يفوق جنون الدولار في السوق السوداء اللبنانية كل التوقعات المطروحة، اذ ارتفع ما نسبته 120% في فترة شهرين، تحديدا أي من 35 ألف الى أكثر من 77 الفا اليوم، في عملية لم تشهدها أي سوق عملة في أي بلد في العالم، مهما كان وضعه الاقتصاد مترد او يرزح تحت انهيار كامل.
وربط مصدر رسمي مسؤول بين الارتفاع الجنوبي للدولار الأميركي في السوق اللبنانية، وبين الواقع السياسي المتدهور، الذي لا يؤشر الى اتخاذ قرارات سياسية تريح سوق العملة في لبنان”.
وكشف المصدر عبر “جنوبية”, ان “الارتفاع القوي بسعر الدولار أي بما يقارب 5 آلاف خلال 4 أيام غير مرتبط لا بمعايير نقدية او مالية او اقتصادية، انما هو مرتبط تماما بمعايير سياسية، تدفع نحو التسريع بالانهيار لتنفيذ اجندات سياسية محددة”. ورأى المصدر انه لا يمكن لاي تفاعل اقتصادي ان “يقدم كيف يرتفع دولار بـ 3 سنوات 40 ألف ليرة، ومن ثم يرتفع بشهرين 40 ألف ليرة فقط”.
وتوقع المصدر ان “يستمر الدولار بالصعود ليتجاوز الـ80 ألف في اليومين المقبلين، حيث ستشهد بعدها السوق تقلبات وجمود لمرحلة بسيطة، ترتبط بعدها عملية الصعود والهبوط بالتعميمات والقرارات التي قد يتخذها مصرف لبنان للجم السوق”. ولفت الى ان العملية خرجت عن اطارها النقدي والاقتصادي، باتجاه التلاعب السياسي المبني على التباينات القائمة في الساحة اللبنانية، والتي بجزء كبير منها لها عوامل خارجية، التي تستغل الضغط لتنفيذ الاستحقاقات المطلوبة المتعلقة بالإجراءات الإصلاحية التي طلبها صندوق النقد الدولي، وانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تشكيل حكومة تكون على قدر المرحلة الإصلاحية المطلوبة”.
ولم يستبعد المصدر ان “يكون لملف التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، علاقة مباشرة بما يحصل، وترك الأمور تتدهور ماليا، لكون المجتمع الدولي خصوصا الإدارة الأميركية، تولي ثقة كبيرة لحاكم المصرف في عمليات الهندسة المالية، التي ترتبط بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وتطبيق مقررات بازل 1 وبازل 2، فضلا عن معرفته التامة بما يريده المجتمع الغربي، لجهة التفاعل الاقتصادي والمالي والنقدي، معتبرين انه رجل يعرف دواء السوق اللبنانية في التفاعلات النقدية”. ويشهد لبنان منذ 2019 انهيارًا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 101% من قيمتها، وبات أكثر من 90% من سكانه تحت خط الفقر. ويواجه تحديات طويلة الأمد فيما يتعلق بتعبئة الإيرادات، مما يضعف قدرته على تحصيل الإيرادات وتمويل إنفاقه، اذ أن الاقتصاد النقدي المتنامي في بداية الأزمة المالية أدى إلى تغذية قطاع غير رسمي يتزايد اتساعًا، ويخرج من القاعدة الضريبية ويمثل إيرادات كبيرة ضائعة. بشكل عام، تؤدي الأزمة المعقدة إلى تفاقم سياق صعب بالفعل؛ لقد انخفضت نسبة الضريبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من متوسط 16% قبل الأزمة إلى 7%، وهو أدنى مستوى لها منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990.