على مدى أكثر من ثلاث سنوات، يسمع اللبنانيون إقتراح «إستخدام أصول الدولة وأملاكها»، كأحد الحلول لأزمتهم التي يتخبطون فيها. تارة وسيلة يطرحها مصرفيون وسياسيون لسد الفجوة ورد أموال المودعين، وطوراً لإعادة النمو الاقتصادي. وتردد أنها ستكون من ضمن خطة التعافي المعدلة. أما على أرض الواقع فلا شيء واضحاً إلى الآن، سوى أن المجلس النيابي يتحضر لدرس إقتراح قانون لإعادة التوازن للنظام المالي يتضمن فكرة صندوق لاسترداد الودائع يعتمد جزئيّاً على ايرادات عامة.
عمَّ نتحدث؟
تشمل تلك الأصول العامة ما يلي:
- شركة انترا
- كازينو لبنان
- المطار
- المنطقة الحرة في المطار
- شركة الميدل ايست وشركات تابعة في خدمات المطار
- شركتا الخلوي
- أوجيرو
- مرفأ بيروت ومرافئ أخرى
- منشآت النفط في الشمال والجنوب
- الريجي
- كهرباء لبنان
- السكك الحديد
- أملاك عقارية (أكثر من مليار متر مربع)
- مؤسسات المياه
- النقل العام
- تلفزيون لبنان
- بنك التمويل
- بورصة بيروت
- بالاضافة الى حقول النفط والغاز
عقيص: صندوق سيادي لتحسين الإدارة… واستعمال جزء لضمان استعادة الودائع
قال عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص لـ»نداء الوطن» أن «قيمة أصول الدولة في أدنى مستوياتها، نتيجة الانهيار المالي وسوء إدارتها المتمادي. والفكرة الافضل هي إنشاء صندوق سيادي أو شركة وطنية لتحسين إدارة هذه الاصول وليس التخلي عن ملكيتها، بل إدارتها تصبح أقرب إلى إدارة القطاع الخاص ورفع قيمتها المادية». مشيراً إلى أنه «بعد هذه الخطوة يتخذ القرار إما بتخصيص جزء منها، أو بإعتماد خصخصة كاملة. أو تحصل شراكة بين القطاعين العام والخاص، وفقاً لقانون الشراكة بين القطاعين، أو بإستعمال جزء من عائداتها لتعزيز النمو الاقتصادي».
يضيف: «نحن ككتلة لا نشجع على الاطلاق، إستعمال هذه الاصول لإطفاء الدين العام. قد يستعمل جزء منها لضمان ودائع المودعين بإستعادتها، لكن الاهم هو إدارة رشيقة لأصول الدولة ورفع قيمتها، بغية إستعمالها لاحقاً لتعزيز موارد الدولة من الضرائب والعائدات»، شارحاً أن «الخصخصة حالياً لهذه الأصول هي أقرب إلى بيعها، لأنها لا تحقق أي ربح للدولة. وبيع هذه الأصول حالياً (مثل الكهرباء) سيتم بأبخس الاثمان. حين يوضع قانون للامركزية الكهرباء، وإتاحة إستعمال الطاقة المتجددة وتعيين الهيئة الناظمة، ومن ثم رفع من مستوى خدمة الطاقة في لبنان، عندها يمكن الخصخصة وتحقيق الربح المطلوب».
عون: حوكمة جديدة وإستعمال أي فائض في الموازنة لتغذية صندوق استرداد الودائع
قال عضو كتلة «لبنان القوي» النائب آلان عون لـ»نداء الوطن» أن «كل هذه الأصول بحاجة لإعادة تقييم والإصلاح كي تعود الى حالة الربحية والإنتاجية العالية. فإدارتها الحالية من قبل الدولة تراكم خسائرها، وتستغل احياناً للتوظيف الزبائني. فضلاً عن التهرّب من دفع خدماتها كما يحصل في الكهرباء مثلاً أو في المرفأ، هي جميعها أسباب تؤدي إلى فقدان القيمة المادية لهذه الأصول». يضيف: «لذلك تحتاج تلك الأصول الى حوكمة جديدة، عبر تلزيم إدارتها وتشغيلها الى القطاع الخاص ولكن بمعايير دولية عالية، لإعادة الربحية اليها لكي تساهم في رفد الخزينة بأرباحها، بدل تكبيدها مزيداً من العجز بسبب خسائرها كما يحصل حتى اليوم». مشدداً على أنه «لا مانع من إستعمال أي فائض في الموازنة، لتغذية صندوق التعافي للودائع من ضمن عملية تحميل الدولة جزءاً من مسؤوليتها في الأزمة التي وصلنا اليها والخسائر الناجمة عنها».
