من المفترض ان تتحمل منذ البداية المسؤولية في حادثة غرق الزورق.
النهار