لماذا لا تشتري الدولة الإنتاج المحلي من القمح؟
لا تزال ازمة القمح في لبنان تراوح مكانها، والدولة التي شجعت المزارعين على زراعة القمح وشرائه منهم عادت لتتراجع عن خطوتها هذه. إشارة الى ان لبنان يستورد قرابة الـ 70 ألف طن من القمح شهريا أي نحو 840 ألف طن سنويا. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان القمح اللبناني يتميز بنوعيته الممتازة فلماذا لا تشتريه الجهات المعنية من المزارعين اللبنانيين؟
تجدر الإشارة الى ان القمح القاسي اللبناني من اجود الأنواع في العالم ومطلوب بشكل كبير كما ان الكميات المتوافرة يمكن ان تؤمن الاكتفاء الذاتي وفقا لخبراء في هذا مجال، لكن يهمل المعنيون شراءه لأسباب غير مقنعة.
وفي هذا الإطار، اشار أحد أصحاب الافران في منطقة الشياح الى، “ان نوعية الخبز المصنوع من القمح المدعوم ليست جيدة والارغفة “تبيت” بعد اقل من ساعة كما ان الطعم اشبه بالتراب، مشيرا الى ان الطحين المدعوم بمعظمه من النوعية الرديئة وغير مطابق لمواصفات الصحة ولا يصلح للأكل مشيرا الى ان ربطات كاملة تُرمى في مكبات النفايات او تُترك جانبا عسى ان يمر طير ويأكلها؛ والمستهلكون لاحظوا ان ربطة الخبز تصبح غير صالحة بعد وقت قصير ومع ذلك لا يمكنهم الا يشتروا خبزا لعائلاتهم يوميا”.
وقال: “ان مافيات الطحين هي التي تتحكم بالسوق اليوم ووزارة الاقتصاد تغطّي هؤلاء وهي أصلا شريك في عملية البيع والشراء والمتاجرة وحتى الاستيراد؛ ويعمل عدد كبير من المطاحن في تجارة الطحين المدعوم المستورد الذي يعاد بيعه لأصحاب افران المناقيش”.
ولفت الى، “ان المواطنين لاحظوا رداءة الخبز من طعمه وسرعة تعفّن وتلاشي الرغيف وهذا يبرهن ان النوعية المستخدمة مغشوشة وربما تكون منتهية الصلاحية وغير مطابقة لشروط الصحة”.
بالموازاة، أكدت جهات متابعة لهذا الملف لـ “الديار”، “ان الطحين المستورد لا يستخدم في البلاد المصدرة، وغير مخصص للبيع او للأكل في بلد المنشأ لكن يُطحن ليتغلغل في خبز اللبنانيين، كما ان هذا الدقيق يدخل الى لبنان من دون اخضاعه للفحص. وسألت هذه الجهات، لماذا لا تشتري الدولة القمح الوطني بدلا من استيراد نوعيات غير صالحة للاستهلاك”؟
شراء القمح الوطني قرار “الاقتصاد”!
في شأن متصل، قال رئيس نقابة الافران والمخابز العربية في بيروت وجبل لبنان ناصر سرور لـ “الديار”، “ان قرار شراء القمح المحلي محصور بالوزارة ومديرية مكتب الحبوب في وزارة الاقتصاد. اما بالنسبة لرفع الدعم، فالتسعيرة التي وضعت على سعر الـ 1500 تدرجت صعودا من 7,500 ليرة الى 15000 ألف، ثم وصلت الى 30 ألفا وهذه العملية تدل على رفع الدعم التدريجي؛ ولهذا السبب طالبنا بالبطاقة التمويلية مرارا وتكرارا وسنتمسك بهذا المطلب لكي نحفظ الاسر التي هي بحاجة لشراء الخبز المدعوم ورواتبها بالليرة وغير متوازنة مع دولار صيرفة، وذلك بالتعاون ما بين البلديات ووزارة الشؤون الاجتماعية، على ان تخضع هذه البطاقة للتدقيق والتحقيق الأمني من قبل الأجهزة الأمنية بدءا من مخابرات الجيش، فرع المعلومات، الامن العام ، التحري والاستقصاء. ويتم تقديم نموذج للبطاقة في البلدية وعلى الأخيرة ان تفتح ملفا لكل مواطن يتقدم للحصول عليها ويحال الملف الى الأجهزة الأمنية لمعرفة إذا كان هذا الفرد بحاجة اليها ام لا”.
وأوضح، “ان لا مشكلة في القمح المحلي او المستورد من الخارج لكن يعود قرار الشراء من الداخل او الخارج لوزارة الاقتصاد ومديرية مكتب الحبوب. فالدعم الخاص بقرض البنك الدولي قائم على اتفاق يرمي الى جلب القمح من الخارج؛ وهذا الامر مرتبط بوزير الاقتصاد إن كان بمقدوره اضافة فقرة لتعديل آلية الشراء. وقال إذا تم شراء القمح الوطني فسيتأمن الاكتفاء الذاتي المحلي، لكن هذا الموضوع يحتاج الى قرار من الحكومة وتفعيل من جهة الوزارة المعنية”.
سمسرة وارباح
في سياق متصل، اوضح رئيس تجمع مزارعي البقاع إبراهيم ترشيشي في حديث لـ “الديار”، “ان عملية شراء القمح لا تخلو من قلة الضمير فقسم من الطحين المدعوم يُباع، وجزء لا يصلح للأكل ولا يستخدم في صناعة الخبز ويستعمل للحلويات، وعمليات المتاجرة هذه تجري بمشاركة جميع المسؤولين عن هذا الملف. وأشار الى ان المواطن يستفيد من هذا القمح بنحو 25% فقط والـ 75% المتبقية تذهب هدرا وهذا يدل على سمسرات وارباح غير منظورة”.
الشعب اللبناني وشريكه!
وأشار الى، “ان الشعب اللبناني لديه شريك في خبزه بحيث ان النازحين السوريين يحصلون على النصف تقريبا. واكد، ان القمح المحلي موجود ولا من يسأل ولا من يشتريه، فصاحب المطحنة الذي يشتري كيلو القمح المدعوم بحوالى الـ 2000 او 3000 الاف ليرة لبنانية حتما لن يشتري القمح المحلي بـ 30 ألف ليرة”.
وختم ترشيشي، “لقد قدمنا عدة اقتراحات من بينها ان تفرض الجهات المعنية على المطاحن عند شراء كل طن من القمح المستورد أخذ 10% من المزارعين في المقابل؛ لكن يوجد قرار بمنع تصدير القمح اللبناني الى الخارج او شرائه، ووزير الاقتصاد يعتبرنا رهينة “Stand by” في حال احتاج الى المحصول في يوم من الأيام فسيكون جاهزا”.
ندى عبد الرزاق – الديار