للحرب الشاملة تداعيات إقتصادية إقليمية وخيمة… أخطرها يدفع ثمنها لبنان
أصدر معهد التمويل الدولي تقريره حول تداعيات حرب اسرائيل وغزة على اقتصادات دول المنطقة تحت عنوان: «الحرب في غزة: التداعيات على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». تناول فيه التداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحتملة للحرب. وسلّط التقرير الضوء على المعاناة الإنسانية الهائلة، والاضطرابات الاجتماعية، وعدم الاستقرار السياسي التي أنتجته هذه الحرب في المنطقة، مشيراً الى ان تصعيد الحرب في الشرق الأوسط دونه عواقب اقتصادية ضارة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووضع معهد التمويل الدولي توقعاته للتبعات الاقتصادية مستنداً الى ثلاثة سيناريوات محتملة:
1 – عمليات عسكرية تقتصر على قطاع غزة، وتستهدف قيادة حماس.
2 – تصاعد الصراع إلى حرب إقليمية أكبر وأطول أمداً.
3 – الاتفاق على وقف إطلاق النار يليه إطلاق سراح جميع الرهائن والمفاوضات من أجل السلام.
واعتبر التقرير ان السيناريوين (1) و(2) يشكلان تحدّياً كبيراً للعلاقات العربية الإسرائيلية، مع تعليق التطبيع إلى أجل غير مسمّى. لافتاً الى ان الرأي العام في الدول العربية الداعم للقضية الفلسطينية بقوّة، قد يؤدي إلى احتجاجات حاشدة واضطرابات اجتماعية.
كما رأى ان حرباً طويلة وممتدة تشمل مشاركة حزب الله، من شأنها أن تدمر اقتصاد لبنان المنهك بالفعل، بالاضافة الى ان الحرب ستؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي من خلال ضغوط العمالة وانخفاض الاستثمار وتدفقات رأس المال.
اما في إيران، فذكر التقرير ان الحرب المطوّلة قد تؤدي إلى انكماش كبير في الإنتاج واستنزاف احتياطيات البلاد المحدودة والمتاحة من العملات الأجنبية. وبالنسبة للاردن ومصر، توقع تباطؤ النشاط الاقتصادي، واتساع نطاق العجز المزدوج، وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي.
واشار الى انه سيكون هناك تأثير محدود للحرب على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بافتراض عدم انقطاع شحنات النفط عبر مضيق هرمز.
حوار مع إيراديان
في مقابلة حصرية مع «نداء الوطن» شرح مُعِدّ التقرير، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق والاوسط وشمال افريقيا في معهد التمويل الدولي د. غربيس إيراديان تفاصيل تداعيات السيناريوات الثلاثة على اقتصادات دول المنطقة، لافتاً الى أن المخاوف الاقتصادية تأتي في مرتبة ثانوية بالنسبة للأزمة الإنسانية الكبيرة التي تعيشها المنطقة حالياً، فضلاً عن العديد من الأرواح التي فقدت والعديد من الذين أصيبوا بجروح خطيرة منذ هجوم حماس في 7 تشرين الاول. أكد إيراديان ان الوضع في غزة رهيب وهناك نسبة كبيرة من عدم اليقين بشأن تأثير الحرب على المنطقة، والذي يعتمد إلى حد كبير على امتداد العمليات البرية الإسرائيلية في غزة وعلى ردّ حزب الله المدعوم من إيران. لذلك، وضع معهد التمويل الدولي ثلاثة سيناريوات يراها الأكثر ترجيحاً لبناء توقعاتها وفقها:
3 سيناريوات
– يفترض السيناريو الأول أن تقوم إسرائيل بشن غارات دقيقة لاستعادة الرهائن، واستهداف قيادة حماس، وتدمير البنية التحتية العسكرية في غزة، بالإضافة إلى الدعم الجوي والمدفعي المستمر. وفي هذا السيناريو، يظل القتال منحصراً بغزة. ولكن مع ذلك، فان الغزو البري المحدود لغزة يمكن أن يكون صعباً ودمويّاً.
