ثلاث سنوات مرّت على بدء تدهور الليرة اللبنانية التي خسرت أكثر من 95 في المئة من قيمتها حتى الآن، مع بلوغ سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية عتبة الأربعين ألف ليرة لبنانية.
وأعلن حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، أمس الاثنين، أنه سيتبنى سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار اعتبارا من مطلع فبراير 2023، ضمن عملية لتوحيد نظام سعر الصرف المتعدد في البلاد.
وأوضح أن سلامة أنه سيتم رفع سعر ما يطلق عليه “اللولار” -أي الدولار المحتجز في مصارف لبنان قبل 17 أكتوبر 2019- من 8 آلاف الى 15 ألف ليرة لبنانية، بدءا من شهر فبراير 2023، مانحا بذلك المصارف والشركات وقتا للتأقلم مع السعر الجديد.
وكان المودعون ينتظرون الإعلان عن هذا القرار منذ فترة طويلة، لاعتقادهم أنه يساهم في الحد من خسائر ودائعهم الدولارية، إلا أن الخبراء يخالفونهم الرأي، معتبرين أنه لن يخفض سعر الدولار في السوق السوداء.
- سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي اللبناني هو 1507 ليرات للدولار منذ 25 عاما، وهو معدل أصبح غير موجود تماما منذ الانهيار المالي الداخلي في عام 2019 والذي أدى إلى خسارة العملة لأكثر من 95 في المئة من قيمتها.
- حوم سعر الصرف في السوق الموازية حول 39 ألف ليرة للدولار خلال تعاملات الاثنين.
- فضلا عن أسعار الصرف الرسمية والموازية في السوق، أوجدت السلطات العديد من الأسعار الأخرى خلال الأزمة، ومنها أسعار عند السحب بالليرة من الودائع بالعملة الصعبة في النظام المصرفي المجمد.
- قال حاكم مصرف لبنان إن السعر عند السحب، والذي تحكمه تعاميم المصرف المركزي، سيرتفع إلى 15 ألف ليرة اعتبارا من أول فبراير.
- رياض سلامة قال أيضا إن مصرف لبنان المركزي سيكون لديه سعران فقط هما 15 ألف وسعر آخر حددته منصة “صيرفة” التابعة له، والذي استقر عند نحو 30 ألف ليرة مقابل الدولار أمس الاثنين.
يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن القرار الجديد لحاكم مصرف لبنان يأتي ضمن إطار التوجه نحو توحيد أسعار الصرف المتعددة وهو شرط مسبق لحصول لبنان على قرض من صندوق النقد الدولي، وذلك تمهيدا إلى الخطوة المقبلة وهي تعويم السعر حسب العرض والطلب، مشيرا الى أنه لن يكون هناك سعر صرف رسمي عند 15 ألف ليرة لبنانية في المراحل اللاحقة.
خسائر كبيرة للمصارف
وقدّر غبريل أن المصارف اللبنانية تكبدت خسائر بلغت نسبتها 90 في المئة من محفظة سندات اليوروبوندز التي تحملها جراء تعثر الحكومة السابقة في تسديد سندات اليوروبوندز في مارس 2020، كما أنها خسرت ما بين 8 و9 مليارات دولار أميركي على مراكز القطع بالعملات الأجنبية المفتوحة الصافية.
ويرى غبريل أن المصارف تخسر حاليا من خلال استيفائها مبالغ بالليرة اللبنانية أو شيكات بالدولار (لولار) كتسديد لقروض دولارية قديمة، وستخسر من رأسمالها بعد تنفيذ رفع سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة.
من جهته قال رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن خسارة المودع اللبناني عند سحب أي مبلغ من وديعته الدولارية بعد تطبيق القرار الجديد قد تتخطى نسبة 75 في المئة، معتبرا أن رفع سعر الدولار القديم إلى 15 الف ليرة بمثابة ترويض للمواطن على الخسارة والاستمرار بالكارثة.
السوق السوداء أقوى
ورأى زمكحل أن كل المحاولات والتعاميم والمساعي التي جرت، لم تكبح ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء التي باتت أقوى من السوق الشرعية ومن البنك المركزي، مشيرا إلى أن حجم الاقتصاد اللبناني تراجع من 55 مليار دولار سابقا الى نحو 20 مليار دولار حاليا.
وتساءل زمكحل عن كيفية استعادة المودع اللبناني للثقة التي فقدها بالدولة وبالمصارف، معتبرا أن استعادة الثقة لا تتم عبر وعود بل من خلال استراتيجيات وتنفيذ ما هو غير متوفر في لبنان منذ سنوات.