وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وبعد رفع الدولار الجمركي، يواجه قطاع استيراد السيارات منها أزمة وجوديّة في ظل عدم رفع الشطور، وعدم وجود نقل مشترك حضاري وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية اذ باتوا عاجزين عن استبدال سياراتهم بأخرى مستعملة فكيف الحال بالنسبة للجديدة، توازياً مع عدم تطبيق الدولة أي إجراءات لدعمه أو حتّى أخذ حلول المختصّين ودراساتهم في عين الاعتبار. فما واقع قطاع السيارات الجديدة المستوردة اليوم؟ وما مصيره؟
ويكشف عضو مجلس ادارة جمعية مستوردي السيارات الجديدة (AIA) فريد حمصي، لـ “المركزية” أن “مبيعات قطاع السيارات الجديدة تراجعت بنسبة تفوق الـ 80% سنة 2022، مقارنةً مع العام 2019″، معدداً أبرز أسباب هذا التراجع، بالإضافة للأسباب المذكورة أعلاه، وهي: “إلغاء القروض المصرفية للسيارات الجديدة، زيادة أسعار المحروقات، تجميد حسابات المودعين والشركات بالدولار الأميركي في المصارف”.
ويشدّد حمصي على أن “قطاع السيارات الجديدة ركن من أركان الاقتصاد الشرعي، وهو يمثّل مجموعة من الوكلاء المعتمدين الذين يصرّحون ويدفعون ضرائب ورسوم عالية جدّاً للدولة. كذلك، تعتمد عليه أكثر من 15.000 عائلة “.
وفيما خصّ نتائج رفع الدولار الجمركي إلى 45000 ل.ل. وتأثيرها على السوق اللبناني وأسعار السيارات فيه، يجيب “في ظل عدم وجود نقل مشترك وغلاء أسعار المحروقات، تمثّل السيارات الصغيرة حاجة أساسيّة لذوي الدخل المحدود. وفي حال لم يرفع الشطر الأدنى، فإن إجمالي كلفة الرسوم الجمركية على السيارات الصغيرة الشعبيّة سيرتفع من 20% الى 49% من أصل ثمن السيارة، وهي كلفة باهظة يتحملّها المواطن في ظل هذه الظروف الصعبة، مما يخلق أزمة نقل إضافية. لذا، يجب رفع سقف الـ %20 من 20 مليون إلى 600 مليون ل.ل. وفي حال تم مجدّداً تعديل سعر الصرف لدى الجمارك يفترض تعديل السقف بالنسبة المعتمدة نفسها (Multiplier). والا، ستصبح كلفة السيارة مرتفعة جدّاً، ممّا يؤدي إلى تراجع في المبيعات وإلى إقفال الكثير من الشركات بسبب المصاريف الباهظة التي تتكبّدها، وذلك سيؤدي حتماً إلى انخفاض كبير في إيرادات الدولة لجهة الضرائب والرسوم”.
أما بالنسبة إلى تداعيات عدم تشكيل الهيئة الوطنية للمنافسة، والخطر الذي يشكله هذا الأمر على السلامة المرورية وعلى حقوق المستهلك، فيشرح حمصي أن “وكلاء السيارات الجديدة يؤمنون ضمانات وكفالات المصنّع الرسميّة وخدمات ما بعد البيع، ويدرّبون التقنيين والمهندسين لديهم بشكل دوري تحت إشراف المصنّع، كما يقومون أيضاً بحملات استدعاء السيارات (Recall Campaign)، بطلب من المصنّع، من أجل القيام بتصليحات فنية أساسية تحمي المستهلك وتمنع تعرّضه لأي حادث.
إن عدم تشكيل الهيئة سيشجّع الاستيراد غير المسؤول لدى السوق الموازي (غير الوكلاء المعتمدين)، من دون تأمين تلك الخدمات، ما يشكّل خطراً على حياة المستهلك من دون أن يترتّب على هؤلاء المستوردين أيّ مسؤولية قانونية. وهذا الخطر يتضاعف عند استيراد السيارات الهجينة (Hybrid) والسيارات الكهربائية (EV)”.
من هنا، يطالب عضو مجلس ادارة جمعية مستوردي السيارات الجديدة باسم القطاع “وزارة الاقتصاد والمعنيين في الدولة الإسراع في تشكيل الهيئة الوطنية للمنافسة من أجل الإشراف على تطبيق قانون المنافسة بكل حذافيره، أي منع الاستيراد من قبل تجار غير وكلاء إن لم يؤمّنوا للمستهلك كلّ الضمانات وخدمات ما بعد البيع كما هو محدّد من قبل الشركة المصنّعة في عقد التمثيل التجاري في السجل التجاري وفي السجل الخاص في وزارة الاقتصاد والتجارة (البند 1 من المادة 5 في قانون المنافسة)”.
ويتحدّث عن الحلول الممكنة للجم تدهور القطاع والعمل على تحسينه، لافتاً إلى أن “جمعية مستوردي السيارات الجديدة قدمت للدولة عدة دراسات وخطط لمعالجة أزمة السير وخفض التلوّث البيئي. أهمّ النقاط الواردة فيها:
تطبيق قانون السير، لا سيّما المادة 348 المتعلقة بمنع استيراد السيارات المستعملة غير الصالحة للسير والتي تشكل خطراً على السلامة العامة، أو التي أخرجت من السير في البلد المصدّر من جراء حادث / Salvage او انصاف سيارات / (Reconstructed) أو غير حائزة على رخصة سير صالحة وشهادة من مركز معاينة ميكانيكية من البلد المصدر
خضوع السيارات المستعملة المستوردة للمعاينة الميكانيكية (Technical Control Certificate) في لبنان قبل وضعها في السير.
تحديد عمر السيارات المستعملة المستوردة بـ 3 سنوات كحد أقصى.
تنظيم فعلي للنقل المشترك
إعادة النظر في طريقة احتساب الرسوم الجمركية على السيارات الجديدة.
تطبيق الرقمنة والحوكمة الإلكترونية لتحسين سير العمل والربط ما بين الجمارك وكل ما يتعلق بالضرائب والرسوم وقسم إدارة المرور. ذلك سيسمح بتحسين مختلف الإجراءات وتبسيطها إلى جانب التحكم بشكل أفضل بدفع الضرائب والرسوم، ممّا سيساهم أيضًا في تحسين إيرادات الدولة.
العودة إلى القروض المصرفيّة الممنوحة للمستهلك من أجل شراء السيارات الجديدة.
التشجيع على تلف السيارات غير الصالحة للسير والتي يفوق عمرها الـ 15 سنة مقابل شراء سيارات جديدة عن طريق تقديم مساهمة ماليّة بدعم من الاتحاد الأوروبي (UE) وUSAID.
إعادة النظر بالرسوم الميكانيكية الحالية وهي مجحفة بحق أصحاب السيارات الجديدة الأقل ضررا لجهة تلوث البيئة وكلفة صيانة الطرقات من تلك التي تسببها السيارات المستعملة.