– يتضمن السيناريو الثاني عملية برية واسعة النطاق من قبل إسرائيل وفرصاً أكبر لنشوب صراع إقليمي. ويبدو أن تحقيق نصر سريع في هذا السيناريو أمر صعب، لا سيما في المناطق التي توجد فيها شبكة أنفاق تحت الأرض تمتد لأكثر من 500 كيلومتر. في هذا السيناريو، مخاطر حرب مع حزب الله في لبنان أو أيّ من مجموعات «محور المقاومة» الأخرى التي تقودها إيران في سوريا أو العراق أو اليمن. وفي هذه الحالة، فإن حرب إسرائيل مع حزب الله يمكن أن تمدّد الصراع لأكثر من 6 أشهر، مما يسبب اضطرابات شديدة في المنطقة. وهناك أيضاً قدر كبير من عدم اليقين بشأن امكان إعادة توزيع 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، فضلاً عن مصير أكثر من 200 رهينة يتم احتجازهم من قبل حماس.
– السيناريو الثالث يستلزم وقف إطلاق النار يليه إطلاق سراح جميع الرهائن والمفاوضات نحو نوع ما من السلام.
التداعيات على لبنان
بالنسبة للسيناريو الاسوأ (2)، وهو اتساع نطاق الأزمة، اشار معهد التمويل الدولي الى ان الآثار المترتبة على المنطقة تعتمد على مدة القتال والدول المشاركة في المواجهة المباشرة.
واوضح إيراديان ان الحرب الطويلة والممتدة ستدمّر اقتصاد لبنان المنهك بالفعل، لافتاً الى انه منذ العام 2018، يعاني لبنان من إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، مع انخفاض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي التراكمي بنسبة 45%، وانهيار العملة، ومعدل تضخم ثلاثي الارقام. وتواجه البلاد أيضاً أزمة سياسية وانقسامات خطيرة أدت إلى شلل في السياسات، وأزمة حكم تتسم بانتشار الفساد على نطاق واسع، وأزمة ثقة محلياً ودوليا، وازمة مالية تسببت بخسائر فادحة بالعملات الأجنبية، بالاضافة الى شلل القطاع المصرفي.
واشار ايراديان الى ان معظم اللبنانيين يفضلون عدم التورط في الصراع الحالي، لانه قد يؤدي إلى مزيد من الخراب في البلاد، لافتاً الى ان أضرار حرب تموز في العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، لا تزال عالقة في أذهان الشعب اللبناني. لكن لسوء الحظ، في ظل الشلل السياسي وعدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية منذ تشرين الأول 2022 وحكومة تصريف أعمال ذات صلاحيات محدودة، ونفوذ حزب الله في البلاد، فإن قرار المشاركة أو عدم المشاركة في الحرب ليس بيد الشعب أو السلطات اللبنانية. في هذا السياق، اعتبر ان اتساع مشاركة حزب الله في الحرب، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية على المدن الإسرائيلية وعلى أهداف استراتيجية، ممكن أن يؤدي إلى ردّ فعل إسرائيلي قويّ يشمل قصفاً عنيفاً على الجنوب وعلى المدن الاساسية في لبنان، ما من شأنه أن يدمر الاقتصاد اللبناني ويدمر ما تبقى من البنية التحتية بعد أربع سنوات من الأزمات الاقتصادية والمالية الكارثية. واكد ايراديان إن احتمال حدوث خسارة إضافية في رأس المال بسبب الحرب قد يستغرق أكثر من عقد من الزمن لاسترداده، مما سيؤدي إلى مزيد من التأخير في التعافي الاقتصادي. يمكن أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4% في عام 2023 (مع انكماش بأكثر من 15% في الربع الأخير من هذا العام)، وانكماش كبير بنحو 30% في عام 2024. وسيتسع عجز الحساب الجاري والعجز المالي، وقد تُستنزف الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي، وقد تتفكك البلاد.
