مياومون غير خاضعين لقانون العمل: عمّال الأفران ضحايا «كارتيل الخبز» أيضاً
كل زيادة على سعر ربطة الخبز تُرفق عادة بعباراتٍ تبريرية من قبيل ارتفاع أسعار المازوت والطحين والسكر و… «أجور العمال»، علماً أن هؤلاء يعملون بين 12 و14 ساعة مقابل أجر لا يتجاوز عشرة دولارات يومياً، وهم محرومون من أبسط الحقوق المكتسبة للعامل في لبنان.
فمنذ إقرار هذا القانون عام 1946، استثني منه عمال الأفران، باعتبارهم مياومين ترتبط أجورهم بكلفة إنتاج ربطة الخبز التي تحدّدها وزارة الاقتصاد، ما حرمهم من أي تقديمات اجتماعية وصحية يحصل عليها الخاضعون لقانون العمل، ومن حقوق بديهية كالعمل 8 ساعات يومياً والاستفادة من العطل الأسبوعية والإجازات السنوية والعطل الرسمية وإجازات الوفاة والمرض والتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومن الحقّ في ديمومة العمل وانتظامه، إذ بإمكان ربّ العمل الاستغناء عن خدماتهم ساعة يشاء.
في 11 كانون الثاني الماضي، أصدر وزير العمل مصطفى بيرم، مذكرة قضت بإخضاع عمال الأفران لقانون العمل. إلا أن مالكي الأفران رفضوا الالتزام بها، ما أبقى العمال خاضعين لاستنسابية أصحاب العمل وأبقى الغبن اللاحق بهم قائماً. ويقول رئيس نقابة عمال المخابز والأفران في بيروت وجبل لبنان شحادة المصري، إن أرباب العمل لا يريدون التصريح عن عدد عمال الأفران الفعلي للضمان الاجتماعي، ولا عن عدد العمال الأجانب تجنباً لاستصدار إجازات عمل. ولفت إلى أن النقابة عرضت على بيرم تنظيم القطاع عبر تأليف لجنة برئاسته لبحث المطالب، وقد أبدى الأخير تجاوبه، «وطلب صياغة وثيقة تنظّم العلاقة التعاقدية بين العمال وأصحاب الأفران، لا يزال أصحاب العمل منذ شهر ونصف شهر يتهرّبون من إنجازها».
قرار بيرم جاء بعدما نكث وزير الاقتصاد أمين سلام بوعده للنقابة بضّم ممثلين عن العمال إلى لجنة تحديد كلفة إنتاج ربطة الخبز وتسعيرتها الرسمية، ضمن معادلة لا تحمي حقوق أصحاب العمل فقط، وإنما العمال وساعات عملهم وحقوقهم، ولا سيما أنهم الأكثر غبناً في هذه المعادلة. ويشدد المصري على ضرورة وجود ممثل عن العمال في اللجنة، على مبدأ تمثيل كل أطراف الإنتاج، وبما أنّ «العمال هم الطرف الأساسي ويعرفون جيداً كم تحتاج ربطة الخبز من مكونات ومقادير»، ملمّحاً إلى مبالغات أصحاب الأفران في التصريح للجنة عن المقادير اللازمة لصناعة كل ربطة، رغبةً في ضمان أرباحهم، على حساب أجرة العامل وحقوقه.
وكانت اللجنة التي شكّلها وزير الاقتصاد السابق راوول نعمة عام 2020 واستثنيت النقابة منها، قد خلصت إلى تحديد مجمل أجرة العامل الشهرية بنحو 173 دولاراً، على أساس عمل يشمل 25 شوال طحين في 8 ساعات يومياً. بينما في الواقع، بحسب المصري، «يصل عدد ساعات العمل إلى 14 يومياً على أساس يتراوح بين 40 و50 شوال طحين للعامل الواحد».
ندى أيوب – الاخبار