فيما تُنسج سيناريوهات حول «حرب غاز» محتملة في حال عدم الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قريباً، فإنّ المشهد الداخلي غارق هو الآخر في سيناريوهات متعدّدة حول التأليف الحكومي من جهة والاستحقاق الرئاسي من جهة ثانية، في ظلّ تعقيدات ليس من السهل حلّها، خصوصاً انّ المواقف إزاء هذين الملفين لا تزال متباعدة جداً، سواء بين المعنيين بتأليف الحكومة او بين جميع الأفرقاء والقوى والكتل المنشغلة بالانتخابات الرئاسية وشخصية الرئيس العتيد، حيث تبدو الصورة كأنّ كل فريق يريد إيصال رئيس من صفوفه، رافضاً في المطلق ان يكون من صفوف الفريق الآخر، ما يدّل إلى مدى البون الشاسع بين المعنيين الذي قد يحتاج إلى وقت طويل لتذليله والاتفاق على رئيس يقبل به الجميع.
كل هذا يحصل فيما الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية تزداد يومياً تفاقماً واستفحالاً على كل المستويات، موقعة اللبنانيين في مزيد من الفقر والعوز. ويزيد في الطين بلّة، قصور السلطة عن تأمين الحدّ الأدنى من المعالجات للتخفيف من وطأة هذه الأزمة عن كاهل اللبنانيين، انتظاراً للمعالجات الموعودة الآن وبعد إنجاز الاستحقاقات المقبلة.
لم يُسجّل خلال عطلة نهاية الاسبوع اي جديد على مستوى المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة، ولكن كما في مطلع كل أسبوع، تجدّد أمس الحديث عن لقاء محتمل هذا الاسبوع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، من دون أي سند او معلومات مؤكّدة من أي من الطرفين.
وقالت مصادر مواكبة للمساعي الجارية لـ«الجمهورية»، انّ المحاولات لتحقيق التوافق بين عون وميقاتي لم تسجّل أي تقدّم بعد، حتى انّ مشاريع الحلول المطروحة لم ترق إلى مستوى تحديد موعد مجدٍ بينهما يحقق النتائج المرجوة، وإن التقيا غداً او بعد غد او في نهاية الأسبوع، فإنّ اللقاء سيكون السابع بينهما ولن يحقق نتائج ملموسة توفّر المخرج الذي يؤدي إلى تشكيل الحكومة بأي من الصيغ المتداول بها حتى الآن. واكّدت المصادر، «انّ معظم ما هو مطروح من مخارج وخطوات من خارج آلية تشكيل الحكومة لا طعم دستورياً له ولا يستأهل الاهتمام على المستوى الدستوري الذي نصّ على آلية تشكيل الحكومة وما تسبقها من استشارات نيابية ملزمة وغير ملزمة، وأنّ اي طرح آخر يعدّ خطاباً سياسياً لا وجه قانونياً ولا دستورياً له».
الاستحقاق الرئاسي
وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، وفي مطلع الايام العشرة الثانية من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية التي بدأت في الأول من الجاري، يبدأ وفد من تكتل نواب «قوى التغيير» اليوم الاثنين جولة أولى من اللقاءات مع جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين، لشرح أهداف المبادرة التي كان اطلقها الأسبوع الماضي، والاستماع لوجهة نظرهم، بهدف «الوصول إلى لبننة الإستحقاق، من خلال التحلّي بالمسؤولية الوطنية والاتفاق على مسار إنقاذ يبدأ بالاستحقاق الرئاسي». حسبما قال التكتل في بيان أمس.
وفي المعلومات المتوافرة، انّ برنامجاً وضعه التكتل لتشمل اللقاءات الكتل النيابية كافة، فلا تقتصر على البرامج السابقة التي كانت مقرّرة، من اجل تعزيز وتنسيق المواقف مع الكتل المعارضة والنواب المستقلين، ولكنها ستشمل مختلف القوى، بما فيها كتل نواب «الوفاء للمقاومة» و«التنمية والتحرير» و«لبنان القوي» و«الجمهورية القوية».