التداعيات على إسرائيل
بينما تفضل إسرائيل عدم توسيع نطاق الحرب، فإن هجوماً برياً واسع النطاق على غزة يمكن أن يتحول إلى حرب إقليمية أكبر وأطول أمداً. ومن شأن مثل هذا السيناريو أن يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد من خلال انخفاض الاستهلاك الخاص والاستثمار وصافي الصادرات.
الأمر الذي من شأنه أن يتفاقم بسبب العرض المحدود للعمالة، حيث قامت الحكومة بتعبئة حوالى 350.000 جندي احتياطي (8% من إجمالي القوى العاملة). مثل هذا النقص الكبير في العمالة سيضر بالعديد من قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا (المحرك الرئيسي للنمو). وقد يتوقف إنتاج الغاز الطبيعي من الحقول البحرية، مما قد يضرّ بالصادرات. كما أن توسيع الحرب (ضد حزب الله أو إيران) يمكن أن يتسبب أيضاً في أضرار جسيمة للبنية التحتية لإسرائيل، بالإضافة إلى المزيد من الخسائر البشرية.
تتمتع إسرائيل بأساس اقتصادي قوي وصحي (احتياطيات وفيرة من العملات الأجنبية، وتضخم منخفض، وفوائض في الحساب الجاري، ودين عام متواضع). وقد تمتعت بالمرونة في مواجهة العديد من الصدمات في العقود الماضية. ومع ذلك، فإن المشاركة الإقليمية الأوسع في الحرب لفترة أطول من ستة أشهر ستؤدي إلى انكماش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 4% على الأقل في الربع الرابع من هذا العام، وانكماش بنسبة 5% لعام 2024 بأكمله. ومن الممكن أن يتسع العجز المالي إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي، والفائض المتوقع مسبقاً في الحساب الجاري (قبل الحرب) بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي قد يتحوّل إلى عجز بسيط في عام 2024. هذه المؤشرات بالاضافة الى توقعات بانخفاض التدفقات المالية الوافدة لغير المقيمين (الاستثمار الأجنبي المباشر والمحفظات المالية) بسبب المخاوف الأمنية، من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض كبير في احتياطيات العملات الأجنبية الوفيرة حاليًا.
في 23 تشرين الاول الماضي، أبقى بنك إسرائيل على سعر الفائدة دون تغيير عند 4.75% وخفّض توقعات النمو بشكل متواضع لهذا العام وللعام المقبل بسبب الحرب مع حماس. وفي حين انخفضت قيمة الشيكل بنسبة 5% مقابل الدولار منذ 7 تشرين الاول، فإن البنك المركزي الإسرائيلي يستطيع منع المزيد من الانخفاض الكبير في قيمة العملة نظراً لحجم مركزه الدائن الخارجي الكبير (حوالى 30% من الناتج المحلي الإجمالي) ولاحتياطيات النقد الأجنبي التي يديرها والتي بلغت حوالى 200 مليار دولار في نهاية أيلول 2023.
قد يخفض البنك المركزي أيضاً سعر الفائدة لدعم الاقتصاد في زمن الحرب. يفترض السيناريو الأساسي للبنك المركزي (مثل السيناريو الأول لدينا)، حرباً تستمر من 1 إلى 6 أشهر وتتركز بشكل رئيسي على غزة. ويتوقع انخفاضاً بنسبة 1% في الناتج المحلي.
لقد طلبت إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن من الكونغرس تقديم مساعدات عسكرية وأمنية لإسرائيل بقيمة 14.3 مليار دولار، مقارنة بـ 4 مليارات دولار في عام 2022. وفي حال تمت الموافقة عليها، فإن ذلك سيساعد على تعويض جزء من الانخفاض المتوقع في إيرادات صادرات السلع والخدمات، حيث ان الزيادة في المساعدات العسكرية والأمنية تعتبر تحويلات رسمية أو منحاً في الحساب الجاري.
