ضريبة على القروض المسدّدة بالليرة أو اللولار… تدرّ 7.5 مليارات دولار
تطبيقاً للمثل القائل «المفلس يعاود البحث في دفاتره القديمة بحثاً عن أموال طواها النسيان»، يجري حالياً التداول بأن حاكم المصرف المركزي بالانابة الدكتور وسيم منصوري، يقترح فرض ضريبة على كبار المقترضين الذين سددوا قروضهم على دولار 1500 أو باللولار.
هذا الاقتراح بدأ يتداوله منصوري بصوت عال مع جمعيات المودعين، أما بلغة الارقام فتبلغ هذه القروض (بحسب تقرير بنك عوده) 30 مليار دولار، في حين أن التقرير الاخير لصندوق النقد الدولي يتحدث عن 15 مليار دولار تمّ تسديدها على حساب المودعين الذين لا يعلمون الى الآن متى سيستردون أموالهم. علماً أن النقطة المركزية في هذا الطرح هي كيف يمكن لمنظومة سياسية-مصرفية أن تقبل بفرض ضرائب على أزلامها والمنتفعين الذين يدورون في فلكها من كبار التجار والصناعيين ومطوري العقارات والمصرفيين والنافذين وبينهم عدد كبير من السياسيين ومن هم بحماية السياسيين. واذا كان لا بد من التعامل مع هذا الاقتراح بطريقة عادلة، ما هي نسبة الضريبة التي يمكن أن تفرض على هؤلاء المقترضين-المستفيدين ووفقاً لأي آلية قانونية؟
مقترح جمعية حقوق المكلفين
يشرح الأستاذ المُحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، الدكتور كريم ضاهر لـ»نداء الوطن» أن «هذا الاقتراح من المواضيع التي أثارتها الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين ALDICO، وسترد ضمن الملاحظات التي ستنشرها الجمعية قريباً على مشرعي قانون الموازنة العامة للعامين 2023 و2024»، موضحاً أن «هناك 33 مليار دولار كانت قروضاً على القطاع الخاص للمصارف، وأن هناك أطرافاً تقول أن هذا المبلغ تمّ تسديده على سعر دولار 1500 ليرة، في حين أن صندوق النقد يقول ان المبلغ المسدد هو 15 مليار دولار. وأيا كان الرقم فان ما حصل هو استفادة لقسم من عملاء المصارف على حساب المودعين، لأن خسارة المصارف 33 ملياراً كأصول بسعر زهيد هي في الاساس خسارة الضمانة لأموال المودعين».
هناك نوعان
يضيف: «تنقسم هذه المبالغ الى شقين: الأول هو تسديد المقترضين لهذه القروض من ودائعهم المحجوزة وهذا حق لهم، وهناك مقترضون (عددهم كبير) اشتروا شيكاً مصرفياً (لولار بقيمة أقل من قيمة الاموال المودعة في المصرف) من مودعين يخافون من عدم استرداد ودائعهم ويحتاجون للاموال». لافتاً الى أنه «في القوانين اللبنانية المرعية الاجراء، مادة في قانون ضريبة الدخل وهي المادة الرابعة فقرة (د)، تنص على أن كل شخص حقيقي أو معنوي حصل على ربح عن عمل ودرّ ريعاً غير خاضع لضريبة الدخل، يعتبر من جملة المكلفين بضريبة على أرباح المهن، أي أن المبدأ هو أن أي إيراد لا يكون خاضعاً لأي ضريبة نوعية أخرى على الدخل، يكون خاضعاً لضريبة الباب الأول من قانون ضريبة الدخل (المرسوم الإشتراعي رقم 144 تاريخ 12/6/1959 مع تعديلاته)».
ربح من نوع خاص
يشدّد ضاهر على أن «هذا الربح الذي حققه المقترضون غير ناتج عن مهنة او عملية تجارية او صناعية، او مهنة حرة او ايرادات املاك مبنية او اموال منقولة من اسهم وسندات، وبالتالي هذا الربح لا يدرج في اي خانة من الضرائب الاخرى على الدخل، والضريبة العامة التي هي ضريبة الباب الاول، تتراوح اذا كان فرداً بين 4 و25 بالمئة، والشخص الذي يتقاضى مبلغاً معيناً في السنة يمكن ان تكون الضريبة 25 بالمئة من هذا الربح، على السعر الحقيقي للدولار مما قد يؤمن ايرادات بقيمة حوالى 7,5 مليارات دولار».
