“الدراسات الزلزالية واعدة”.. بالأرقام: إليكم إحتياطات النفط والغاز في البلوك 9
تتجه الأنظار نحو عمليات التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9 بالمياه الإقليمية اللبنانية، حيث يطغى التفاؤل بشكل كبير، وهذا ما ظهر بوضوح في كلمة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في الأمم المتحدة مؤخرا.
والأسبوع الماضي، قال ميقاتي: “اسمحوا لي أن أُسجّل ارتياح لبنان لبدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، ورغبته في لعب دور بنّاء مستقبلاً في مجالات الطاقة في حَوض المتوسط”.
ومنتصف آب الماضي، أعلن وزير الأشغال العامة علي حميه، وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9 جنوب البلاد على الحدود مع إسرائيل.
من جهتها، قالت شركة توتال في بيان وقتها، إنها “متفائلة بوجود ثروات في حقل قانا في البلوك 9.. نحن على بعد خطوات قليلة من الاستكشاف”.
كان لبنان وقع في شباط 2018، عقدا مع ائتلاف شركات نفطية بقيادة “توتال” والذي يضم “إيني” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية – التي انسحبت فيما بعد وحلت مكانها “قطر للطاقة” للتنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية.
مراحل التنقيب
وكشف المدير التنفيذي لمنظمة استدامة البترول والطاقة مروان عبد الله، عن المراحل التي يمر فيها التنقيب.
وقال للأناضول: “بعد وصول باخرة التنقيب تحضّر الأرضية أو القاعدة الخاصة لمدّ قساطل تحت المياه، وهذا ما بدأته الشركة المشغّلة آواخر أغسطس في البوك رقم 9”.
وأشار إلى أن هناك مرحلتين، “الأولى هي المرحلة فوق سطح البحر حتى قعره، ثم يتم الحفر في القعر”، لافتا إلى أن كل مرحلة التنقيب تحتاج إلى نحو 68 يوما أو 3 أشهر وفقا لظروف البحر والطقس في الشتاء.
وتابع: “بعدها يتم أخذ كل ما تم استخراجه من قعر البحر مثل الصخر، نوع التراب والغاز والنفط إلى المختبرات الخاصة في توتال ويقومون بدراستها”، مضيفا أن الدراسات تُظهر نوعية النفط والغاز وكميتها وكلّ التفاصيل حولها.
وكلّ هذه المراحل تسمى “مرحلة البئر الاستكشافية”، وفق عبد الله.
بعد إجراء الدراسات، يصدر تقريرا ويرسَل للدولة اللبنانية، منه سري ومنه علني، ويحتوي على الكميات المتوقعة داخل البئر وغيرها من معلومات.
وبعد الحصول على الموافقة من الدولة اللبنانية تبدأ خطة الحفر وتطوير الحقل وتحتاج لمدة عام، “وتستمر الإجراءات حتى الوصول لمباشرة التنقيب من خلال إحضار منصة ثابتة”.
تقديرات للبلوك 9
وفق خبراء النفط، هناك معطيات عدة تجعل الآمال كبيرة في البلوك رقم 9.
ويرى عبد الله أن المعطى الأول، يشير إلى أن المنطقة التي يتم الحفر فيها “بِكر” ولم تتعرض للحفر سابقا، لذا فاحتمال إيجاد النفط أو الغاز من المرة الأولى فيها يتراوح بين 22 بالمئة و27 بالمئة.
وتابع: “المعطى الثاني هو إيجاد النفط في البلوكات المجاورة للبلوك رقم 9، في إسرائيل (كاريش) وقبرص (أفروديت)، لذا الاحتمال كبير بإيجاد كميات أيضا في البلوك اللبناني”.
“التقنيات الجديدة تسمح بأخذ فكرة عامة عن الموضوع، وحسب الشركات التي أقامت الدراسات، فالبلوك فيه حقل لكن لا أحد يعرف كميته أو حجمه”.
وذكر أن “التفاؤل حول إيجاد النفط والغاز موجود، لكن لا يمكن معرفة الكمية المتواجدة فيه”.
كلام عبد الله توافق مع حديث الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في شؤون الطاقة، شربل سكاف، الذي قال لـ”الأناضول”، إن “المنطقة الجنوبية للمتوسط هي التي يتمركز فيها حاليا معظم الاكتشافات التجارية مثل مصر والجزائر، وإسرائيل”.
وأضاف سكاف، أن الدراسات الزلزالية على مستوى البلوك 9 واعدة.. “بالإضافة إلى ذلك، فهذا البلوك قريب من مكان الحفر من كاريش”.
ولفت إلى أن التوقعات “تشير إلى حصول اكتشاف تجاري مرتفع، لكن لا يمكن التأكّد إلا عند انتهاء عملية الحفر في البئر الأولى”.
ثقة بالدولة
من جهته، ذكر الخبير الاقتصادي اللبناني عماد عكوش لـ”الأناضول” أن “التنقيب عن البلوك رقم 9 بدأ.. نحن واثقون من قدرة الدولة على إدارة الملف”.
وأوضح أن “إحدى فوائد أية عمليات اكتشاف قريبة، ستعزز الثقة بالاقتصاد اللبناني ولو بشكل نسبي”.
وزاد: “في الأشهر المقبلة، في حال تم التأكد من وجود غاز في البحر ستعزز الثقة بالاقتصاد اللبناني وعملة البلد وممكن أن تعود الشركات الأجنبية للدخول في مناقصات البلوكات الأخرى”.
أما بالنسبة للعائدات المالية من الغاز والنفط، فأكد أن الاستفادة المادية من الغاز تحتاج إلى سنوات لحين القيام بخطوة تسويق، وتطوير الحقل.
عمليات البر
مع بدء عمليات التنقيب في البحر، تتفتح الأنظار نحو التنقيب في البرّ اللبناني، وفي هذا الإطار، ذكر عبد الله أنه “لحد الآن هناك قانون اسمه “قانون الموارد الطبيعية في المياه اللبنانية في البرلمان اللبناني، ومن خلاله سُمح العمل في البحر، لكن لا قانون للبر”.
وأكد أنه لا يمكن الحديث عن أي سيناريو في البرّ، إلا بعد إقرار قانون في مجلس النواب مشابه لما يحصل في البحر، لافتا إلى أن المشهد في البر يختلف لأن هناك أراض ملكيات خاصة وأخرى تابعة للبلديات.
وفي تشرين الأول الماضي، وقع لبنان وإسرائيل اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بينهما، عقب مفاوضات غير مباشرة استمرّت عامين بوساطة أمريكية إثر نزاع على منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي بالبحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعا.
ويقع لبنان ومعه قبرص وإسرائيل ومصر فوق حقل غاز شرق البحر المتوسط، الذي تم اكتشافه عام 2009.
وحسب إحصاءات غير رسمية، تقدر حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من الغاز بـ 96 تريليون قدم مكعب، ومن النفط 865 مليون برميل.
وبدأ لبنان الاهتمام بمسألة النفط والغاز منذ عهد الانتداب الفرنسي (1920-1943)، إلا أن النزاعات السياسية بين الأطراف المتنافسة وظروف الحرب الأهلية (1975-1990)، وعدم الاستقرار السياسي، حالت دون البدء بعملية التنقيب وتطوير القطاع.
ستيفاني راضي- الأناضول