موقف المعارضة
في غضون ذلك، قالت مصادر المعارضة لـ«الجمهورية»، انّ «الحركة الرئاسية ما زالت بطيئة، فهناك حركة ترشيحات، ولكن الكتل النيابية لم تكشف عن أوراقها بعد، ومن المتوقّع ان تشهد هذه الحركة تزخيماً مع الزيارات المعلنة للنواب الـ13 إلى رؤساء الكتل المعارضة، فيما هذه الحركة بالذات ناشطة وراء الكواليس بين القوى المعارضة التي يبدو انّها انتقلت إلى المهمّة الأصعب بعد ان حسمت ضرورة وحدة صفوفها والمواصفات الرئاسية بشقيها السيادي والإصلاحي ومنع وصول رئيس من فريق 8 آذار، وهذه المهمة عنوانها البحث عن المرشّح او المرشحّة التي تتجسّد فيها المواصفات المطلوبة».
وأضافت المصادر، انّ «هذه الحركة الناشطة على مستوى المعارضة لا تقابلها حركة مماثلة على مستوى الموالاة التي يتصدّر الواجهة فيها فريق العهد برأسيه الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل، ومن خلال تقديمه أولوية الحكومة على أولوية الرئاسة، ويمارس أقصى الضغوط على حلفائه وفي طليعتهم «حزب الله» تحقيقاً لهذا الهدف. وقد برز في الأسبوع المنصرم موقفان لعون وباسيل يثبتان هذا المنحى والتوجُّه:
ـ الموقف الأول أطلقه باسيل وأعلن فيه صراحة انّه في حال عدم تأليف حكومة جديدة، فسيتعامل مع حكومة تصريف الأعمال القائمة بكونها مغتصبة سلطة، ما يعني انّه مصمِّم على تطوير المواجهة السياسية في اتجاه دستوري، ما يولِّد الفوضى على هذا المستوى، ويزيد من حدّة الاشتباك والانقسام السياسيين. وقد تقصّد باسيل ان يضع حليفه «حزب الله» أمام خيارين لا ثالث لهما: إما ان يتبنّى موقفه بتأليف حكومة جديدة، وإما مرحلة ما بعد 31 تشرين ستختلف عن مرحلة ما قبلها.
ـ الموقف الثاني أطلقه عون وجاء مطابقاً لموقف باسيل لجهة رفضه استمرار حكومة تصريف الأعمال، وكاشفاً انّ الخطوة التالية جاهزة في حال لم تؤلّف حكومة جديدة. كما أكّد عون ما كان يتردّد في الإعلام بأنّه مع توسيع الحكومة إلى ثلاثينية بإضافة 6 وزراء دولة سياسيين، وإدخال بعض التعديلات الطفيفة على حكومة تصريف الأعمال القائمة. وحمّل عون الرئيس نبيه بري مسؤولية إجهاض هذه المحاولة».
ورأت مصادر المعارضة انّ موقف عون هذا «يؤكّد انّه يعمل على هدفين أساسيين:
ـ الهدف الأول تأليف حكومة جديدة يدخل إلى متنها النائب باسيل وتكون نسخة مكرّرة عن حكومة الرئيس تمام سلام لناحية تحوّل كل وزير فيها رئيس جمهورية، فتصبح الحكومة عملياً برأسين: ميقاتي وباسيل، وهذا ما يطمئن عون إلى استمرارية عهده عن طريق باسيل.
ـ الهدف الثاني إبقاء الفراغ الرئاسي مفتوحاً في انتظار اللحظة التي تنضج فيها الظروف السياسية المحلية والخارجية لانتخاب باسيل رئيساً للجمهورية.
وقالت المصادر نفسها «انّ هذين الهدفين يفسِّران تصويب عون على الحكومة لا الرئاسة، لأنّ حظوظ باسيل ضمن المهلة الدستورية معدومة، وهو في حاجة إلى فراغ طويل مدعّم بحكومة تواصل النهج نفسه الذي أرساه العهد، فيما عدم تأليف حكومة يسرِّع عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويعيد إنتاج سلطة جديدة وليس حكومة وظيفتها ان تكون منصة رئاسية متقدمة لباسيل وتهيئ له ظروف معركته الرئاسية».
