الجمعة, نوفمبر 22, 2024
الرئيسيةأخبار لبنان الإقتصاديةقانون السرية المصرفية… من المستفيد؟

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

قانون السرية المصرفية… من المستفيد؟

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img
في إطار القوانين الإصلاحية التي طلبها صندوق النقد الدولي من الدولة اللبنانية، أُقرّ أخيراً قانون رفع السرية عن الحسابات المصرفية الخاصّة بالمسؤولين السياسيين وكبار الموظفين، وفُتح النقاش حول التعديلات التي لحقت به، والتي وسّعت مروحة الملاحقات، بعد أن كانت على نطاق ضيّق جداً في نسخة القانون القديمة.
فهل التعديلات التي أُقرّت تخدم فعلاً الهدف المرجوّ بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية؟ وماذا عن التباين المتداوَل بين النسخة النهائيّة لنصّ القانون والنسخة التي صدّق عليها مجلس النواب؟ وهل فقد لبنان السّمة المالية والمصرفية التي تغنّى بها طويلاً؟
أستاذة القانون المتخصّصة في الشأن المصرفي سابين الكيك، وفي حديثها لـ”النهار”، تؤكّد أنّ السرية المصرفية لم تكن يوماً أساساً للاقتصاد اللبناني، فالاقتصاد بُني في العقود الماضية على تحويل النفط القادم من العراق والسعودية إلى معامل الزهراني وصيدا، ممّا أدّى إلى التحويلات المالية إلى لبنان. وكان للاقتصاد اللبناني قاعدة متينة، ثم جاءت السرية المصرفية آنذاك كأداة مالية مصرفيّة ترحيبيّة لتعزيز الدور الاقتصادي الذي اختاره لبنان، وليس العكس. فمحطات التكرير كانت مدماك الاقتصاد، لكون لبنان صلة الوصل باستيراد وتوريد النفط من الدول العربية إلى الدول الأوروبية.
و”طالما أنّ المقاربة الاقتصادية التي بُني عليها لبنان انهارت، إضافة إلى الأزمة المصرفية، وبسبب بُعد لبنان عن الدول العربيّة وانهيار الثقة في القطاع المصرفيّ، لم تعد السريّة المصرفيّة أساساً، كما لم تكن يوماً”، وفق الكيك.
وصحيح أنّه مع غياب القطاع المصرفي لدى دول الخليج في الخمسينيّات، عزّزت الأموال الخليجية القطاع المصرفي اللبناني. لكن السرية المصرفية، من دون شكّ، استقطبت أموالاً غير مشروعة وسوداء، وهو ما يُشكّل واحداً من الأمور التي عرّضت القطاع المصرفي ومصرف لبنان لضغوطات كبيرة.
وبرأي الكيك، إذا ما أراد لبنان التمسّك بعلاقاته المالية مع الخارج وبانضمامه إلى المنظومة المالية من صندوق النقد إلى البنك الدولي وجميع المؤسّسات الدولية والدول المانحة، فعليه الانضواء تحت سقف التوجّهات الجديدة، وهي محاربة الفساد وتبييض الأموال ومكافحة الإرهاب؛ وهذا التوجّه يفرض على لبنان تغيير صورة وشكل السريّة المصرفيّة لديه، وهو توجّه عالميّ لا يُطبَّق على لبنان فقط، ويهدف إلى جعل المنظومة المالية مراقَبة عالمياً من قِبل المؤسّسات الدوليّة، وهو أداة سياسيّة أيضاً.
هل التعديلات التي لحقت بالقانون تخدم مكافحة الفساد؟
ترى الكيك أنّ أي قانون هجين لا يخدم الهدف المرجو. و”هناك تمسّك من النافذين في الدولة ومن المحتكرين بالسرية المصرفية تحت شعار أنّه واجهة لبنان”، بالرغم من تعارضه مع اقتصاديات الرأسمالية الحرة. لذلك، إقرار قانون واضح يخدم الهدف، عليه أن يلغي كل أساسيات ما سبق، لكن مجلس النواب لم يقم بذلك، إنّما وسّع حالات رفع السرية المصرفية.
وتشدّد الكيك على أنّ “التعديلات التي أصرّ صندوق النقد على تطبيقها لم تُطبَّق، والصيغة التي اتّفق عليها في مجلس النواب وأُعلن عنها، تم تغييرها في الصيغة النهائية للقانون، ما أثار حفيظة صندوق النقد الدولي”. وتضيف أنّ “النواب لا يريدون إعطاء دور للنيابات العامة برفع السرية المصرفية، ويريدون حصر هذه المهمة بقضاة التحقيق وتحييد قضاة الحكم وقضاة الادعاء، بينما المطلوب هو ذكر القضاة المختصين بدعاوى الفساد، فمن المُخجل فعلاً أن يوافق مجلس النواب على صيغة، قد كُتب سواها في نسختها النهائية”.
ماذا عن آلية تطبيق القانون؟
