موسم الزيتون شمالاً: القطاف قبل الأوان
مطلع شهر أيلول، شعر أهالي القرى بأنّ إطلاق النار من منتصف الليل وحتى الصباح أصبح سمة المرحلة. هؤلاء نواطير الزيتون (حراس البساتين)، يطلقون النار لإخافة السارقين.
الشروع في قطف الزيتون في الثلثين الثاني والثالث من شهر أيلول في السنوات الأخيرة أصبح عرفاً اعتيادياً في عكار والكورة والمناطق الشمالية التي تشتهر بزراعة الزيتون وإنتاج الزيت. ففي العادة كان ينتظر الأهالي وأصحاب البساتين إلى الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني لبدء مرحلة القطاف، فبحسب الخبراء القدامى بالزيتون، «هذه الحبّات كلما تعرّضت أكثر للمطر وشربت منه كلما أنتجت زيتاً أكثر». البعض بدأ يجمع محاصيله من بداية شهر أيلول الماضي، وفتحت بعض المعاصر أبوابها لاستقبال الزيتون وإنتاج الزيت، ما يعتبره تجارٌ وخبراء في هذه الزراعة استعجالاً على الموسم قبل أن ينضج بالكامل ويعطي طاقته القصوى من الزيت.
في المقابل، يرى آخرون أنه من الممكن بدء قطاف الزيتون من منتصف أيلول، وليس في الأمر مشكلة وإنتاجه من الزيت سيكون مقبولاً. أكثر من رأي ورؤية في هذا المجال يحسمها المهندس الزراعي الكوراني سمير عودة فيؤكد لـ»نداء الوطن» أنّ الفترة الأفضل لبدء قطاف الزيتون هي من بداية تشرين الثاني ليكون اكتمل زيته وحصل على حاجته من الأمطار التي بدورها ستؤثّر في نوعية الزيت فتصبح أقل حدّة من الزيت الأيلولي وزيت بداية تشرين الأول.
وما دفع أصحاب البساتين إلى جمع محاصيلهم قبل أوانها، مع بداية شهر أيلول، وكانت الحبة لا تزال أقل حجماً بحسب المزارعين، هو موجة السرقة. يوسف المصري، تاجر زيتون وزيت عكاري، يقول لـ»نداء الوطن»: «لو لم أجمع محاصيل البساتين من بدايات شهر أيلول لما كنت وجدت فيها حبة واحدة. لقد بدأت موجة السرقة على عجل وحتى النواطير كانوا هم من يسرقون في بعض الأحيان، ولأن هناك من يشتري وهناك معاصر فتحت باكراً فكان من الضروري أن نجمع المحاصيل، وإلا لن يبقى منها شيء».
والزيتون من أهم المواسم التي تعتمد عليها العائلات العكارية، كما الكورانية والضناوية، وهناك عشرات التجار يعملون في القطاع. وفي الظروف العادية يمرّ الموسم بمرحلتين: الأولى مرحلة قطاف الحب عن الشجر، والثانية مرحلة العصر وإنتاج الزيت، والمرحلتان مهمتان لكل عائلة ترغب في التموّن المنزلي من الزيتون والزيت من سنة إلى أخرى. وتحتاج عائلة مؤلفة من 4 أشخاص إلى 4 مرطبانات زيتون بحجم 5 كيلوغرامات تقريباً، وإلى ما بين صفيحتي زيت أو ثلاث في السنة بالحدود المتوسطة.
عمال الزيتون هذه السنة سواء في البساتين أو المعاصر من السوريين واللبنانيين، بحيث يتراوح أجر العامل بين 5 و 7 دولارات في اليوم الواحد. ومن الضروري الإشارة إلى أن النازحين السوريين دخلوا هذه السنة وقبلها على خط التجارة والضمان، كما دخلوا على العديد من المواسم والمهن في الشمال. وتباع صفيحة الزيت الجديد هذه السنة ما بين 120 و150 دولاراً، أما سعر كيلو الزيتون فهو نحو 40 ألف ليرة. تجدر الإشارة إلى أن أصحاب البساتين القريبة من منازلهم يشيرون إلى أنهم سيتأخّرون في جمع المحصول إلى منتصف تشرين الثاني ليكتمل نضجه وزيته.
مايز عبيد – نداء الوطن