الموازنة بنسختها الحكومية: لا ضرائب بالدولار
من المتوقع أن يُحال مشروع موازنة العام 2024 الى المجلس النيابي في نهاية الأسبوع لمناقشته بعدما أقرّته الحكومة ضمن المهل الدستورية، الا ان مشروع موازنة العام 2023 الذي من المتوقع ان يناقش يوم الاثنين المقبل في لجنة المال والموازنة معرّض للرد الى الهيئة العامة لأنه أُرسل خارج الموعد الدستوري.
أسقطت الحكومة من مشروع موازنة العام 2024 دولرة الايرادات اي استيفاء بعض الرسوم بالدولار الاميركي نزولا عند نصيحة صندوق النقد الدولي، كذلك تراجعت عن موضوع رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 12% وأبقتها على 11%، وتراجعت عن اعفاء اصحاب السندات والاسهم المالية الاجنبية المقيمين في لبنان من الضريبة، واعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن تشكيل لجان برئاسة نائب رئيس الحكومة لوضع مشروع قانون ضريبة الدخل الموحدة، مشروع تعديل قانون المحاسبة العمومية، إعادة هيكلة القطاع العام والمؤسسات العامة، هيئة لتحقيق وتنسيق ووضع المعايير لأنظمة المعلوماتية في الدولة اللبنانية، إصلاح الجمارك وضبط التهرب من التسجيل في الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على السلع الفاخرة.
وفي قراءة عامة لمشروع موازنة العام 2024، يقول النائب رازي الحاج لـ«الجمهورية» صحيح انّ مشروع موازنة 2024 لم يصل بعد الى المجلس النيابي انما ما بَدا جلياً حتى الآن انّ المنطق المتّبع في اعداد الموازنة لا يزال نفسه وهو يتّكل على فرض مزيد من الرسوم والضرائب على نفس الفئة المكلفة من اجل تغطية زيادة النفقات من دون المباشرة بأي اصلاحات مثل اعادة هيكلة القطاع العام، إلغاء او دمج مؤسسات وصناديق ومجالس لا لزوم لها… كذلك لم يتم السير بأي اصلاح يساعد على تحسين ايرادات الدولة من خلال تخفيف التهرب الضريبي الذي يتم على 3 مستويات:
– التهرب الضريبي من دفع الضريبة على القيمة المضافة والارباح… اي التي يخضع لها المكلف، لذا نلاحظ ان غالبية الشركات لديها اكثر من دفتر حسابات، وراهناً مع الاقتصاد الكاش بات التهرب الضريبي اسهل. واستنادا الى ارقام وزارة المالية، فإن نسبة التهرب الضريبي غير الجمركي تفوق الـ 50% اي حوالى مليار و100 مليون دولار سنوياً.
– التهرب من دفع الرسوم الجمركية، فقد كشفت ارقام الجمارك ان ايرادات هذا المرفق حتى شهر تموز الفائت لا تفوق الـ 250 مليون دولار بينما يجب الا تقل عن المليار دولار.
– التهريب عبر الحدود والذي يحصل بالاتجاهين بين لبنان وسوريا ويقدّر بما بين 200 الى 250 مليون دولار.
الى جانب التهرب الحاصل في بعض القطاعات مثل الانترنت من خلال الشبكات غير الشرعية اذ من اصل مليون و 161 الف مشترك هناك 750 الفا مشتركين بشبكات غير شرعية، بما يخسر الدولة ايرادات لا تقل عن 100 مليون دولار.
ناهيك عن عدم اصلاح قطاع الكهرباء، فالمشتركون يدفعون اغلى الفواتير في العالم مقابل تغذية ساعتين يوميا، ولم تتمكن الوزارة من تنفيذ وعودها برفع التغذية الى ما بين 8 الى 10 ساعات يوميا.
كل ما تقدّم يثبت ان الاعباء الضريبية لا تزال الى ارتفاع على نفس الفئة من الناس بينما لا احد يمس بالمتهربين ولم تتخذ اي خطوة اصلاحية، فالدولة لا تستطيع ان تضبط مرافقها العامة او ان تضع سكانر على المطار والمرفأ.
بنود تفصيلية
أما في بعض تفاصيل مشروع موازنة 2024، فقد رحّب الحاج باقتراح يسمح للناس ان تدفع ضرائبها بواسطة شيكات من ودائعها. وقال: صحيح ان هذه الخطوة تصب لصالح بعض المودعين الذين لديهم اموال عالقة في المصارف مقابل ديون يجب تسديدها للدولة، انما فعليا لن تأتي هذه الخطوة بإيرادات للدولة لأن الدولة لن تحصل على عملة ورقية مقابلها بل على ورقة وارقام بالحساب من دون موجودات فعلية تقابلها، عدا عن ان هذا البند يفرض هيركات بنسبة 50% على المودعين لأنها ستحتسب الشيك بنسبة 50% من السعر الرائج. تابع: ان الدولة تحاول ان تقول من خلال هذا المقترح انها ستتحمل جزءا من مسوؤلية الودائع الا انها لم تعلن صراحة عن حجم المسؤولية الذي ستتحملها.
وفي موضوع استحداث بدل خدمات سريعة وطارئة يقول الحاج ان هذه الخطوة تصلح فيما لو كانت الخدمات التي تقدمها الدولة مميزة، فمباني الدولة مهترئة ولا تتمتع بالحد الادنى من التسهيلات وتغيب عنها المكننة، لذا سيأتي بدل هذه الخدمة في إطار الرشوة المقنعة، ويجب على الدولة أن تفرز بين المواطن الميسور والمواطن الفقير.
موازنة 2023
من جهة أخرى، جدّد الحاج رفض مناقشة مشروع موازنة العام 2023 داخل لجنة المال والموازنة لعدة اسباب موجبة، منها ان الحكومة لم ترسل مشاريع قوانين قطوع حسابات السنوات السابقة لإقرارها أو على الأقل مشروع قانون قطع حساب 2021 أو 2022، والتأخر في ارسال مشروع موازنة 2023 من قبل الحكومة سنة كاملة يؤكد على عدم احترامها للمهل الدستورية والأصول القانونية الملزمة لدى ارسال مشروع الموازنة.
اضاف: لا يمكننا اليوم التصديق على اموال صرفت خلال العام 2023 وفق القاعدة الاثني عشرية انما بأرقام تفوق قيمة الاثني عشرية. وأوضح انه بعد رد الموازنة الى الهيئة العامة يجب ان يتم قطع حساب للعام 2023 على ان نبدأ في العام 2024 وفق اسس واضحة للصرف، اذا لا يجوز اعداد موازنة من دون ان نعرف المبالغ التي سبق وصُرفت، وفي هذا الأمر مخالفة لمواد دستورية ولقانون المحاسبة العمومية.
ايفا أبي حبدر – الجمهورية