على الرغم من أن الأولوية في المشهد السياسي في الساعات المقبلة، ستكون لما ستحمله زيارة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكستين، فإن السباق الرئاسي ما زال يتقدّم هذا المشهد، ولو بشكلٍ غير مباشر، من خلال إجراءات وخطوات سياسية وغير سياسية تقترب من الإستحقاق الرئاسي وتسير إلى جانبه، ولكن من دون تسجيل أي حركة جدية، على الرغم من بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ أسبوع.
وقد توقفت مصادر سياسية مطلعة، عند المقاربات التي يجري الإعداد لها من قبل أكثر من فريق سياسي من أجل المرحلة المقبلة، وتحديداً مرحلة الشغور الرئاسي، والتي تبدو وكأنها احتمال وحيد في ظلّ المؤشرات المتتالية خلال الأيام الماضية، على عدم انعقاد أي جلسة إنتخابية قبل الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأسبوع المقبل، من أجل إقرار مشروع قانون الموازنة ومشاريع القوانين الإصلاحية التي يتطلّبها الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ووفق هذه المصادر، فإن المعارك السياسية التي انطلقت بالتوازي مع بدء مهلة الإستحقاق الرئاسي، تحمل أيضاً دلالة واضحة على أنه ما زال من المبكر الدخول في مرحلة غربلة الترشيحات، والتي اقتصرت حتى اليوم على بعض الشخصيات التي أعلنت ترشيحها، بينما السباق الحقيقي لم يبدأ بعد، وكأن هناك قناعة باتت ثابتة لدى المعنيين، كما لدى المرجعيات كافةً، بأن فترة الشغور الرئاسي ستنطلق مع نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن غير الواضح موعد نهايتها.
وتشير المصادر السياسية المطلعة، إلى أن تفاقم الأزمات الحياتية وإقفال كل أبواب الحلول لأزمة تأليف الحكومة، وصولاً إلى تطورات ملف الترسيم التي ما زالت ضبابيةً، تشكل عوائق أمام أي دينامية سياسية وقانونية لمقاربة الملف الرئاسي، وتحول بالتالي دون إطلاق نقاش جدي حول صيغة توافق تمهّد لاتفاق الكتل النيابية على انتخاب رئيس تسوية لا يشكّل أي تحدٍّ لأحد.
وفي الوقت الذي تتّجه فيه الأنظار إلى نتائج زيارة هوكستين، تتوقّع هذه المصادر، أن يخطف ملف الترسيم الأضواء عن كل الملفات والإستحقاقات الأخرى، على الأقل في الأيام المقبلة، على أن يليه العنوان التشريعي في الأسبوع المقبل، وهو ما يعزّز الإعتقاد بأن ما عاشته الساحة الداخلية من شغور في فترات سابقة سيتكرّر، بدلالة إستحضار تجربة الصراعات السياسية والإصطفافات الطائفية حتى، فيما الخلاصة الوحيدة هي استقرار مشهد الأزمة الدائمة في العمق، وغياب الحلول الجذرية والإكتفاء بالتسويات المؤقتة، وبالتالي الاستمرار في إدارة الأزمة، ولكن من دون أن تكون هذه التسوية وشيكةً، على الأقل إلى اليوم.
وفي سياق متصل، فإن المصادر لا ترى في الأفق المنظور أكثر من سيناريو تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، وإدارة الأزمة الخطرة الناجمة عن الفراغ الحكومي والشغور الرئاسي والصراعات سياسية والإنهيار الإقتصادي.
الديار