الوتيرة المتسارعة في إقرار الدولار الجمركي لم تقتصر على اعتماده بشكل رسمي في التاريخ الذي حدد للمباشرة في تطبيقه، بل التجار دائما سّباقون بالالتزام في أي قرار شريطة حماية أنفسهم، وعليه كل تاجر كان يطبّق قرارا جمركيا، ينأى به عن الدولة نفسها ليكون مدخلا وحجة قوية لهم لعدم الخوض في مهاترات المسؤولين المنهمكين في اختيار شخص رئيس الجمهورية.
ماذا عن دولة يصار الى استغلالها واستغبائها، إذا لم تكن شريكا في كل ما تقدم! وكيف لها ان تعي على الأرض فائض الحرمان الذي يعانيه المواطنون، ولا أحد من هؤلاء الساسة يعي كم سعر ربطة الخبز، لأنهم ما تعودوا القيام بهذه الأمور مستعيضين بالحاشية التي تعمل لديهم لتأمين متطلباتهم اليومية والاساسية، أيناجي اللبناني ضمائرهم ويصرخ واااااضميراه ام واااامعتصماه!
في كل الضربات التي يتلقاها اللبناني دائما ينهض من تحت الركام وينفض الرماد وينظر الى الله، ويتطلع مع كل بداية يوم الى السماء بأمل، فكيف في شهر الفرح والميلاد؟ شهر المحبة والسلام والأمان. شهر كانون الأول هو شهر القداسة والنعم والنقاء، هو شهر ميلاد طفل المعجزات يسوع، هو شهر التبريكات شهر ثلوج الخير والبركات…
ولكن الأسعار قطّعت اوصال هذه الفرحة، ونغصّت الابتهاج، فانقلبت الحياة رأسا على عقب لتصبح جمراً يكوي بنار الدولار الجمركي، لتحرم عائلات وأطفال من ابسط حقوقها في ان تنعم بعيد الميلاد بالحد الأدنى من شجرة وزينة. ولبنان الذي لطالما كان مقصدا في هذا الشهر للسائحين والمغتربين ليعيشوا الأجواء الميلادية في كل زاوية من ارضه، على نقيض هذه الأيام التي خلت من الزينة الميلادية، عدا قلّة من الشوارع والمطاعم والمحلات التجارية، التي استعاضت عن شجرة كبيرة بأخرى ركيكة، ليس فيها من البهجة ما يلفت على الأقل نظر الأطفال.
بعض الأسعار بزيادة 15%
الأسعار ارتفعت وأصبحت بحسب الدولار الجمركي وأكثر، وبعض الأسعار التي كانت “الديار” تعاينها بين الفينة والأخرى ارتفعت بزيادة 15%، وعندما حملنا هذا الموضوع في تحقيق سابق الى كل من مدير عام وزارة الاقتصاد السيد محمد أبو حيدر ومعه المهندس طارق يونس اجابا انهما يراقبان ويسطران المحاضر بالمخالفين، والواقع على الأرض يتناقض مع كل ما يقال عن الجولات والصولات التي تعتمدها الوزارات المعنية.
“الديار” عبر جولاتها الميدانية على الأرض، تراقب بالأسماء والاسعار كيف كانت وكيف أضحت بين يوم وآخر، واقل ما يقال ان اللبناني يعيش في غابة الأسعار، التي زادت 15% و20% وحتى تلك المحلية الصنع. وما تجدر الإشارة اليه، ان بعض المنتجات ذات الصناعة الوطنية لا تحتاج الى مواد أولية، ارتفع سعرها ايضا بزيادة بين الـ 10000 والـ 150000 ل.ل. وبعض السلع التي كانت سُعرت على دولار الـ 40، أضحت على دولار الـ 48 وحتى 50 ل.ل. والسؤال كيف؟
الجولة الميدانية لـ “الديار” كانت على المستلزمات الميلادية أي الشجرة والزينة والمغارة الى جانب الاضاءة، وهنا لا بد من الاشارة الى ان لا كهرباء لإنارة البيوت فكيف لهم اضاءة الشجرة؟
في الحقيقة، ان هذا العبث والبعثرة في حياة المواطنين اليومية سببه المسؤولين حتى في الإدارات، لأنهم السبب في تحطيم قلوب الناس وحرمانهم من الفرح والابتهاج بالأعياد الميلادية المجيدة.
وبعد ان تأخر افتتاح موسم الأعياد شهرا على انطلاقه، كما جرت العادة في لبنان، بحيث ان المحلات التجارية والمتخصصة في بيع زينة وشجرة الميلاد وكل المستلزمات التي تعرض في الصالات، وفي كثير من الأحيان تمتد الى الخارج لتشمل أرصفة الشوارع.
هذه الطقوس التي كانت تبدأ من 10 تشرين الثاني، يقول ماريو من “سوبر ماركت فهد”- فرع فرن الشباك، والذي يعمل في قسم LE MARCHE DE DECO لزينة الميلاد لـ “الديار”: “الطلب هذه السنة ما زال خجولا على شجرة وزينة الميلاد حتى اننا نحن كسوبرماركت لم نطلب كثيرا من البضاعة بسبب الأوضاع الاقتصادية لكثير من العائلات. بالإشارة الى ان الطلب على كافة أغراض الزينة أصبح بطريقة انتقائية أي يشترون ما ينقصهم من زينة وطابات واوراق او إضافة بسيطة تعطي تجديدا بالشجرة التي لديهم. ويضيف من يشترون الشجرة هم من الطبقات المقتدرة، والبقية يشترون ما يحتاجونا ليه من أشياء محددة الى شجرتهم القديمة التي يمتلكونها”.