التداعيات على الأردن
تشكل الحرب تحدياً كبيراً للأردن المجاور وعلاقاته مع إسرائيل. وبينما يدين تصرفات إسرائيل، يرفض استقبال اللاجئين الفلسطينيين. ويتخوف الأردن الذي يعدّ أكثر من 60% من سكانه، من الفلسطينيين، أن تكون إسرائيل تحاول عمداً التسبب في أزمة إنسانية وأزمة لاجئين من شأنها أن تجبر الفلسطينيين على الخروج من غزة، لتنتقل معهم مسؤولية النازحين المدنيين إلى الأردن ومصر. وقد أدت هذه المخاوف إلى إحجام البلاد عن استقبال اللاجئين. كما تشعر السلطات الأردنية بالقلق من الدعوات للانضمام إلى المقاومة في فلسطين، خاصة إذا امتدّ الصراع إلى الضفة الغربية حيث يعيش ثلاثة ملايين فلسطيني إضافي.
وبالتالي أكد ايراديان ان التأثير الاقتصادي للصراع الممتد سيكون كبيراً على الاردن، متوقعاً انخفاض عائدات السياحة (التي شكلت حوالى 13% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022) وانخفاض الاستثمار الخاص بسبب احتمال حدوث اضطرابات اجتماعية، مما سيؤدي إلى انكماش طفيف في الإنتاج، وزيادة البطالة إلى أكثر من 20%، وزيادة العجز الكبير في الحساب الجاري والمالية العامة.
التداعيات على مصر
دفعت الازمة الدائرة في غزة، مصر الى وضع محفوف بالمخاطر. وبما ان مصر وإسرائيل تربطهما علاقات اقتصادية وعسكرية قوية، فإن احتمال نشوب صراع مسلّح بين البلدين مستبعد إلى حدّ كبير. ومع ذلك، فان الحرب المندلعة في غزة كشفت عن انقسام داخلي بين الطبقة الحاكمة والشعب. الأول قلق في المقام الأول بشأن الأمن، كون مصر تقاتل متمردي تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء منذ أكثر من عقد من الزمن. ويشعر الرئيس السيسي والمؤسسة العسكرية بالقلق من احتمال ان يسمح تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى شمال سيناء، لمسلحي حماس بدخول البلاد. ما من شأنه ان:
– يفتح جبهة ثانية ضد المتمردين الإسلاميين.
– يتيح إمكانية قيام حماس بمهاجمة إسرائيل مباشرة من مصر.
وبينما يركز الجيش في المقام الأول على الأمن، فإن عامة الشعب المصري تدعم القضية الفلسطينية بشدة، وتودّ أن ترى المزيد من الدعم لغزة. وفيما تستمرّ الاحداث المأسوية نتيجة القصف الإسرائيلي للمدنيين في غزة، فإن الضغط الشعبي من أجل اتخاذ إجراءات أكثر فعالية ضد إسرائيل (اقتصادياً وسياسياً، وربما عسكرياً) سوف يتكثف. ولن يؤدي الغضب مما يحدث في غزة، والفشل الملحوظ للسلطات في دعم فلسطين، إلا إلى زيادة خيبة الأمل العامة من الوضع الاقتصادي الحالي في مصر، لتتحوّل لاحقاً الى اضطرابات اجتماعية.
