يبدو أن وزير الطاقة وليد فياض تحوّل إلى بائع أوهام، وليس مجرد مسوّق أحلام صعبة التحقيق، حيث بدأت تتهاوى الوعود الواحد تلو الآخر منذ أكثر من سنتين، عن قرب عودة التيار الكهربائي، والخطط الواهية التي يعِد بها اللبنانيين، فترة بعد فترة: من الغاز المصري وإستجرار الكهرباء من الأردن، إلى توفير المنّ والسلوى عبر الفيول العراقي، إلى الكلام عن مفاوضات مع قطر وعُمان للحصول على المواد النفطية لتشغيل محطات الكهرباء، وأخيراً حط رحاله في الجزائر مبشراً بتجاوب بلد المليون شهيد مع الطلب اللبناني بتوفير الفيول لكهرباء لبنان.
ورغم بدء السنة الثانية على العتمة الكاملة في البلد، مازال الوزير الهمّام يتجاهل الحقائق، ويحاول القفز على الوقائع، ويستمر في أساليب المماطلة وإستغباء الناس. فياض أول العارفين بإستحالة تنفيذ وعد الغاز المصري والكهرباء من الأردن لسببين: الأول عدم الحصول على الإستثناء الأميركي لبنود قانون قيصر ذات الصلة بمرور الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. والثاني عدم موافقة البنك الدولي على تمويل هذه الخطة قبل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وفي مقدمتها تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء.
آخر صرعات وزير العتمة قرار زيادة التعرفة لأسعار الكهرباء على المستهلكين، بخلاف ما كان وعد به من زيادة ساعات التغذية قبل إعتماد التعرفة الجديدة، وتأمين الفيول اللازم لمحطات الكهرباء، فيكون بقراره قد وضع العربة قبل الحمار، على غرار ما يجري في كثير من إدارات الدولة هذه الأيام!
أما المفاجأة الصادمة فكانت بقراره الإنفعالي قبل يومين، القاضي بإقفال المنشآت النفطية في طرابلس بعد إكتشاف سرقة كميات كبيرة من المازوت، عوض العمل على فتح تحقيق سريع للحد من السرقات أولاً، ثم إنزال العقوبات اللازمة بالمرتكبين. ولا ندري إذا كان معاليه يُقدّر بأن قراره المتسرع سيؤدي إلى أزمة مازوت وبنزين في البلد، فاتحاً المجال لتجار السوق السوداء من جديد للتحكم برقاب الناس!
.. وتسألون عن الحلول لأزمة الكهرباء؟