كتبت إيسامار لطيف في موقع “mtv” – يبدو أن قرار الدولرة الشاملة الذي اتخذه وزير الاقتصاد والتجارة مع الجهات المعنيّة لـ”إنصاف المستهلك” لم يحقّق غايته المرجوّة، لا بل “زاد الطين بلّة”، إذْ خرجت الأمور عن السيطرة، وبات من الصعب لجم جشع التجار بعد هذه النقطة إلّا بوضع قيود صارمة لقمع التجاوزات والمخالفات. فكيف تحوّلت نعمة الدولرة إلى نقمة؟
وتابعت لطيف…
تروي السيّدة ليزا الحايك لموقع “mtv” ما حصل معها داخل سوبر ماركت معروفة في منطقة الأشرفيّة- بيروت، حيث “دفعت ثمن مشترياتها التي بلغت نحو الـ37 دولاراً تقريباً، بالدولار “الفريش” تماشياً مع تعميم وزير الاقتصاد والتسعير بالمتاجر، إلّا أن الشاب على الصندوق حاسبها بالليرة اللبنانيّة، وعلى سعر صرف منخفض بحجة الخوف من هبوط الدولار بشكل مفاجئ، ممّا كبّدها خسارة مليون و200 ألف ليرة، ولكن ما مِن خيار أمامها بما أنّها لم تكن تحمل العملة الوطنيّة التي لم تعد تساوي شيئاً”.
فعلياً، الحايك ليست وحيدة، بحيث تصلنا شكاوى عدّة أخيراً من المواطنين الذين يتعرّضون إلى مواقف مشابهة في المتاجر أو محطات البنزين، إذ يدفعون بالدولار الفريش، بينما يقوم التجّار بالتسديد لهم بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف منخفض 3 أضعاف تقريباً. فمثلاً، تُجبركم المتاجر كمستهلكين بالدفع حصراً بالدولار أو على سعر صرف السوق السوداء لصالحهم، أمّا هم فمستثنيين من هذه القاعدة ويحقّ لهم احتساب الدولار الذي يساوي 92 ألفاً عند الصرّاف، بـ79 ألفاً، في ظلّ غياب الرقابة والمحاسبة، بحيث صار “كلّ مين إيدو إلو”.
“ما بقدر اتدخّل بالمتاجرة والعملة”، يؤكّد وزير الاقتصاد أمين سلام لموقع “mtv”، مشيراً الى أنّه “تبلّغ سلسلة شكاوى حول هذا الأمر أخيراً، ولكن بصفته الوزاريّة لا يمكنه التدخل قانوناً، ولا بدّ من توضيح دور وزارة الاقتصاد، والتمييز بينها وبين حماية المستهلك”.
أمّا عن آلية التسعير، فيلفت الوزير إلى “وجود هامش للحرّية، فالأمر متروك للمستهلك ليُحدّد ما إذا كان يُريد الدفع بالليرة اللبنانيّة أو الدولار، مع العلم أنّنا على يقين بما يحصل من تجاوزات ومخالفات، كما بوجود تجّار لا يشبعون ويحاولون سرقة الشعب، وهذا يندرج تحت خانة الجرائم الماليّة، لذا ندرس في الوزارة حالياً آلية علميّة من المفترض أن تُخفّف من هذه المشاكل ولكنها لن تحلّها إلّا إذا تحملّت كلّ الجهات مسؤوليتها”.
على أبواب رمضان، طلب سلام إجراء دراسة معمقّة منعاً لحدوث مخالفات، غير أنّه بالنسبة الى الوزير “الدولار فلتان” وسنشهد احتجاجات عدّة لطالما حذّرنا منها.
في الظاهر، تبدو تسعيرة الدولار كخطوة ضروريّة لتثبيت أسعار السلع والبضائع للتخلّص من الاحتكار والتلاعب، أمّا على أرض الواقع، فالنتيجة كارثيّة، إذ كلّ سوبر ماركت تُسعّر على هواها، هذا طبعاً من دون الدخول باختلاف الأسعار للسلع نفسها، أضف إلى ذلك تحديد سعر صرف مغاير بين المتاجر عشوائيّاً.
بدوره، يستنكر نقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد، في حديث مع موقع “mtv”، هذه الظاهرة “غير المبرّرة”، وفق تعبيره، داعياً المواطنين إلى “مراجعة الإدارة، لأنّه من غير المقبول تحميل المستهلك مصاريف إضافيّة من دون آلية واضحة”.
لا شكّ بأنّ الآلية الحالية المعمّمة في المتاجر جديدة على اللبنانيين، وقد تبدو ضبابيّة بالنسبة الى بعضهم، وهذا ما حذّر منه النقيب، الذي أشار إلى أنّ “بعض المستهلكين لا يُدركون آلية الدفع وتختلط الأمور عليهم لجهة التحويل من اللبنانيّ إلى الدولار”، موضحاً أنّه “من الصعب على السوبر ماركت توفير “فراطة” بالدولار للزبائن، لأنّ قرار الدولرة دخل حيّز التنفيذ من مدّة قصيرة، إلّا أنّنا مع مرور الوقت سنتخطّى هذه المشكلة”.
المراقبة ضروريّة، ليس فقط على صعيد حماية المستهلك، إنّما بالنسبة الى المواطن أيضاً، حيث دعا فهد المستهلك الذي يشكّ بحدوث أيّ تلاعب الى “إبلاغ الجهات المعنيّة فوراً، وعدم القبول به، لأنّه في بعض الأوقات تكون المتاجر بريئة من التهم التي تُنسب إليها، وتكون المشكلة ناتجة عن سوء تفاهم بين العاملين على الصندوق والمواطن لسبب أو لآخر”.
اقتصاديّاً، فإنّ حصرية الدفع بالدولار تُعدّ من أخطر تداعيات الأزمة على المستهلك، لا سيّما مَن يتقاضى راتبه بالعملة اللبنانيّة، الأمر الذي سيؤدّي إلى ارتفاع الطلب على الدولار وبالتالي أسعار السلع ستُحلّق أيضاً… فما البديل؟