في الوقت الذي لم يصدر عن صندوق النقد الدولي اي تصريح سلبي ام ايجابي لمسار اقرار مجلس النواب مشاريع القوانين التي يصر عليها لاقراض لبنان اربعة مليارات دولار خلال ثلاث سنوات خصوصا بعد جلسة اللجان المشتركة لدرس قانون الكابيتال كونترول وترحيله الى مجلس الوزراء الذي يقوم اليوم بتصريف الاعمال وغير القادر على فعل اي شىء تجاه ذلك وربطه بخطة اصلاحية للتعافي الاقتصادي ،فأن الظاهر اليوم انه ليس هناك نية حكومية او سياسية لاقرار هذه القوانين في العهد الحالي والدليل على ذلك انه رغم مضي حوالي الخمسة اشهر على توقيع الاتفاق المبدئي بين لبنان وصندوق النقد فأن ايا من مشاريع القوانين التي يريد اقرارها لم تبصر النور لغاية الان باستثناء قانون السرية المصرفية الذي اقره المجلس النيابي ولم يحظ برضى الصندوق تظرا لان المجلس اسقط موضوع المفعول الرجعي الذي كان يطالب الصندوق حتى ان رئيس الجمهورية كان قد اعاده الى المجلس النيابي نظرا للشوائب فيه.
لا يوجد اي مبرر للتأخير في اقرار القوانين سوى الرغبة السياسية بعدم اقرارها في هذا العهد الذي تريده الخروج من الحياة السياسية خالي الوفاض وانها تفضل اقرار هذه القوانين في العهد الجديد لانطلاقة اقتصادية ومالية ووضع لبنان على السكة الدولية والانفتاح على العالم او انها لا ترغب بإقرار هذه القوانين غير الملائمة مع طبيعتها السياسية التي تفضل ان تبقى ممسكة بمقاليد الحياة السياسية والاقتصادية وتخوفها من ان اقرار هذه القوانين غير الشعبية ان تنعكس سلبا على كيفية التعامل مع مناصريها ومؤيديها ان خصوصا بالنسبة لاقرار الكابيتال كونترول او بالنسبة للموازنة للعام ٢٠٢٢وهذان القانونان لن يعد لهما اي قيمة فعلية بعد ان كان المفروض ان يطبق الاول منذ اوائل الثورة في تشرين ٢٠١٩والذي افرغ من مضمونه والثاني بعد ان مر ثمانية اشهر من العام الحالي ولم يقر بل ما زالت الدولة تطبق القاعدة الاثني عشرية في موازنتها مع الخلاف حول توحيد سعر الصرف والدولار الجمركي وهذا الموضوع في التملص السياسي من اقرار الاصلاحات ليس جديدا لان مؤتمرات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 ومؤتمر سيدر كانت تنص على تطبيق الاصلاحات في مقابل اقراض لبنان المليارات من الدولارات فحصل لبنان على هذه الاموال بينما لم يتم تطبيق الاصلاحات من خلال السياسيين والمسؤولين الحكوميين .
ومما يزيد من الضغوط على اقرار هذه القوانين ان مشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي لم يبصر النور ولن يبصره في هذا العهد في الوقت الذي تستمر فيها المصارف في استعمال القوانين التي تعجبها من استمرارها في حجز اموال المودعين ومزاجيتها في اعطاء مبالغ معينة لهم حسب اوضاع كل مصرف وعدم تطبيقها التعاميم التي لا تخدم مصالحها ،اضافة الى انشغال النواب بانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية التي دخلت في المهلة الدستورية لذلك وسط التخوف من الفراغ في حال لم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد .
ليس معروفا بعد ماذا سيفعل صندوق النقد الدولي ازاء المماطلة السياسية تجاه الاتفاق معه لكنه لن يقف متفرجا بل سيقوم يالضغوطات اللازمة لان وضع البلد لم يعد ينتظر المزيد من المراوحة في الوقت الذي اصبح فيه البلد خارج الخدمة كليا بدليل وقوف حكومة تصريف الاعمال موقف العاجز عن انجاز اي شىء لمصلحة المواطن المسكين .
مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر وصف الواقع المهترىء بالنسبة لاصحاب المولدات الخاصة الذين باتوا يسعرون بالدولار بتاكيده ان مخالفة التسعيرة في المولدات تحتاج الى مصلحة حماية المستهلك التي لا يعمل موظفوها بسبب اضراب القطاع العام ولا يمكن تسطير محضر ضبط بحق المخالفين بسبب اضراب القضاة ولا يمكن تسليم المولدات المخالفة الى البلديات التي تشكو من نقص في المازوت .
على اية حال فانه من المتوقع ان تبرز مواقف صندوق النقد الدولي مباشرة عبر مسؤوليه او عبر اللبنانيين الذين يشاركون في متابعة المفاوضات الجارية وان لناظره قريب .
الديار