منصوري دق ناقوس الخطر محذرا من عدم الانتظام المالي
دق حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ناقوس الخطر محذراً من ان الانتظام المالي للدولة لن يتحقق من دون إقرار القوانين الإصلاحية وتحديداً قانون Capital Control وقانون إعادة التوازن المالي وقانون إعادة هيكلة المصارف مشدداً على “ضرورة إقرار هذه القوانين في خلال ستة أشهر للبدء بمسار التعافي المالي كون الوضع النقدي لا يحتمل المزيد من المماطلة”.
لكن للأسف لم يتحقق اي شيء على هذا الصعيد، والأسوأ انه يتبين عدم وجود الحد الادنى من التوافق السياسي. لذا يرى منصوري “أن كل يوم نخسره من دون صدور هذه القوانين يؤدي الى ازدياد الخسارة واضمحلال فرص الحل، وتفاقم معاناة المودعين في انتظار إيجاد حل لاسترداد ودائعهم، ويصعب معها إعادة إحياء الدورة الإقتصادية السليمة وإطلاق مسار التعافي”.
وتوجه منصوري مجدداً إلى القوى السياسية وإلى الكتل النيابية بطلب إبعاد السلطة النقدية وإحتياجاتها عن أي تجاذب سياسي مشدداً على “ضرورة الحفاظ على أموال المودعين والعمل على إعادتها والحفاظ على الموظف العام وإستقراره المعيشي والحفاظ على الأمن وإستقرار سعر الصرف”.
وفي اطار تعليقه على كلام منصوري رأى الخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي في حديث للديار “أن منصوري وصّف المشكلة وأننا ما زلنا في إطار توصيف المشكلة والشعب اللبناني يدرك اسباب وطبيعة المشكلة ويعاني من نتائجها لأن الطبقة السياسية ترفض اقرار وتنفيذ أي إصلاح”.
لافتاً الى “أن المصرف المركزي تقع على عاتقه مسؤولية تجاه المالية العامة لجهة تأمين الحد الأدنى من المصاريف التشغيلية لتأمين الحد الأدنى من الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن اللبناني ،وهذا باعتراف منصوري الذي قال نحن سنمول رواتب وأجور موظفي القطاع العام والإجراء الأفضل ان تكون هذه الرواتب بالدولار كي لا يكون هناك فائض من الضخ للأوراق النقدية بالليرة اللبنانية ،والذي سيؤدي الى ضغوطات تضخمية بالرغم من أن منصوري وعد بغير ذلك عند استلامه حاكمية مصرف لبنان يشير فحيلي” معتبراً ” أن منصوري يسير في إطار تصحيحي ومصرف لبنان لديه القدرة على ذلك”.
وإذ أشار فحيلي الى ما تضمنه حديث منصوري “لجهة تقصير السلطة التشريعية بإقرار الإصلاحات حيث دق ناقوس الخطر كي لا يتم تعزيز التداول بالاوراق النقدية ،أعرب عن تفاجئه الى أنه لم يتم الإشارة الى التعميم الأساسي رقم ١٦٥ الذي أصدره مصرف لبنان والذي يخفف من التداول بالأوراق النقدية ،معتبراً ان هذا الأمر ( دعسة ناقصة) لأن هذا التعميم من انتاج المجلس المركزي لمصرف لبنان وكان نتيجة اجتماع داخله ،سيما وأن منصوري هو المسؤول عن هيئة التحقيق الخاصة بتكليف من الحاكم السابق رياض سلامة ،لافتاً إلى ان التعميم ١٦٥ هو نتيجة التخوف من أن يُصنف لبنان على اللائحة الرمادية أو حتى على اللائحة السوداء ،بعدما صدر تقرير البنك الدولي الذي اتهم مصرف لبنان بأنه يُشجع التداول بالأوراق النقدية وجعل لبنان جنة لمبيضي الأموال من خلال منصة صيرفة”.
ورأى فحيلي “كان الأجدى بمنصوري أن يشير الى أهمية امتثال المصارف ويشجع الشعب اللبناني لأن التعميم ١٦٥ يشجع على فتح حسابات جديدة والإعتماد على وسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي”.
وفي موضوع الحفاظ على اموال المودعين الذي أشار اليه منصوري قال فحيلي ” مهمة مصرف أن يُحافظ على القطاع المصرفي وعلى سلامته وسلامة النقد الوطني و لتعاون مع وزارتي المالية والإقتصاد على النمو الإقتصادي وإنقاذه وإنعاشه ،في المقابل يرى فحيلي أنه ليس من مهام المركزي المحافظة على أموال المودعين لأنه إذا حافظ على عمل القطاع المصرفي فهو بذلك يُطمئن المودعين على اموالهم “.
وأشار فحيلي إلى ” ان المودعين لا يريدون ان يضعوا أموالهم في خزائنهم الحديدية ،لفت إلى أن غياب الثقة هو الذي دفع بهؤلاء المودعين للمطالبة بودائعهم ،معتبراً أن مهمة منصوري ومصرف لبنان أن يسترجعوا هذه الثقة” .
لكن يقول فحيلي “منصوري لم يتحدث عن إطلاق عجلة ترميم الثقة بين المودع والمواطن والقطاع المصرفي للتوجه تحو تفعيل العمل بالتعميم ١٦٥ “.
بالمختصر المفيد وفق فحيلي “لا نزال مكاننا باستثناء إطلالة منصوري المريحة أكثر من إطلالة سلامة”.
أما بالنسبة للتقرير المبدئي للتدقيق الجنائي قال فحيلي “لا داعي لأن يقول منصوري إذا الشركة المدققة لم تحصل على كل المعلومات لأنه يعلم أنها لم تحصل على كل المعلومات باعتراف الشركة نفسها طالباً من منصوري تأمين كل المعلومات التي لم يؤمنها سلامة كي تتمكن الشركة من إعطائنا تدقيقا جنائيا كاملا متكاملا وبالتالي يستطيع القضاء أن يستعمل محتوى التقرير كي يدعي على أي شخص او مؤسسة تم ذكرهم بالتقرير”.
ورأى فحيلي “أن منصوري يحاول قدر المستطاع الضغط على السلطة الحاكمة كي تباشر بإقرار الإصلاحات وتنفيذها ،استبعد إقرار قانون الكابيتال كونترول لأن جزءا كبيرا من الطبقة الحاكمة تعتبر مجلس النواب هيئة ناخبة لا يحق له أن يُشرع ومجلس الوزراء مكبلة يديه ومن الصعب أن يجتمع بسبب عدم إكتمال النصاب ،مشيراً الى أن أحد النواب من كتلة الرئيس بري بشّر بانتخاب رئيس للجمهورية خلال شهر أيلول وبأن الأمور ستبقى على ما هي عليه لجهة آداء مصرف لبنان إذ أن كل التعاميم التي هي سارية المفعول ستبقى سارية المفعول ودفع رواتب وأجور موظفي القطاع العام على دولار مدعوم الذي أعلن عنه منصوري وهو ٨٥،٣٠٠ ليرة سيستمر إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان وتشكيل حكومة تُعين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان”.
وفي موضوع قرار منصوري بعدم إقراض الحكومة من دون قانون رأى “ان كلام منصوري العالي السقف لا يعني أنه لن يؤمن تغطية لدفع المصاريف التشغيلية للحكومة ،وهو بكلامه هذا يقصد الضغط على الطبقة السياسية من أجل إقرار الإصلاحات معتبراً أن هذا الأمر واجب على منصوري”.
واستبعد فحيلي” أن يحصل أي اضطرابات في سعر صرف الدولار الذي سيبقى مستقراً لأسباب عديدة أهمها السياسات النقدية التي اعتمدها الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة ،إضافةً إلى أن اليوم لم يعد هناك مساحة للمضاربين كي يتحكموا في سعر الصرف لأن القطاع الخاص كله تدولر ،والجزء البسيط الذي ما زال يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية ليس له تأثيرات اقتصادية، لافتاً الى أن المؤسسات التجارية تتقاضى وتدفع بالدولار وبالتالي فهم لا يلجأون الى السوق الموازي لشراء الدولار ولذلك نشهد استقراراً في سعر الصرف”.
ووفق معلومات فحيلي “مصرف لبنان سيؤمن حاجة الدولة للأموال بالدولار والليرة اللبنانية لكنه لن يؤمنها عن طريق فائض من الضخ للدولار او الطلب على الدولار كي لا يشكل صدمة على سعر الصرف مشيراً الى أن المركزي لديه احتياطات بالعملة الأجنبية سيؤمنها للدولة وسيستعمل الاوراق النقدية بالليرة اللبنانية كي يقوم بإعادة تكوين للدولارات التي صرفها لكن بتروي وعلى مراحل ،وهذا ما أشار اليه منصوري بأنه يتدخل بالطرق التقليدية التي لا تحدث أي اضطرابات في سعر الصرف”.
اميمة شمس الدين – الديار