بعد أكثر من عام على الترويج له، يدخل الدولار الجمركي حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم، حيث سيبدأ احتساب السلع المستوردة وفق سعر صرف 15 الف ليرة للدولار. فكيف يتهيأ السوق لهذا التغيير، خصوصاً اننا على ابواب الأعياد؟ هل ترتفع الاسعار اعتباراً من اليوم؟ والأهم، هل سيطال الدولار الجمركي اسعار المحروقات؟
رغم انّ العمل بالدولار الجمركي يبدأ رسمياً اعتباراً من اليوم، الّا انّه حتى الساعة لا لوائح رسمية بالسلع المعفاة منه، وكل ما قيل في هذا المجال يقتصر على معلومات تفيد بأنّ المواد الاولية لزوم الصناعة ستكون معفية، كذلك السلع الغذائية التي لا بديل منها في لبنان مثل السكر والارز وبعض انواع الحبوب، وكل ما عدا ذلك يبقى مبهماً وغير واضح. الاّ انّ الأكيد انّ السيارات والالكترونيات والمكيّفات وأجهزة الخليوي والكمبيوتر وغيرها من السلع الاستهلاكية سيطالها الدولار الجمركي، رغم انّه لا بديل عنها محلياً، اي لا يًصنّع منها في لبنان، وهي في غالبيتها باتت تُعتبر من أساسيات الحياة وليست وسيلة ترفيه.
اما عن المادة الحيوية البنزين، فيطمئن عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس عبر «الجمهورية»، انّه وفق الآلية المعتمدة راهناً في تسعير المحروقات، فإنّ الدولار الجمركي لن يطالها، لأنّها تعتمد لدى احتساب القيمة على كمية المحروقات المشتراة. على سبيل المثال، تحتسب الآلية المعتمدة 253 الف ليرة على الـ1000 ليتر، اياً يكن ثمن البضاعة. لذا لم يتمّ تعديل هذه الآلية، فستظل المحروقات في منأى عن الدولار الجمركي.
لكن البراكس لم يستبعد ان تلجأ الحكومة لاحقاً إلى تعديل هذه الآلية ليشملها الدولار الجمركي.
رمال
أما في ما خصّ أسعار السلع الاستهلاكية، فيؤكّد عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدنان رمال لـ«الجمهورية»، انّ احداً من التجار لم يبدأ بعد باعتماد الدولار الجمركي في تسعير السلع، لأنّه حتى الساعة من غير المعروف كيف ستكون كلفة السلع على التاجر مع الدولار الجمركي الجديد. وأكّد رمال انّ اسعار السلع في السوق لا تزال على حالها ولم تتغيّر، انما كل سلعة ستدخل بعد تاريخ 12/1/ 2022 أي منذ اليوم، سيتغيّر سعرها تلقائياً لأنّ كلفتها سترتفع مع ازياد الرسوم.
وقال: «انّ التاجر النظامي الذي لا يزال لديه بضاعة أُدخلت إلى لبنان قبل بدء العمل بالدولار الجديد سيعمل على خلط كلفة البضاعة القديمة مع كلفتها الحالية وإصدار تسعيرة وسطية، فتكون الكلفة على المواطن اقل في المرحلة الاولى. اما في جولة الاستيراد الثانية، اي عندما ينتهي المخزون القديم ويعتمد كلياً على السعر والكلفة الحقيقية للدولار الجمركي، فسترتفع الاسعار بشكل ملحوظ على المستهلك»، مرجّحاً ان يكون الدولار في السوق السوداء ارتفع في حينه، بشكل لافت، بحيث لن تعود تسعيرة الـ15 الفاً للدولار ذات قيمة مقابل التضخم المقبل. وتوقع ان تبدأ الاسعار الجديدة بالظهور اعتباراً من منتصف الشهر الجاري او حتى مطلع العام الجديد.
تخزين التجار؟
ورداً على سؤال، أكّد رمال أن ليس صحيحاً ما يسوّق له على انّ كل التجار خزّنوا بضاعة تكفي السوق لمدة 6 اشهر بعد ارتفاع الدولار الجمركي، لأنّ ليس بمقدور التجار تجميد رأسمالهم كل هذه المدة في وضع اقتصادي منهار وفي ظل تراجع قطاع الاعمال بنسبة 80%، لأنّه يرى انّ اياً كانت كلفة الرسوم الجمركية فإنّ فارق سعر الجمرك سيتبخّر من خلال ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء تلقائياً في المرحلة المقبلة.
وقال: «انّ العديد من السلع الاستهلاكية والغذائية فُقدت من الاسواق بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، كذلك تراجعت نوعية الاستهلاك، وتحول المواطن الى أصناف جديدة ونوعية مختلفة. وبالتالي، هذا دليل على أنّ البضاعة التي ذات قيمة او المرتفعة الثمن ما عاد هناك قدرة شرائية عند المواطنين لاقتنائها او التداول بها قبل رفع الدولار الجمركي، فكيف الحال اليوم؟».
مبررات ارتفاع فاتورة الاستيراد
أما عن تبريره لارتفاع الاستيراد هذا العام بشكل لافت إذا كان التجار لم يخزنوا السلع، قال: «انّ الاستيراد ارتفع بشكل لافت هذا العام، خصوصاً في مجال استيراد السيارات الذي حقق ارقاماً خيالية، ما شكّل فرقاً نوعياً في حجم الاستيراد، وبالتالي هؤلاء التجار لا شك استوردوا وخزّنوا كثيراً قبل رفع الدولار الجمركي».
وفي ما خصّ الفيول والمحروقات والتي تشكّل حيزاً كبيراً من الاستيراد، نلاحظ انّ كلفة الفيول تقلّصت 40% مقارنة مع العام الماضي، لأنّ مؤسسة الكهرباء لم تشغّل معاملها ولم تحتج اليها، فتحول الطلب على المازوت كبديل عن كهرباء الدولة. لذا نلاحظ انّ كمية المازوت المستوردة هذا العام زادت بنحو 40%، أضف اليها ارتفاع اسعار المحروقات عالمياً والغلاء العالمي الذي طال كل السلع، مرجّحاً ان تشكّل فاتورة المحروقات نحو 40% من مجموع المستوردات… أضف الى ذلك، انّ الحركة السياحية الناشطة التي شهدها لبنان خلال الصيف انعكست ارتفاعاً في الاستيراد لتلبية الحاجات، لأنّ كل السلع المستهلكة مستوردة، وبالتالي، إذا صحّ انّ السياح والمغتربين أدخلوا الى لبنان ما يقارب الـ 6 مليار دولار، فلا شك اننا استوردنا بنحو 4 مليار دولار لتلبية حاجاتهم، وهذا ما ساهم ايضاً بارتفاع فاتورة الاستيراد.