واشار ايراديان الى ان الحرب الطويلة والممتدة ستكون لها تداعيات وخيمة على الاقتصاد المصري، حيث ان آفاق الاقتصاد الكلي لمصر لم تكن ايجابية منذ منتصف العام 2022، مع تضخم مكوّن من رقمين، وضغوط على سعر الصرف المُدار، وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، وتدفقات المحافظ المالية إلى الخارج، والديون المرتفعة للغاية. كما سيؤثر الصراع في غزة المجاورة على السياحة التي بدأت تتعافى في السنوات الأخيرة، بشكل سلبي، وخاصة في المنتجعات الشعبية في سيناء. ولن تؤدي حالة عدم اليقين السياسي إلا إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن العملة، مما سيلحق الضرر بالاستثمار الأجنبي المباشر الحيوي. بالاضافة الى ذلك، فان تعليق واردات الغاز الإسرائيلي، الذي يتم تكريره في مصر ويعاد تصديره (يمثل ما يقرب من نصف صادرات الهيدروكربونات في مصر) سيؤدي إلى انخفاض الصادرات. وأخيراً، قد تحدث اضطرابات اجتماعية تعيق الانتعاش الاقتصادي. وستؤدي كل هذه العوامل إلى تباطؤ النمو، واتساع عجز الحساب الجاري، وتراجع التدفقات الوافدة لغير المقيمين، والى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، وزيادة العجز المالي.
التداعيات على إيران
ترغب إيران في أن يُنظر إليها على أنها القوة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتهدف إلى كسر التقارب الحالي بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، بدعم من شبكة الميليشيات التابعة لها، وخاصة حزب الله في لبنان. يبدو ان إيران تحث حزب الله على الحدّ من غاراته عبر الحدود لمنع أي تصعيد كبير من شأنه أن يؤدي إلى تورط إيراني أكبر في الصراع. ومع ذلك، فان ايران قد تعطي في مرحلة معيّنة، الضوء الأخضر لحزب الله لإطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل (احتمال ضعيف). ويمكنها أيضاً أن تطلب من الميليشيات العراقية الانتشار في لبنان لدعم حزب الله.
على الصعيد الاقتصادي، قد تلجأ الولايات المتحدة الى تشديد العقوبات على إيران. ومن الممكن أن تؤدي الحرب الطويلة الأمد والتطبيق الأكثر صرامة للعقوبات إلى انكماش الناتج، وارتفاع معدلات البطالة، وتسارع انخفاض سعر الصرف الموازي، وارتفاع متوسط التضخم إلى أكثر من 50%، وعجز مالي أوسع نطاقاً، وتحول في ميزان الحساب الجاري من فائض صغير إلى عجز كبير. وفي النتيجة، من المتوقع أن يتم استنفاد احتياطيات إيران المحدودة من العملات الأجنبية المتاحة (والتي تستثني الاحتياطيات المجمدة) بحلول نهاية العام 2024.
التداعيات على دول مجلس التعاون الخليجي
في حين أن الحرب لن تؤثر بشكل كبير على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بافتراض عدم انقطاع صادرات النفط، فان السلطات ستواجه تحديات متجددة في محاولاتها لإحراز مزيد من التقدم في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
منذ عام 2020، وقعت اسرائيل عدة اتفاقيات دبلوماسية مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. اما التقارب الأخير بين السعودية (أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وإسرائيل، والذي ستقوم المملكة بموجبه بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في مقابل حصولها على اتفاقية أمنية واتفاق نووي مدني مع الولايات المتحدة، فقد تم تعليقه الآن. على الصعيد السياسي، فان دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، في موقف دفاعي حذر، حيث أن الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه إيران لحماس قد وضعها بقوة، في نظر العالم العربي، كمدافع حقيقي عن القضية الفلسطينية.
سترغب المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية الكبرى في أن تثبت للفلسطينيين أن بإمكانهم تحقيق مكاسب سياسية حقيقية، خاصة بالنظر إلى الدعم الشعبي القوي في بلدانهم لصالح الدولة الفلسطينية. وهذا على الأرجح سيعني، تجميد المملكة أي تواصل دبلوماسي وروابط تجارية مع إسرائيل حتى يتم حل الصراع في غزة. وبعد ذلك، من المرجح أن تحصل المملكة العربية السعودية على تنازلات أكبر في ما يتعلق بفلسطين في أي محادثات أخرى للتقارب مع اسرائيل، مما قد يؤدي إلى تعطيل أو عكس أي تقدم، تم إحرازه.
رنى سعرتي – نداء الوطن
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا[/su_button]