الشجرة وزينتها تتأرجح بين
العملة الوطنية والدولار الجمركي
في جولة ميدانية على الأرض شملت كلا من فرن الشباك، الاشرفية، الجميزة، برج حمود، الزلقا، جل الديب وضبيه لمعرفة أسعار تكلفة شجرة الميلاد وزينها.
1- في منطقة برج حمود الأسعار على الشكل التالي:
ـ شجرة 180 سنتم سعرها 1800,000 ألف ليرة بلا زينة.
– شجرة 160 سنتم سعرها 280$ وتحتاج الى 40 طابة و500 لمبة ونجمة في الأعلى.
– شجرة طبيعية بلا زينة 280 $ حجم وسط، والصغيرة بـ 230$. وتختلف أسعار الطابات بتنوع زخرفتها، فمثلا طابة من القماش يبلغ سعرها 230 ألف ليرة. اما الستراس والبراق فسعرها حوالى 300 ألف ليرة وهناك الطابات العادية وسعر الواحدة ب 2 و4 $ إضافة الى بعض القطع التي تعطي إضافة للشجرة مثل النجوم وغيرها تتراوح القطعة ما بين الـ 400 و500 ألف ليرة. وبعض محلات الـ 1$ يبيعون علبة فيها 10 طابات بـ 7 $ وطبعا هي ليست مميزة بالمقارنة مع تلك المصنوعة من الزجاج او نوعية بلاستيكية جيدة تعطيها قيمة.
أحد المواطنين قدم لمعرفة أسعار الشجرة والزينة فوجدها مرتفعة جدا بالنسبة للعملية الحسابية التقديرية التي قام باحتسابها بالمقارنة ما بين العام المنصرم وهذه السنة، وبعد معاينته للأسعار قال لـ “الديار”: اشتري بابا نويل نفسه بهذا السعر. فكيف كانت الأسعار للشجرة بدون الزينة بحسب حجم الشجرة.
اما عن سعر المغارة، التي تجسد روح الميلاد، فتبدأ الأسعار بحسب المنطقة، من الأدنى الى الأعلى ما بين الـ 4 و6 مليون ليرة، وبعض المحلات بحسب المنطقة كالزلقا وجل الديب وضبيه تبيعها بالدولار ما بين 50 و70$، اما شخص السيد المسيح السلام على اسمه فبـ 700000 و1000000 ليرة والخراف سعر الواحد يبدأ بـ 200 ألف صعوداً، هذا عدا أوراق المغارة
2- في الاشرفية والجميزة: يقول السيد الياس، وهو صاحب محل بيع الورود وشجرة الميلاد مع مستلزماتها: “ان تكلفة الشجرة مع زينتها من حيث الترتيب وكل الإضافات التي تحتاج اليها، تختلف بحسب نوع الشجرة، غير ان البعض يفضل الطبيعي على الاصطناعي، بالإشارة الى ان بعض الأنواع الاصطناعية جدا رثّة. ويتابع: في جميع الاحوال، فان شجرة حجم 270 مترا تحتاج الى ما بين 60 الى 80 طابة تقريبا، وإذا اضفنا الإضاءة فسعرها يصل الى ما بين 400 والـ 500 دولار ومن يشترون هذا النوع لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة حتى اللحظة على الأقل.
ويردف الياس، عسى الأيام المقبلة القليلة تكون أفضل وتشهد تحسنا في المبيعات، فنحن في شهر الميلاد ومن المستغرب ان لا نبيع، ونعوّل على أموال المغتربين لذويهم في البلد. ويلفت بالقول: “شجرة الميلاد لطالما كنا نراها في كافة ارجاء الوطن لا بل أكثر من ذلك، اللبنانيون على اختلاف طوائفهم يحتفلون بعيد الميلاد ويضعون شجرة الميلاد في بيوتهم ويمارسون الطقوس الميلادية، لما فيها من نسمات روحية مترفعة وايمان عالي”.
لا هدايا الا الضروري!!!
محل AFTEEM في الجميزة قال لـ “الديار”: “التكنولوجيا تغزو الهدايا بما انها سمة العصر وبات لا بد ولا غنى عنها في حياتنا كما في حياة أطفالنا، ومع اقتراب الأعياد بات واضحا ان الطلب على الهدايا التقليدية قد ولّى وحلّ مكانه الأجهزة الرقمية والإلكترونية الذكية من “بلاي ستيشن” وهواتف ذكية والأجهزة اللوحية، إضافة الى ساعات العصر وهي الساعات الذكية وهي منتشرة على نطاق واسع كبارا وصغارا. بالإشارة الى الكاميرات الرقمية التي باتت جزءا من حياة الناس، إضافة الى منصات الألعاب والتي تناسب الكبار والصغار كهدية، وهي تعد من الهدايا المستحبة للكثيرين”.
ويلفت الى ان هذا النوع من الهدايا هو فقط بناء على الطلب نظرا لارتفاع سعرها، وختم: يمكن القول ان الأمور “ماشي الحال” بالنسبة لشراء الهدايا بشكل عام في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وارتفاع سعر الدولار الجمركي ودولار السوق السوداء.
المصدر: الديار – ندى عبد الرزاق