الترسيم البحري
على صعيد الترسيم البحري، وبعد يومين على مغادرة الموفد الاميركي إلى مفاوضات الناقورة غير المباشرة عاموس هوكشتاين، قالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، إنّه سلم في زيارته الاخيرة إلى بيروت يوم الجمعة الماضي مشروعاً لترسيم الخط البحري كما أعدّه الجانب الاسرائيلي، وهو يعني القسم الأول من الخط البحري الذي ينطلق من النقطة البرية في الناقورة المعروفة بالـ«B1» وطريقة ترسيمه وفق الإحداثيات التي تتجاوز الخط المقترح من جانب لبنان، بما يبرّر خط «العوامات البحرية» التي نصبتها اسرائيل منذ العام 2000، والتي يعترض لبنان على وضعها في تلك المنطقة ولم تقبل اسرائيل أي طلب لبناني منذ ذلك التاريخ لسحبها او تغيير مكانها. وقالت المصادر، انّ هذه الإحداثيات أُحيلت إلى الفريق التقني في الجيش اللبناني من اجل اعطاء رأي لبنان فيها، ليكون ضمن ردّه الشامل على خطة هوكشتاين المنتظرة من الجانب اللبناني فور تسلّمه تقرير هوكشتاين النهائي المتوقع في مهلة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الجاري.
مصدر حكومي معنيّ ينفي
وليلاً نفى مصدر حكومي معنيّ لـ«لبنان24» ما يتم تداوله عن أنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سلّم مسؤولين لبنانيين اليوم إحداثيات خط العوامات البحرية التي تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، وذلك تحضيراً لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل».
تدخّل بايدن
إلى ذلك، كشف موقع «واللا» الإسرائيلي مساء امس الاول، عن تدخّل الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً عبر هوكشتاين في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل .
ونقل الموقع عن مسؤول اميركي بارز، انّ بايدن أوضح أنّ محادثات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ملف مهمّ ومُلحّ، وعدم وجود اتفاق بينهما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة. وقال انّ بايدن شدّد على هذا الأمر خلال المحادثة الهاتفية الأخيرة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الذي أشار إليه بمدى اهتمامه بالتوصل لاتفاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وفي السياق نفسه، قال مسؤولون إسرائيليون بارزون إنّ بلادهم أحرزت تقدّماً في المفاوضات مع لبنان، ولكنهم اعترفوا بوجود بعض الثغرات في طريق هذه المفاوضات الثنائية، التي تُدار عبر الوسيط الأميركي.
وأشار «واللا» إلى أنّ هوكشتاين توجّه بعد زيارته الاخيرة للبنان إلى تل أبيب، حيث التقى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال خولتا والمدير العام لوزارة الخارجية ألون أوشفيز.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إسرائيلي كبير، انّ الحكومة الاسرائيلية ستقدّم مقترحاً جديداً «يتضمن حلاً يسمح للبنانيين بتطوير احتياطيات الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع الحفاظ على الحقوق التجارية لإسرائيل».
وثيقة إسرائيلية
في هذا الإطار، أشارت وثيقة عسكرية إسرائيلية بثتها القناة 12 العبرية امس، أنَّ «احتمالاً معقولاً لنشوب مواجهة مع «حزب الله» مع تصاعد التوتر حول الحدود البحرية». وأضافت الوثيقة: «أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله يخطّط لحرب مع إسرائيل لانتشال نفسه من المشكلات الداخلية». وتابعت: «حزب الله أصبح «جشعاً وفاسداً» و»يفقد التأييد» في لبنان، وإنَّ قيادة «الحزب» باتت «تفقد السيطرة» على عناصرها في الميدان». ولفتت الوثيقة إلى أنَّ «مقتل قاسم سليماني جعل أمين عام «حزب الله» «معزولًا» وإنَّ تحالف إيران و»حزب الله» وسوريا «اهتز» في الفترة الماضية». ورأت انَّ نصرالله «قد يخوض حرباً مع إسرائيل من أجل استعادة شعبيته في لبنان».
إلى ذلك، اتهم رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، «حزب الله» بـ«اختطاف لبنان»، مؤكّداً أنّ «الصواريخ الإسرائيلية والقذائف المضادة للدبابات تغطي جنوب لبنان».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن كوخافي، قوله إنّ «لبنان و«حزب الله» سيتحمّلان العواقب إذا تضررت سيادة إسرائيل أو مواطنوها»، مضيفاً أنّ «الجيش الإسرائيلي لن يقف مكتوفاً».
