170 برانداً يشتريها السوق ويهتم بها. لماذا ذلك؟ ببساطة، لأن السوق وُجد للأشخاص الذين كانوا معتادين على شراء الثياب من علامات تجارية معينة واليوم أصبحوا عاجزين عن ذلك. أما الاسعار، لمن يهمه الأمر، فهي على الشكل التالي: إذا نويتم بيع قميص من براند معين حدد سوق عكاظ سعر شرائه من الزبون بأربعة دولارات، فهذا معناه أنه سيشتري مثله منكم بدولار واحد وبعض السنتات الإضافية. السعر يبدو وكأنه يقسم على أربعة بين الشراء والمبيع. في أي حال، من يهتم فعلياً يمكنه قراءة الأسعار الظاهرة بوضوح عند مدخل فروع سوق عكاظ.
“فانتج”
الناس، من تعرفوا على فكرة سوق عكاظ اللبنانية المنشأ، أحبوها. نعم، فلنقل إنهم أحبوها كي لا نقول إنهم أصبحوا مجبرين على تقبّل أي فكرة تحيي فيهم بعض ملامح من رفاهية أيام زمان. فكرة سوق عكاظ – بصيغتها اللبنانية – إنطلقت في كانون الأول 2020، يعني منذ بدأ اللبنانيون ينزلقون إقتصادياً وخدماتياً الى ما تحت تحت الأرض. ثمة فكرة ثالثة، موجهة الى من يعشقن تصاميم الـ”فانتج”، أي ما هو قديم منها ويعود الى الستينات والسبعينات، وترجمت الفكرة من خلال فتح محل للملابس القديمة المعاد بيعها باسم second base. من يبحثن عن موضة أيام زمان ويرغبن في “التأنق” في الأيام الصعبة فما عليهن إلا أن يقصدنَ محل بيع ملابس الـ “فانتج” والحصول على قطعة على ذوقهن. والأسعار تتراوح بين ستة وثمانية دولارات فقط لا غير.
على الميزان
بالكيلو
غريبٌ أين وصلنا. كل الطبقات الإجتماعية بات لديها ما يلائمها من الملابس العتيقة. وهناك أيضاً وأيضاً وثم أيضاً ظاهرة شراء الثياب بالكيلو. فماذا عنها؟ إنها التجارة الأكثر رواجاً للباحثين عن عمل، وهي الوسيلة الأسهل لمن يريد أن يقدم الى أطفاله ثياباً يظنونها جديدة. وهي وسيلة التدفئة لمن هم غير قادرين على شراء الحطب. هناك لبنانيون يشترون الثياب بالكيلو ويضعونها في المدفأة. وهذا مشهد بات معتاداً. بعيداً عن المشاكل الصحية التي يتسبب بها حرق بعض أنواع الملابس، سؤال طرحه علينا صاحب أحد المحال: هل جربتم شراء الملابس بالكيلو؟ وفي مفهوم الظاهرة الجديدة تشترون الكيلو بثلاثمئة ألف ليرة وتبدأون في الإختيار. سروال وقميص وتي شيرت و… و… وتضعونها على الميزان. كيلو؟ كيلو ونصف؟ تدفعون وتخرجون بأكياس “تفش الخلق” في الأيام الصعبة. وإذا اشتريتم ثلاثة كيلوغرامات تحصلون على رابع مجاناً. هي “فشة الخلق” الأسهل في هذه الأيام الصعبة التي وصل فيها سعر البصل الى ثمانين ألفاً. ولمعلوماتكم، البيع ممكن أيضا بالغرام. فتجارة هذا النوع من الملابس موجهة للفقراء. وكم أصبحوا كثيرين في بلادنا. لتلك المحال زبائنها. ننظر بين الرفوف والقطع المعلقة فنلتقط ماركات: أديداس وجاك أند جونز ولاكوست وكالفن كلاين وتومي وزارا ومانغو ومايكل كورس وبولو ورالف لورين… نعم، قد تجدون ما تشاؤون في تلك المحال وإياكم ثم إياكم أن تقولوا عنها سوق البالة. باعة الثياب بالكيلو يستاؤون من هذه الكلمة. في كل حال، في لبنان أيضاً سوق البالة وفيه سوق الأحد أيضا. أحدهم ينتظر كل ويك أند ليشتري من سوق الأحد الملابس ويتباهى بها ويقول “أرسلتُ قبل عام جاكيت ماركة مايكل كورس الى شقيقة زوجتي في فرنسا وهي لا تخلعها وتشكرني كلما تكلمت معنا. هي هدية جئت بها من سوق الأحد، لكن اليوم تغيّرت بضاعة سوق الأحد وارتفعت أسعارها”.
أصبح البلد كله بالة. أصبحنا في بالة مساحتها 10452 كيلومتراً مربعاً. ونحن، في كل ذلك، ما زلنا نتباهى: إنها بالة لكن من بلجيكا… لكن من باريس… لكن من إيطاليا. نحن نتباهى حتى في ارتداء البالة.
المصدر : نداء الوطن