أقرّ مجلس النواب في 18 تشرين الأول قانون رفع السرّية المصرفية عن الحسابات المصرفية، والذي يعتبر من أبرز القوانين الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي الى جانب قانون الموازنة الذي أقرّ أيضاً في حين أن قانوني الـ»كابيتال كونترول» وإعادة هيكلة المصارف لا يزالان قيد المراوحة.
لم يتمّ تعديل البنود الواردة في قانون السريّة المصرفية الصادر كما تمّ التوافق عليه في مجلس النواب، وهذا الأمر دفع بالنائبة بولا يعقوبيان الى إعداد العدّة لتقديم طعن امام المجلس الدستوري، على أن تستحصل على مؤازرة من قبل النواب التغييريين.
وحول تلك التعديلات التي تمّ التوافق عليها ولم ترد في القانون، يقول المحامي ورئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر لـ»نداء الوطن» إنها عدّة. في المادة الثانية من قانون السرية المصرفية البند 2، تم استثناء «رؤساء الجمعيات والهيئات الإدارية التي تتعاطى نشاطاً سياسياً وهيئات المجتمع المدني، كما وأزواجهم واولادهم القاصرين والأشخاص المستعارين و/أو الأوصياء وصاحب الحقّ الإقتصادي والمرشّحين للإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية كافة من احكام السرّية المصرفية، من خلال تملّكات متسلسلة أو وسائل سيطرة غير مباشرة متسلسلة اخرى أو خارجها عملاً بالقوانين المرعية».
أما البند 3 من المادة نفسها، فنصّ على أنه لا تطبق احكام السريّة المصرفية على «رؤساء وأعضاء مجلس إدارة المصارف ومدرائها التنفيذيين ومدققي الحسابات الحاليين والسابقين ورؤساء اعضاء مجالس إدارة الشركات التي تدير أو تملك الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية»، من دون ذكر الأزواج، الأولاد والشركات وأصحاب الحقوق الإقتصادية والمصالح لكل الفئات.
وتعليقاً على ذلك اعتبر ضاهر أنه «يجب ان تسري احكام القانون في ما يتعلق بشمول الأولاد والأزواج بصورة متجانسة ومتكافئة لكل الفئات استناداً الى مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 7 والفقرة «ج» من الدستور اللبناني، «لافتاً الى أن «هناك نوعاً من الإبهام في كيفية ربط القوانين وعدم وجود وضوح بالطريقة التي تمّت صياغتها».
واعتبر تلك الثغرات غيضاً من فيض بعض النقاط التي تمّت الموافقة عليها في مجلس النواب من قبل رئيس المجلس نبيه برّي ولم يتمّ تعديلها في صيغة قانون السرية المصرفية الأخيرة التي أقرّت.
مغالطات في القانون
وكانت الدراسة التي أعدتها الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين ALDIC، كلّنا إرادة، لجنة حماية حقوق المودعين لدى نقابة المحامين، المفكّرة القانونية والسرية المصرفية، أثارت بعض المغالطات التي لاحظتها في قانون السرية المصرفية، فقدّمت ملاحظاتها التي تصبّ في خانة ضرورة اعتماد المساواة بين كل الفئات وتوسيع صلاحيات القضاء.
فقانون السرّية المصرفية حصر صلاحيات القضاء المختص في طلب المعلومات المصرفية في مجموعة كبيرة من الجرائم المالية في الحالات التي يوجد فيها دعوى قائمة. هذا الأمر جرّد عملياً النيابات العامة من إمكانية طلب معلومات في إطار الاستقصاء وتكوين الملف قبل اتخاذ قرارها بإقامة دعوى عامة. والأسوأ أنه يمنع على أي مرجع قضائي مختص طلب معلومات في شأن أشخاص يتمتعون بحصانة ما إلا بعد الحصول على إذن مسبق بالملاحقة، طالما أن الدعوى لا تعد متكونة إلا بعد الحصول على إذن مماثل. من هنا، اعتبر التقييم أن الإصرار على تضمين المشروع عبارة «دعوى» بخلاف ما نقلته وسائل إعلامية عدة، إنما رمى إلى الحدّ من فعالية هذا القانون».
تحقيق جنائي
وبرأي ضاهر «يجدر تقديم اقتراح قانون معجل مكرر لمعالجة هذه الهفوات التي لم تعدّل في قانون السريّة المصرفية، حتى أنه يجب إنجاز تحقيق جنائي لمعرفة ملابسات عدم إنجاز التعديلات بعد التوافق عليها، «لافتاً الى أن «عدم إدراجها بأكملها في قانون السرية السريّة المصرفية هو أمر متعمّد ويجب التعامل معه على هذا الأساس».
في النهاية أعرب ضاهر عن خشيته من فتح باب جهنّم في المجلس الدستوري في حال تمّ الطعن بقانون السريّة المصرفية، ما سيجعله غير قابل للتنفيذ. وكنتيجة مباشرة لذلك الطعن ستتأخّر قافلة «تمرير» أو إنجاز القوانين المطلوبة من صندوق النقد وبالتالي «وضع العصي في دواليب» توقيع مجلس إدارة صندوق النقد على الإتفاق مع لبنان.
ملاحظات على القانون
سجّلت الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين ALDIC ، كلّنا إرادة، و لجنة حماية حقوق المودعين لدى نقابة المحامين ملاحظات عدّة على قانون السريّة المصرفية وجاء أبرزها كالتالي:
- يحتوي القانون مجموعة من النصوص والآليات المعقدة والملتبسة والتي من شأنها تعطيل فعاليتها أو الحدّ منها. وفي حين أن تطور الصيغة يعكس زخم الإرادات الوطنية وضغوط صندوق النقد الدولي لإنجاز الإصلاحات اللازمة لتعافي الاقتصاد اللبناني، فإن الاستمرار في وضع نصوص معقدة وملتبسة يعكس في المقابل ممانعة من قوى برلمانية وازنة ضد هذه الإصلاحات.
- شمل رفع السرية المصرفية عائلات الموظفين ورؤساء الجمعيات ومدراءها والأسماء المستعارة عنهم وأصحاب الحق الاقتصادي.
- لا تشمل السريّة المصرفية عائلات أصحاب المصارف والمؤسسات الإعلامية ولا الأسماء المستعارة عنهم ولا أصحاب الحقّ الاقتصادي.
- وأكثر ما يقلق هو الإصرار على ربط رفع السرية بقوانين تبييض الأموال والإثراء غير المشروع ومكافحة الفساد في القطاع العام من دون أي مبرر.
- منع القانون على أي مرجع قضائي مختص طلب معلومات في شأن أشخاص يتمتعون بحصانة إلا بعد الحصول على إذن مسبق بالملاحقة، طالما أن الدعوى لا تعد متكونة إلا بعد الحصول على إذن مماثل.
- الخطر يكمن في تعليق صلاحية الهيئات الناظمة والرقابية للمصارف (مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف ومؤسسة ضمان الودائع) على صدور مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية ويحدد آلية طلب المعلومات.