وهدّد بـ«مبادرة استباقية» في لبنان أو أي ساحة لمنع أي هجمات»، مؤكّداً أنّ «تحكّم «حزب الله» بلبنان ومصيره سيجعله يدفع ثمناً مضاعفاً، أمنياً واقتصادياً». وقال: «الجيش الإسرائيلي يبادر ويهاجم الأسلحة التي تهدّد إسرائيل في كل منطقة من مناطق الشرق الأوسط، والجيش الإسرائيلي بادر بإسقاط الطائرات دون طيار التي حاول «حزب الله» استخدامها أخيراً»، حسب قوله.
ومن جهته، أشار قائد المنطقة الشمالية المنتهية ولايته، أمير برعام، في حفل تسليم وتسلّم القيادة بينه وبين الجنرال أوري غوردين، إلى أنّه «في أيامنا هذه وأمام محور الشر الذي تقوده إيران، يتمّ إحباط الشر وكبحه يومياً، وبعد مضي ثلاث سنوات ونصف منذ أن توليت منصب قائد المنطقة، أعتقد أنّه من حيث الوضع الاستراتيجي نشهد توازنًا أمنيًا جيدًا».
واعتبر أنّه «لا يزال التصوّر الذي يتمسك به «حزب الله« تجاه لبنان دفاعيًا، بدليل أنّ معظم أفعاله ضدنا تتمّ في سياق ردّ الفعل، إنّ أمينه العام حسن نصرالله رجل لديه تجربة طويلة ويفهم جيدًا تكلفة الحرب، وسنحت لنصرالله الفرصة في زيارة عدد غير قليل من عائلات ما يعتبرونهم «الشهداء»، فهو يواجه مقدارًا كبيرًا من المعضلات والتساؤلات حول الغاية والطريقة، هذه الشكوك لا وجود لها لدينا».
وأضاف برعام، «يُتهم «حزب الله» بمنع ازدهار لبنان وتنميته من خلال أعماله. وقد تضاءل مدى الخوف منه ولم يعد يسيطر على العناصر العسكرية الموجودة بمحاذاة الخط الحدودي بصورة مُحكمة كما كانت في السابق، وبات الفساد مستشريًا فيها، ونحن لا نستيقظ كل صباح ونسأل أنفسنا أي حرب سنخوضها اليوم. علمًا أنّ مهمتنا تتمثل في إبعاد الحرب وليس تقريب الحرب».
وبدوره، قال غوردين: «المنظر الذي يمكن مشاهدته من جبل كنعان، والهدوء في الجليل الأعلى والجولان يمكن أن يكون خادعًا، ولا يعكس عدم الاستقرار والأرض المضطربة إلى الشرق والشمال من حدودنا في كل من سوريا ولبنان، وكذلك في ضوء محاولات وكلاء إيران الرامية إلى التموضع في سوريا».
وإلى ذلك نقل موقع «واللا» الاسرائيلي عن غوردين قوله: «مهمتي الرئيسية الأولى هي الاستعداد للحرب ضد «حزب الله» في الساحة الشمالية، ثم الدفاع عن المستوطنات الشمالية، وهي المهمّة الثانية من حيث خطورة الأمر، لكنها مهمّة، وبالغة الأهمية، وتتطلب عملًا منهجيًا ومستمرًا وتكتيكيًا للغاية».
الأحقاد والكيديات
وفي المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من الديمان، انّه «لا يمكن العيش في جو من الأحقاد والكيديات والإتهامات والإساءات، على صعيد الأحزاب والتكتلات السياسية، كما يجري اليوم، بكل اسف. مثل هذا الجو يسمّ أجواء الحياة بين المواطنين». واضاف: «لذلك نحن لا نسكت بل نرفض شل البلاد، لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور، لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة، لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي، لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهورية، لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم. إننا ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان-الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، يكون رئيساً من البيئة الوطنية الإستقلالية ورئيساً جامعاً».