ويؤكد أن «هذا هو المبدأ القانوني من دون الحاجة الى صياغة قانون جديد، بل يمكن لأجهزة وزارة المالية في حال تم تطبيق القانون 306 / 2022 لرفع السرية المصرفية وبعد استصدار مرسوم يحدد الآلية لرفع هذه السرية، يمكن للوزارة ان تحدد (بالتعاون مع المصارف) المقترضين الذين حققوا الارباح منذ العام 2019 وحتى اليوم، ويمكن أن تطبق هذه المواد القانونية بمفعول رجعي لأن مرور الزمن لم يتحقق الى الآن، خصوصاً أنه تم تعليق المهل القانونية نحو عامين»، مشيراً الى أنه «عندها يمكن ان تحدد وزارة المالية من حقق الارباح سواء أكان فرداً أو شركات، وأن يتم اخضاعهم لضريبة تصاعدية على الارباح تصل الى 25 بالمئة للأفراد، والشركات 17 بالمئة بالاضافة الى ضريبة توزيع بمقدار 10 بالمئة».
ضريبة تخصيصيّة
ويوضح أنه «من المفترض أن يتم تحويل هذه الاموال الى خزينة الدولة تطبيقاً لمبدأ الشمول وبعدها يتم توزيعه بحسب البنود التي تحددها الموازنة العامة، لكن يمكن استصدار قانون لاعتبار هذه الضريبة هي ضريبة تخصيصيّة على غرار ما حصل بعد زلزال 1957، وبهذه الطريقة يمكن تحويل الاموال الى صندوق استرداد الودائع للمودعين، من خلال ايرادات عن اموال خسروها بطريقة غير مباشرة وتطبيقاً لمبدأ المساواة بين المواطنين تطبيقاً للمادة السابعة من الدستور اللبناني/ تحديداً الفقرة (ج)».
رفع السريّة
يضيف: «الحاكم منصوري يمكن ان يطلب من وزارة المالية ان تعاود تحصيل ايرادات من افراد وشركات حققوا ارباحاً من دون مسوغ شرعي، ويمكن لوزارة المالية عبر القانون 306/2022 قانون السرية المصرفية ان تستصدر مرسوماً تحدد فيه الآلية لرفع السرية المصرفية عن حسابات المكلفين، علماً أن هذا القانون يطالب به صندوق النقد الدولي ولا تنفذه وزارة المالية ولا تصادق عليه الحكومة اللبنانية بالرغم من مرور نحو عام على صدوره». ويختم: «هناك كبار المقترضين المقربين من الطبقة السياسية استفادوا من تسديد القروض على 1500 ليرة، وعلينا الاضاءة على هذه التجاوزات غير المنطقية وغير الواضحة، أي تبديد 33 مليار دولار على سعر 1500 ليرة للدولار، وهناك مودعون خسروا اموالهم وآخرين خسروا جزءاً كبيراً منها لأنهم باعوا ودائعهم بطريقة اللولار وباقتطاع وصل احياناً الى 90 بالمئة من قيمة الودائع».
قانون ضريبة الدخل/ مرسوم اشتراعي رقم 144 – صادر في 12/6/1959
المادة 1- تتناول ضريبة الدخل:
1 – أرباح المهن الصناعية والتجارية وغير التجارية.
2 – الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد.
3 – دخل رؤوس الأموال المنقولة.
في الضريبة على أرباح المهن الصناعية والتجارية وغير التجارية
الفصل الأول – المادة 1 في الأعمال والمهن الخاضعة للضريبة
المادة 2- تتناول الضريبة أرباح المهن والمؤسسات التجارية والصناعية والحرفية، وأرباح المهن الحرة، وربح كل عمل يدر ريعاً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل، ولا يستثنى من الضريبة أي دخل إلا بنص صريح في القانون.
المادة 3- تفرض الضريبة باسم الأشخاص الحقيقيين والمعنويين، المقيمين في الأراضي اللبنانية أو في الخارج، على مجموع الأرباح التي يحققونها في لبنان.
المادة 4- يعد في جملة المكلفين بهذه الضريبة:
أ- الشركات، أياً كان نوعها وغايتها.
ب- الأشخاص الحقيقيون أو المعنويون:
1 – الذين يتوسطون في شراء العقارات والمؤسسات التجارية أو بيعها، والذين يتولون شراءها باسمهم وبيعها للمتاجرة.
2 – الذين يؤجرون مؤسسة تجارية أو صناعية مجهزة بالمفروشات أو الأدوات اللازمة لاستثمارها، سواء تناول الإيجار كل العناصر غير المادية التي تتألف منها المؤسسة أو تناول جزءاً منها، أو لم يتناولها على الإطلاق.3 – الذين يستفيدون من عائدات استثمار المواد الموجودة في باطن الأرض.
ج- السماسرة والعملاء، والوسطاء، وبصورة عامة كل شخص حقيقي أو معنوي يتوسط في شراء أنواع الأموال كافة أو بيعها.
د- كل شخص حقيقي أو معنوي حصل على ربح من عمل يدر ريعاً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل.
باسمة عطوي – نداء الوطن