ويختم: «بمجرد حوكمة جديدة ورشيدة، وعودة تلك المؤسسات الى الربحية، سترتفع قيمة تلك الأصول وتزيد من قدرات الدولة اللبنانية».
خواجة: الاملاك العامة لكل الأجيال… والفجوة مسؤولية من تسبب بها!
يشدد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة لـ»نداء الوطن»، على أنه «يجب إحصاء هذه الاصول لمعرفة ما تملكه الدولة بدقة، وهذا المسح غير موجود إلى الآن لمعرفة قيمتها المادية. كما أن إطفاء الدين العام لا يجب أن يتم عبر بيع المرافق التي تجلب الاموال للدولة، لأن ذلك يؤدي إلى تجفيف إيراداتها ويهدد قدرتها على القيام بدورها».
ويرى أن «هذه الاصول ليست ملك جيل واحد بل الاجيال القادمة. نحن نتخبط بأزمة مالية وإقتصادية وعلينا الاجتهاد لحلها، من دون تحميل وزر هذا الحل للأجيال المقبلة. يمكن تنشيط بعض القطاعات وزيادة إنتاجيتها والقيام بإشراك القطاع الخاص في إدارتها، ضمن إطار برنامج تعافٍ واضح». مؤكداً أن «هذا الامر يحتاج إلى بحث، لكن بالتأكيد أنا ضد بيع أو وهب هذه القطاعات، لأي جهة كانت بحجة إطفاء الدين العام».
ويختم: «الدين العام هو مسؤولية من تسبب به ويجب إطفاؤه بعيداً عن حقوق اللبنانيين، وأصول الدولة هي ملك الجميع. ولا يحق حتى للمجلس النيابي، والحكومات التصرف بهذه الثروة».
فياض: “«حزب الله”» لم يقرّر بعد
يشير عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض لـ»نداء الوطن» أن «حزب الله لا يزال يدرس ملف أصول الدولة، في إطار خطة التعافي وقانون إستعادة التوازن المالي. وعندما يتم درس المشروع بصورة متكاملة، نحدد موقفاً من كيفية إدارتها».
يضيف: «إلى الآن لم نأخذ موقفاً نهائياً. الامور لا تزال في طور النقاش، عما إذا كنا سنوافق على صندوق إستعادة التعافي المالي كي يدير أصول الدولة ومساهمات البنوك فيه».
نحاس: مداخيل من خارج الموازنة بشروط دقيقة للتعويض على كبار المودعين
يشدّد مستشار الرئيس نجيب ميقاتي، النائب السابق نقولا نحاس لـ»نداء الوطن» على أن «أصول الدولة هي لكل الناس، ويجب أن تُدار بشكل يعطي المردود الاعلى لخزينة الدولة. هذا المردود يعود لكافة اللبنانيين، من خلال الخدمات التي تقوم بها هذه المرافق. لكن تخصيص مردود هذه الأصول والمرافق لفئة معينة، أمر غير مقبول بالرغم من الظلم الذي لحق بالمودعين ولا سيما الكبار منهم». يضيف: «تخصيص مداخيل الدولة خارج الموازنة، أمر له شروط دقيقة إتفقنا عليها مع صندوق النقد. أي على مبدأ التعويض على كبار المودعين، لأن هذا الامر تحقق لصغار المودعين الذين سيتم تأمين ودائعهم بالكامل». لافتا إلى أن «المشكلة هي مع كبار المودعين، ولهذا من المفروض أن يكون هناك صندوق تعويض، لكن طريقة مساهمة الدولة فيه مضبوطة وبمعايير دقيقة. لأن الاولوية هي للموازنة التي يستفيد منها كل الشعب اللبناني، وهذا هو المخرج الوحيد والطريقة الاسهل».