وفي عظة له في مزار القديسة رفقا في متنزه معاد، قال الراعي: «نصلي من اجل لبنان، ومن اجل فخامة رئيس الجمهورية ومعاونيه لكي نسمع كلام الله، فلا نستطيع ان نبقى في هذه الحالة من الفوضى في الحياة والعلاقات الاجتماعية، حالة التعطيل وكأنّ الغاية الأساسية اصبحت عندنا ان نعطّل كل شيء». وتمنّى الراعي على ممثل رئيس الجمهورية في القداس ان ينقل سلامه وسلام المطارنة إلى رئيس البلاد، وأن يؤكّد له «اننا ندعمه بصلاتنا لكي يواصل المسيرة وينهي عهده كما يجب لما فيه خير لبنان وشعبه، ونكون إلى جانبه في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، ونتعالى جميعنا عن كل المشكلات».
عودة
من جهته، متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة لاحظ انّ «الحكومة لم تُشكّل لغايات وأسباب، ولو صفت النيات لشُكّلت منذ زمن. والنواب المنتخبون يتأرجح معظمهم بين المصالح الخاصة ومصالح الجماعات التي ينتمون إليها، ولا يحسبون لمن انتخبهم حساباً. ولم يدعوا بعد إلى جلسة انتخاب رئيس للبلاد، رغم بدء المهلة الدستورية. والغريب أنّ الجميع يتحدث عن شغور في سدّة الرئاسة وكأنّه حاصل، عوض العمل الحثيث لإجراء الإنتخاب وتأمين انتقال طبيعي للسلطة في الوقت المحدّد في الدستور».
وحذّر عودة من «انّ المناكفات اذا استمرت وزاد التباعد لن تبقى جمهورية ليُنتخب لها رئيس. لذلك على الجميع التحلّي بالتعقّل والحكمة والحس بالمسؤولية».
«حزب الله»
وقال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال تربوي في بلدة عربصاليم الجنوبية امس: «نحن في «حزب الله» مع تشكيل الحكومة حتى لو بقي اسبوع او اسبوعين من عمر العهد. وما زلنا مقتنعين انّ تشكيل الحكومة افضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه، حتى لو قدّمت الحكومة انجازات محدودة، لأنّ الحكومة هي المعبر لخطة التعافي والإنقاذ».
وحول اختيار رئيس للجمهورية قال قاسم: «يجب ان نرى قواسم مشتركة بين غالبية الاطراف الموجودين على الساحة لنختار رئيساً ترضى عنه هذه المجموعات المختلفة».
وعن الترسيم البحري قال: «نحن في انتظار ان تتبلور الصورة بشكل نهائي، موقف «حزب الله» لن يتغيّر، اعلنه الامين العام، لأنّ حقوقنا المائية والنفطية والغازية نريدها كاملة غير منقوصة، ولا نقبل أي عذر لأخذ اي حبة تراب او قطرة ماء من ارضنا او مياهنا او نفطنا مهما كانت المبررات، ونحن نتابع التطورات، وعلى أساسها سنعبّر بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب عن اي موقف حسب مجريات المفاوضات ونتيجتها».
القوانين وصندوق النقد
من جهة ثانية، وقبل ايام على انعقاد جلسة مجلس النواب لدرس مشروع المزازنة العامة للدولة للسنة الجارية، أكّدت مصادر رسمية لـ«الجمهورية» وجوب إقرار مجلس النواب بلا تأخير القوانين المتعلقة بالاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، وهي: «الكابيتال كونترول»، السرية المصرفية، إعادة هيكلة المصارف، والموازنة.
وحذّرت المصادر من أنّه في حال استمرار الإمعان في تأخير البت بهذه القوانين التي يطلبها «الصندوق»، فإنّ الاوضاع الاقتصادية والمالية ستتجّه نحو مزيد من السوء والانحدار. ونبّهت إلى وجوب تفادي أي محاولة للتشاطر على «الصندوق»، عبر اعتماد تلك القوانين الملحّة بعد تفريغها من مضمونها، كما حصل على سبيل المثال مع قانون السرية المصرفية الذي ردّه رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي.
واشارت المصادر الى انّ إقرار الموازنة هذا الأسبوع سيكون أمراً إيجابياً، لكن «الصندوق» يعتبر انّها يجب أن تضمن حداً أدنى من المداخيل الضرورية للدولة، وإلّا فإنّها لن تكون مقبولة لديه.
الجمهورية