لعل “الترند” الأكثر رواجاً أخيراً كان لجوء اللبنانيين لتركيب ألواح الطاقة الشمسيّة بديلاً لـ”كهرباء الدّولة” التي تحتاج هي الأخرى إلى ألواح طاقة لتشغيلها بسبب انقطاعها شبه الكامل منذ مُدّة طويلة. كثيرون وجدوا في الطّاقة الشمسيّة بديلاً فعّالاً من اشتراك المولّدات الخاصّة التي ازدادت أسعار فواتيرها نتيجة لارتفاع أسعار الدولار ومعه المحروقات، إضافةً إلى التّقنين الذي يعتمده أصحاب المولّدات في لبنان. أغلب الذين اختاروا اللجوء إلى الطاقة الشمسيّة كان دافعهم “لريّح بالي”، على اعتبار أن لا مشاكل كبيرة قد يعاني منها المستخدم من جهة صيانة أعطال الكهرباء المتكرّرة.
لكنّ اللافت في الآونة الأخيرة، بروز مشاكل عدّة في “نظام الطاقة الشمسية” عند الكثير من الناس، فقد أثارت حادثة احتراق ألواح الطّاقة الشمسيّة على أحد أسطح المباني في بلدة بشامون، التي انتشرت على مواقع التّواصل الاجتماعي قبل شهرين تقريباً، وما تبعها من أعطال في منازل أخرى، خوف الكثيرين من الطّاقة الشمسيّة والأضرار التي تنجُم عن سوء تركيبها.
أعطال مفاجئة ونتائج كارثيّة
الأسبوع الفائت، نشر الإعلامي رجا ناصر الدّين عبر حسابه على “إنستغرام” مقطع فيديو صوّره داخل منزله يُظهر احتراق مطبخه، موضحاً السبب في تعليق “هذا الفيديو في مطبخ منزلي بعد تعرّضه لحريق بسبب بطاريّات UPS على الطّاقة الشمسيّة، الحمد لله أنني نجوت من هذا الخطر المحدق. توخّوا الحذر الشديد لأنها قنابل موقوتة في المنازل”. سُرعان ما تفاعل الناس مع ما نشره رجا، مع تحذير البعض من الطاقة الشمسيّة ومَن يعمل بتركيبها.
كذلك داوود، أحد الذين واجهوا مشكلة كبيرة مع نظام الطّاقة الشمسيّة بعد شهر واحد فقط من تركيبها، يذكر لـ”النهار” أنّه “بعد تركيب الـ(inverter) بشهر واحد فقط، تعطّل الجهاز وكاد أن يسبّب مشاكل في الكهرباء الخاصّة بالمنزل. حاول إصلاحه عبر الاستعانة بشخص يعمل ضمن المجال، وبعد مرور ٣ أيام، عاد العطل نفسه من جديد، ليزيد تكاليف أخرى و”وجعة رأس” لم يكن يتوقّعها. ثم استعان بخبير آخر لإصلاحه، لم يعرف مشكلته هو أيضاً، حتى عاد واستبدله بآخر أغلى ثمناً وأفضل نوعيّة، ليتبيّن لاحقاً أنه لكي “يوفّر على جيبه” اشترى جهازاً رخيص الثّمن، نوعيّته غير معروفة في السّوق. لكن توفيره هذا كلّفه أضعافاً بعد الصيانة.
ما يريد الناس معرفته عن صيانة الطّاقة الشمسيّة
أكثر ما يطرحه مستخدمو الطاقة الشمسيّة وحتى الراغبون في استعمالها من أسئلة كانت حول الصّيانة، كيفيّتها وتكاليفها، إذ يريدون معرفة متى يجب أن ينظّفوا ألواح الطّاقة كي تبقى على الفعالية نفسها، وعن مدّة عملها، بالإضافة إلى العُمر المتوقَّع للبطاريّات.
“إذا تم تركيب نظام الطاقة الشمسيّة بالطريقة الصّحيحة مع استخدام بضاعة ذات جودة عالية، فإنه لا حاجة للتّفكير بالصيانة طوال الوقت، يكفي فقط تنظيف ألواح الطّاقة من الغبار دورياً كي تبقى على الفعاليّة نفسها”، هذا ما يؤكّده المهندس مارك أيوب لـ”النهار”. إلا أنّ “الخطورة تكمن في عدم تركيب النظام بالطريقة الصحيحة، الأمر الذي يؤدّي إلى المشاكل التقنيّة”.
وبرأيه، “العمر الطبيعي لألواح الطّاقة الموجودة في السّوق اللبناني يراوح بين 10 و15 سنة”. أمّا عن البطّاريات، فيوضح أيّوب أن “في السوق اللبنانيّة نوعين منها”. الأوّل هو (lead acid battery) ويتراوح عمرها بين 3 و4 سنوات، أمّا النوع الآخر (lithium battery)، فيصل عمره إلى 10 سنوات، لكنّه باهظ الثمن مقارنة بالنوع الأوّل.
