تتنامى الخشية يومياً من التعقيدات المترتبة عن استمرار الإقفال القسري للمصارف، وتزداد التعقيدات وتتعمّق الأزمة المالية ويتضاعف الضغط على المودعين الذين يتفرّجون على ودائعهم “الإفتراضية” التي تتبخّر أمامهم، بينما ذهبت قلّة منهم إلى تحصيل وديعتها بالقوة، ما وضع اللبنانيين كلّهم في مواجهة غير محسوبة مع المصارف، وفي سباق مع بعضهم، لأن “الأموال هي من حساب غيرهم”.
وعن واقع الإضراب المستمرّ حتى إشعارٍ آخر، لاحظ رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، أن المصارف، لم تعد تقدّم خدمات مصرفية، كمنح القروض واستقطاب الودائع، ولكنها ما زالت تعمل على تسيير العمليات التجارية أي خدمات دفع وقبض الأموال المحوّلة من الخارج وإلى الخارج من لبنان أو “الفريش”، لأن هذه العمليات تتم عبر المصارف.
وكشف مارديني ل”ليبانون ديبايت”، أن إغلاق المصارف، يعرقل كلّ التحويلات المالية من الخارج للمواطنين كما للتجار، كما التحويلات التي يتلقاها التجار من الخارج، ومن المعلوم أن هذه العمليات، تؤدي إلى دخول الدولار “الفريش” إلى لبنان، وبالتالي، فإن الإقفال سيؤدي إلى إضعاف هذا “القسطل الرفيع”، الذي يغذّي السوق المحلية.
كذلك، فإن عمليات استيراد البضائع من الخارج ستتعرّض للتأخير، لأن تسديد المتوجبات من قبل التجار يتمّ عبر المصارف، بحسب الدكتور مارديني، الذي اعتبر أن العرقلة تنسحب على التعاملات الداخلية وإصدار الشيكات.
ورداً على سؤال عن استمرار سحب الأموال يتمّ عبر ماكينات السحب الآلي لدى كل مصرف، أكد الدكتور مارديني، أن الأمر ليس عملياً، لأن الكثير من العمليات المصرفية غير مُمكنة عبر هذه الماكينات ما يعرقل أعمال اللبنانيين.
من جهة أخرى، تطرّق مارديني، إلى تعميق مسألة الثقة بالقطاع المصرفي، علماً أن الثقة ضعيفة بهذا القطاع كما بالقطاع المالي بشكل عام في البلاد، والإقفال سيزيد من هذه المشكلة، ويضاعف خوف الناس وهلعهم وعدم ثقتهم بالمصارف لاعتبارهم أن الإضراب يأتي لأسباب أخرى، ما سيؤدي إلى مناخٍ من الهلع، ويدفع كلّ من يملك الليرة لتحويلها إلى دولار، لكي يحمي نفسه من المخاطر التي بدأ يشعر بها بسبب الإضراب.