دفعت الأوضاع الأمنية المتوترة والفوضى التي تعيشها مدينة طرابلس، وكان آخرها جريمة التل، بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن المركزي لبحث الأوضاع في المدينة، بعد موجة انتقادات طالته وطالت ميقاتي وحكومته الغائبة عنها حتى من الجانب الأمني.
أراد مولوي من خلال الإجتماع الإيحاء بأن وزارته وأجهزتها وهو شخصياً، وعلى عكس ما يقال، يتابعون الأوضاع الأمنية للمدينة وان الأمور تحت سيطرتهم. ويعترف مولوي في كلامه بعد الإجتماع بأن طرابلس وصلت إلى فوضى أمنية غير مسبوقة في عهده وميقاتي، عندما يشير إلى أن «طرابلس لن تعود إلى الوراء ولا يمكننا ترك عصابات السرقة والأشرار وسنحد من تفلت السلاح والخطة الأمنية ستطبق».
إذًا، يعترف مولوي أن طرابلس في قبضة العصابات وحملة السلاح، والمهم في الإجتماع هو القرار المتخذ بوضع خطة أمنية جديدة لإعادة الأمن والإستقرار إلى ربوع المدينة، قال مولوي عن هذه الخطة إنها أصبحت مكتوبة «ولا يمكن الإفصاح عنها من أجل سلامة تنفيذها».
الخطة الأمنية كانت مطلب الطرابلسيين من إبن طرابلس وزير الداخلية منذ مدة، بعدما بلغ السيل الزبى في التفلت الأمني وقد تجاوز كل الحدود في المدينة وجوارها، وما كان يجب أن تحصل كل هذه الجرائم حتى تقرر الوزارة التحرك. إلا أن هذه الخطة لن يكتب لها النجاح بحسب متابعين إلا من خلال التنسيق الكامل مع الجيش الذي يتحرك لضبط الأمن في طرابلس في وقت كانت تغيب قوى الأمن الداخلي حتى عن ضبط السير على الإشارات في المدينة، وكان قائد الجيش في زيارته الاخيرة إلى طرابلس ولقائه مرجعياتها الروحية، قد طلب منهم المساعدة في خطبهم وعظاتهم وجولاتهم على الحد من التفلت الحاصل لا سيما عند جيل الشباب حيث تنتشر آفة المخدرات بقوة.
وعلمت «نداء الوطن» من مصادر متابعة، أن الخطة الأمنية التي وضعت ستعتمد بشكل أساسي على تكثيف التواجد الأمني لقوى الأمن الداخلي في طرابلس، والتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني الذي سيعزز تواجده فيها، وستتم ملاحقة مطلقي النار وحاملي السلاح في الأيام المقبلة.
في غضون ذلك، يرى متابعون أن «الخطة الأمنية والعسكرية بحاجة إلى رفع غطاء السياسيين عن عدد من المطلوبين ومفتعلي الإشكالات وإلا سيكون مصيرها كمصير الخطط التي سبقتها». ويشير معنيون بالشأن الطرابلسي إلى أن ما تعيشه طرابلس من فوضى اجتماعية مرده إلى انعدام التنمية الإجتماعية وغياب فرص العمل، وأن الحل سياسي بالدرجة الأولى، يأخذ بالإعتبار وضع خطة تنموية للنهوض بطرابلس المنكوبة في المرحلة المقبلة، من دون إغفال أن الفوضى المستشرية في المدينة بحاجة إلى تطويق قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة بالكامل.
وبانتظار جلاء ملابسات التحقيق بجريمة طرابلس التي أودت بحياة 4 أشخاص، وألا تصبح طي النسيان كسابقاتها، اكد وزير الداخلية بعد الإجتماع الأمني أن «الأمن لا يكون بالتراضي والإتفاق بل بالفرض، والقانون يجيز لنا ذلك، فالنيابة العامة التمييزية ستسهّل عملنا وستضفي الصفة الشرعية على عملنا». هذا ما ينتظره اللبنانيون من الدولة في كل المناطق وليس فقط في طرابلس، حتى تعود لها هيبتها، ولكن العبرة تبقى في التنفيذ.