راشد: خصخصة وطرح الأسهم في بورصة بيروت وتحتفظ الدولة بنسبة 20%
يشدّد رئيس «الجمعية الاقتصادية»، والخبير الإقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي الدكتور منير راشد لـ»نداء الوطن» على أن «أصول الدولة لا يجب إستعمالها لرد الودائع، لأن كل الارقام عن الخسائر غير صحيحة. وما تعتبره الدولة خسائر هو إلتزامات للناس على المصارف وإلتزامات للمصارف على مصرف لبنان». معتبراً أنها «إلتزامات تحتاج إلى إعادة جدولة، كي يتم ردها ضمن خطة. وفكرة إسترداد الودائع بقيمة 70 ملياراً، التي خسرها المودعون من أصول الدولة، أمر يرفضه صندوق النقد لكونها تعود الى جميع اللبنانيين». يضيف: «يجب تحسين إدارة هذه الاصول عبر الخصخصة. وأن تتحول إلى شركات مساهمة تُسجل في بورصة بيروت، كي تعطي إيرادات للدولة حين يتم بيعها. ومن الارباح والضرائب ينتعش الاقتصاد الوطني». مشيراً إلى أنه «حالياً قيمة هذه الاصول ضئيلة جداً. وحين تتم خصخصة إدارة المرافق العامة وتتحول إلى شركات مساهمة تؤمن مداخيل للدولة ويكون للمواطن فرصة للإستثمار في الكهرباء والاتصالات والمرفأ وشركة طيران الشرق الاوسط، والمطار والمياه والعقارات وإنتاج النفط والغاز». يؤكد راشد أن «قيمة هذه الاصول ستتضاعف 10 مرات عبر تحسين إدارتها، وطرحها بمناقصات بشروط عالمية وتحويلها إلى شركات مساهمة. ويمكن للدولة أن تحتفظ بـ20% من هذه الأصول لتحسين وضعها المالي، علماً أن مدخولها من هذه الشركات يتم عبر الايرادات الضريبية، وهذا وضع أفضل مما هي عليه الاوضاع الآن». ويشير إلى أن «العقارات من أصول الدولة أيضاً، ويُمكن إنشاء شركات مساهمة لتأجيرها أو حتى بيع جزء منها، ووضعها على بورصة بيروت. هذا يتيح لجميع اللبنانيين شراء أسهم في هذه العقارات، مع احتفاظ الدولة بجزء منها لتحصين شبكة الامان الاجتماعي، كونها املاكاً لجميع اللبنانيين».
ويختم: «القطاع العام حالياً يسبب الفقر لكل اللبنانيين. وكل دول العالم تقوم بخصخصته إذا كان يعاني من إدارة سيئة، هذا هو الحل».
منعم: أصول الدولة للنهوض الاقتصادي… نعم للمساءلة وليس كل المودعين سواسية
تشرح المديرة التنفيذية لمنظمة «كلنا إرادة» ديانا منعم، لـ»نداء الوطن» أنها «مع إستعمال أصول الدولة للنهوض الاقتصادي، وليس لتعويض المودعين. هذه الاصول لكل الناس ويجب إستخدامها للتعويض عنهم جميعاً والمودعون جزء منهم». مشددة على أنه «يجري تضخيم قيمة أصول الدولة. فالفجوة المالية 75 مليار دولار (زادت حالياً)، بينما تُقدر الاصول العامة بـ17 مليار دولار فقط». تعتبر منعم «أن إستخدام هذه الاصول للتعويض عن المودعين ليس ممكناً، حتى في حال تمت تصفيتها وبيعها بأرقام جيدة. في حين أن الازمة الاقتصادية الحالية خفضت من قيمة هذه الاصول لتصبح بـ12 مليار دولار تقريباً»، لافتة إلى أن «هذا الرقم مقارنة بـ25 مليار دولار التي تم صرفها منذ بداية الازمة إلى اليوم، يُظهر أن بيع هذه الاصول ليس الحل السحري كما يتم تصويره». وتؤكد أن «المهم بالنسبة لنا هو إستخدام هذه الاصول بطريقة أفضل، من خلال شراكة مع القطاع الخاص مثلاً، مع التشديد على أن لكل قطاع شروطاً وظروفاً خاصة للنهوض به مجدداً». مشيرة إلى أن «إشراك القطاع الخاص في إدارة هذه القطاعات، هو خطوة منفصلة عن خطوة بيع هذه الاصول للتعويض عن المودعين». تضيف: «تحسين إدارة هذه الاصول، يتمّ أيضاً بتحسين القوانين والجهات الرقابية التي ستهتم بإدارتها. وكلنا نعرف المعارك الدائرة في قطاع الكهرباء لإقرار الهيئة الناظمة. أما تعويض المودعين فهناك خطوات يجب القيام بها، لأن ليس كل المودعين سواسية»، معتبرة أن «هناك حاجة لتحديد الحسابات النظيفة والاخرى المشكوك في مصدرها من خلال رفع السرية المصرفية. وبناء عليه يتم تحديد كيفية رد الودائع، فهناك فاسدون يجب ألا يستردوا أموالهم، وهذا ما سيقلل الفجوة ويسمح بالتعويض للمودعين الآخرين». ترى منعم أنه «من الضروري أيضاً معرفة حجم الاصول في المصارف وتقييم وضع كل مصرف، وهذا الامر لم يحصل إلى الآن، بالرغم من أنه شرط من شروط صندوق النقد». وتختم: «إستغلال الاصول العامة هو حل سهل يُطرح لتجنب أي مساءلة أو محاسبة، علما أنها ملك الأجيال المتعاقبة وليس جيلنا فقط».