لا يزال قانون رفع السرية المصرفية محصوراً بحالات الفساد والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، بشكل أساسي. وأعطي القضاء صلاحية جديدة وهي عدم وجوب عودته إلى هيئه التحقيق الخاصة التي يرأسها مصرف لبنان، ولم يكن الاستحصال على إذن من هذه الهيئة ممكِناً سابقاً.
وكان من المفترَض في الصيغة الجديدة بروز محاولة لإعطاء القضاء مطلَق الصلاحية من دون الرجوع إلى هيئات داخلية وإدارية مثل لجنة الرقابة على المصارف والإدارات المالية، و”هذا التعديل مقبول بعض الشيء إلّا أنّه لم يكن الصيغة النهائية التي أقرّ على أساسها القانون، وقد خبر صندوق النقد الدولي بذلك”، بحسب الكيك.
كيف يخدم هذا القانون المودعين؟
تشرح الكيك أنّه لدى وجود أيّ شك في إساءة أمانة المصرف تجاه المودع يمكن رفع السرية المصرفية عن أعضاء مجلس الإدارة ليمكن ملاحقتهم والكشف عن حساباتهم وعن توزيع الأرباح والتحويلات، وليتم الكشف عن الأشخاص أصحاب القرار الذين استغلوا مناصبهم لمصالح شخصية، ولما يتعارض مع قوانين الأسواق المالية والنزاهة والحوكمة. وهناك شقّ رقابي يتعلّق بإقرار السرية المصرفية، لما بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لكي يعرف الصندوق كيف ستتحرّك أموال القروض التي سيمنحها للبنان، ويتأكّد من وجود قوانين تضمن له هذه الرقابة.
من جانبه، يؤكّد النائب غسان حاصباني أنّ “ليس على صندوق النقد الدولي تحديد نصّ القانون اللبناني في ما يتعلق بالسرية المصرفية”. وفي حديث إلى “النهار”، يوضح بأنّ صندوق النقد يتفاعل مع ما تقوم به المؤسسات الدستورية في البلاد، ويتخذ قراراته بمساعدتها بناء على القوانين المتخذة من قبل هذا البلد، كما أنّه يعطي نوعاً من توجّهات عامة وعلى الحكومة ومجلس النواب التصرّف بما يرونه الأنسب.
وبرأي حاصباني، “الكلام عن تباين بين الصيغة النهائية للقانون الذي سيُنشر والصيغة التي اتّفق عليها النواب في داخل المجلس، لا يمكن دحضه أو تأكيده لاّنّ النواب عادة، لا يمكنهم الاطلاع على النسخة النهائية قبل نشرها”.
فتعديل أي قانون والتصويت عليه، وبحكم الآلية المتبَعة في مجلس النواب، لا تعود النسخة النهائية إلى النواب لقراءتها والاطلاع عليها، إنّما إلى مكتب هيئة مجلس النواب، ومن بعدها يذهب التعديل إلى رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لتوقيعه، ويصدر في الجريدة الرسمية، حينها، يطلع النائب على الصيغة النهائية لأي تعديل.
وبالتالي تباين هذه النصوص قد يعود إلى خطأ تحريري أو ينتج عن الأشخاص الذين يتابعون هذه النصوص، وفق حاصباني، لأنّ نص القانون لا يتم توزيعه على النواب بعد تنقيحه وتعديله. وقد يكون لدى بعض النواب بعض الملاحظات على التعديل، ومن المفترض الإدلاء بها خلال جلسة التصويت والتأكّد من محرّر النص من أنّ الملاحظة أخذ بها مجلس النواب، كما يمكن الرجوع إلى محضر الجلسة.
هل التعديلات هذه كانت كافية؟
يؤكّد حاصباني أنّ “التعديلات التي لحقت بقانون السرية المصرفية كافية لمكافحة الفساد، لكن يبقى التحدي الأكبر، في جميع القوانين، في نوعية وحسن نية التطبيق. وعدم تطبيق القانون أو تطبيقه بشكل ملتوٍ يحصل في غياب المحاسبة الحقيقية”.
وفي ما يتعلّق بتقييد صلاحيات القضاة وحصرهم بقضاة التحقيق فقط، يقول حاصباني إنّ “الدولة اللبنانية كانت بحاجة إلى إقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن، لكنّنا نتمنّى أن يكون هناك قانون يحفظ استقلالية القضاء للحدّ من تحرّك القضاة بدوافع سياسية أو لأسباب أخرى، لكن هذا القانون لا يمكن إقراره قبل إقرار قانون الكابيتال كونترول”.
لذلك، وُضعت بعض الضوابط في إطار قانون السرية المصرفية لتفادي تسييس القضاء ومواجهته لضغوطات خارجة عن الجسم القضائي، في ما يتعلق بالجانب المالي. كذلك، حفظ قانون السرية المصرفية سرية المعلومات الشخصية لعدم استخدامها أيضاً خارج إطارها ومنعاً للاستخدام السيّئ والنشر.
المصدر: النهار – فرح نصور

Ads Here

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة