عام دراسي خامس أمام المجهول: زيادة أقساط المدارس الخاصة 400%
حتى الساعة، ليست في حوزة وزارة التربية حلول فعلية لإطلاق عام دراسي جديد. في التعليم الخاص، تمعن «المافيا» في فرض دولرة عشوائية على الأقساط بلا معايير وضوابط، مستفيدة من انسحاب الوزارة تماماً من المشهد، وتغييبها الرقابة والتدقيق المالي في موازنات المدارس. وفي التعليم الرسمي، يربط وزير التربية بدء العام الدراسي بالتمويل غير المؤمّن. والقطاعان يعيشان تحديات مماثلة، إذ لا يزال أكثر من 39 ألف معلم في المدارس الرسمية وأكثر من 50 ألفاً في المدارس الخاصة في حيرة بين صرف رواتبهم الضئيلة على نفقات المعيشة الأساسية واستخدامها لتغطية كلفة التنقّل إلى المدرسة. وهناك أكثر من مليون طالب مهدّدون بخسارة التعليم مجدّداً بعدما خسروا جزءاً كبيراً منه منذ 17 تشرين الأول 2019، والإغلاق التام الناتج من جائحة كورونا، والأزمة المالية والاقتصادية، وإضرابات المعلمين.
وفي محاولة لتقييم الجاهزية لاستقبال عام دراسي خامس «مأزوم»، أجرى الباحث في مركز الدراسات اللبنانية، محمد حمود، ثلاثة استطلاعات، عبر الإنترنت، استهدفت 3307 من أهالي التلامذة و1096 طالباً و1218 أستاذاً من المدارس الرسمية والخاصة موزّعة على مختلف المحافظات. وخلص حمود إلى أن الوضع فــي معظمه بقي من دون تغيير، «فالتحديات التي عاني منها التلامذة والأهالي والأساتذة في الأعوام الدراسية الماضية لا تزال قائمة، ما يعرّض للخطر قطاع التعليم وفرص التعلم لمليون طالب لبناني وسوري». ووسط التحديات المتزايدة، يستوقف حمود اكتفاء وزارة التربية بالحلول «الترقيعية»، مثل التعهّد للأستاذ بإعطائه 300 دولار على ثلاثة أشهر مثلاً بدلاً من وضع حلول جذرية مالية وتربوية لكل العام الدراسي قبل حلول أيلول، مستغرباً إعلان وزير التربية عباس الحلبي أن بدء العام الدراسي المقبل سيعتمد على توفّر المال، فيما المشكلة ليست مادية فحسب، إنما أكاديمية متصلة بالفقدان التعلّمي، ومؤشرات الامتحانات الرسمية تشي بتخريج أجيال ضعيفة. وكانت «قنبلة» النتائج أن يفصح 41% من عينة الأهالي أن لديهم ولداً واحداً على الأقل دون سن الـ 18 عاماً خارج المدرسة، في حين أن 39% من العينة قالوا إنهم نقلوا أبناءهم من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الرسمية، إذ إن 93% من هؤلاء لم يكونوا قادرين على دفع الأقساط. أما النزوح المعاكس من المدرسة الرسمية إلى المدرسة الخاصة فقد بلغ 20%، وعزا 73% من هؤلاء السبب الرئيس إلى الإضرابات المتكررة للأساتذة نتيجة عدم الاستجابة لمطالبهم.
في مقابل هذا الارتفاع، بلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة لهذا العام 463 دولاراً، وهو أعلى بدولار واحد عن متوسط العام الماضي. وهذا يعني، بحسب حمود، أن تسجيل طفل واحد في مدرسة خاصة يتطلب نحو 65% من دخل الأسرة السنوي. لذا، اضطر 74% من الأهالي إلى الاستدانة لتغطية كلفة تعليم أطفالهم.