من جهته، صاحب شركة (green energy) المهندس جهاد لحّود، يشير إلى أنّ “الزبائن وأثناء عمليّة التركيب، يطرحون السؤال المتعلق بالصيانة مخافةً من الأعطال خاصّةً تلك المتعلّقة بالبطاريّات”. ويعطي شركته مثالاً، إذ تمنح زبائنها كفالة لمدّة عام كامل لصيانة الأعطال التي قد تطرأ بعد التركيب، عدا عن كفالة أنواع من البضاعة تُمنح من الشّركة المصنِّعة.
إلى ذلك، توضح “مؤسّسة سعد الدين للتجارة العامّة”، لـ”النهار” أنّها لا تكفل البضاعة بعد التركيب، إلّا تلك المكفولة من الشركة المصنِّعة أساساً، باعتبار أنهم لا يستطيعون كفالة بضاعة لا يعرفون كيف صُنعت. ويؤكّد المهندس الذي يعمل ضمن المؤسسة أنّ “لا كفالة ضد الصواعق، وهم يخبرون الزبون بذلك، وبضرورة الاستعانة بشركة متخصّصة لمانع الصواعق، لأنّ “الخضرجي اليوم عم يركّب طاقة شمسيّة والحدّاد عم يركّب مانع صواعق”.
نصائح تقنية حول صيانة ألواح الطاقة الشمسية
المدير التنفيذي لشركة “أساكو” الرائدة في مجال تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، المهندس رمزي أبو سعيد، في حديث مع “النهار”، يشرح بالتفصيل ما يجب معرفته عن صيانة الألواح، بالنقاط الآتية:
– صيانة الألواح هي وقائية منذ تركيبها، فأيّ خلل في التركيب أو التصميم يكلّف الشخص صيانة وكلفة إضافيّتين ويهدّد حياته.
– في حال أنظمة الطاقة الجيّدة ذات النوعية والتصميم الجيّدين، تكمن الصيانة الوقائية في تنظيف الألواح.
– يجب تنظيف الألواح 3 مرات سنوياً في أول الصيف ومنتصفه وأواخره.
– خلال تنظيف الألواح، يجب عدم استخدام مواد كيميائية، مع مراعاة تنظيفها وهي باردة، في وقت مبكر من اليوم أو مساءً.
– تنظيف الألواح لا يزيل الخطر الناتج عن المشاكل التقنية المتعلقة بجودتها، بل على العكس، يعرّض مَن ينظّفها للخطر.
– على الألواح أن تكون معزولة وبعيدة عن الأشخاص، ويجب على مَن يركّبها فحص الإنتاجية وفحص العزل قبل تشغيلها.
– إن لم تكن الألواح الشمسية معزولة، فالخطر موجود.
– خبرة وكفاءة الجهة التي تركّب هذه الأنظمة أمر في غاية الأهمية.
– استخدام أنواع معيّنة من الكابلات والوصلات ذات النوعية الجيدة أمر يجب التنبّه إليه.
– اعتماد نظام طاقة شمسية ذات نوعية رديئة، يركّبها أشخاص غير أكفاء، لا تنفع معه أيّ صيانة.
– البطاريات تبعث غاز الهيدروجين، لذلك يجب مراعاة وضعها في مكان فيه تهوية لا في مكان مغلق أو في مكان يتنفّس فيه الإنسان. كما يجب أن توضع في مكان بعيد عن النار، وإلّا انفجرت. فإذا ثُقبت البطارية مثلاً، فإنها تشكّل خطراً كارثياً.
– يجب أن تُقام عملية التأريض للمعادن الموجودة على أيّ سطح تركَّب عليه ألواح الطاقة، لسحب الصواعق إلى الأرض مباشرةً، وهذه العملية لا يعرفها الكثيرون في لبنان، فدخول الصواعق إلى وصلات الكهرباء يشكّل خطراً.
– عشوائية التركيب مع دخول الأشخاص غير المتخصّصين، قد تعرّض الألواح لأن تطير وسط العواصف.
لا شكّ في أنّ استعانة اللبنانيين بالشّمس كمصدر طاقة كانت في مكانها، في ظلّ غياب محطات الدولة الكهربائية وغلاء أسعار اشتراكات المولدات الخاصّة مع تقنينهما القاسي. لكن الواضح أنّ بعد مرور أشهر على “الترند” أنّ “ثقافة الصّيانة” ما زالت غير موجودة لدى الغالبيّة، لما يحصل من أعطال في المنازل. والأكيد أنّ هذه الحالات ليست معياراً، لكنّها قد تتكرّر بحال عدم فهم المستخدمين للطريقة المُثلى لاستخدامها والاستفادة منها.
النهار