الهيئات الاقتصادية تقود رفض القانون متسلحة بتعاميم مصرف لبنان
من المؤكد ان صدور اي قرار او قانون او مرسوم هو اليوم موضع خلاف بين افرقاء المجتمع فكيف اذا كان ذلك يتعلق بالماديات والقروض المسددة على سعر ١٥٠٠ليرة للدولار والتي تتناول يوميات المواطن .
حكومة تصريف الاعمال وافقت على مشروع فانون معجل مكرر يرمي الى تخصيص بعض الايرادات الضريبية لتمويل صندوق استرداد الودائع ومنها فرض ضريبة على من سدد قروضه بغير قيمتها اي انهم سددوا قروضهم على سعر ١٥٠٠ليرة بينما كان سعر الصرف يتجاوز المئة الف ليرة ووصل الى ١٤٠الف ليرة .
واذا كان البعض من افراد ومؤسسات وهيئات يرفض هذا القانون الذي يفرض ضريبة بمفعول رجعي فإن البعض الاخر رحب بهذا القانون لانه قد يكون الاساس لاستعادة الودائع ويعتبر ان حكومة تصريف الاعمال قد نجحت في اقرار هذا القانون في الوقت الذي ترفض فيه الاقرار بمسؤوليتها عن الانهيار المالي وعن مسؤوليتها عن ضياع ودائع المودعين.
هذا القانون ادى الى خلاف بين الهيئات الاقتصادية وبعض المصارف اللبنانية حيث عقدت الجمعيات التجارية مؤتمرا صحافيا رفضت فيه هذا القانون فلفت رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس إلى أن “الهدف المُعلـَن لإقرار قانون “فرض ضريبة على كل من قام بتسديد قروضه بقيمة مختلفة عن القيمة الفعليّة”، أي تغذية صندوق استرجاع الودائع، وهذه أولويّة وطنية مُطلقة، فإنه لن يتم إلّا من خلال اعتراف الدولة بمسؤولياتها عن الانهيار المالي، واستثمار أصولها وفقاً لحوْكمة جديدة وإدارة رشيدة لتأمين الموارد المالية المرجوّة، وذلك وِفقاً لخريطة الطريق المفصّلة التى سبق واقترحتها الهيئات الاقتصادية”، مشيراً إلى “أن الـ”شيك” لم يعدْ يمثّل وسيلة شرعية للإيفاء والحكومة تكرّس التمييز بين الدولار المصرفي والدولار النقدي!”.
ويقول شماس انه تمّ إعداد القانون تحت جنح الظلام، من دون مساهمة الوزير المختص (وزير المالية) إلّا بعد إقراره. وإن نصّ مشروع القانون هذا لم يتم التشاور به، كما أتى في متن القرار، إلّا مع طرف واحد، دون إستشارة جميع المعنيين الآخرين، فأتى بصيغة ملتبِسة وملتوِية غير قابلة للتطبيق مؤكدا ان هذا القانون اتى مخالفا للدستور والقوانين المرعية والمنطق الاقتصادي السليم وتمييز بين اللبنانيين من خلال الاستثناءات الملحوظة مع العلم ان القضاء اصدر في مناسبات عدة احكاما الزم المصارف بقبول الشيكات المصرفية لاطفاء مطلوبات دولارية لديها كما ان مصرف لبنان اصدر سلسلة من التعاميم مؤيدة لهذا التوجه .
بينما يركز البعض من الذين يؤيدون هذا القانون انه يعتبر ارضية صالحة لاعادة الودائع من خلال استرجاع القيمة الفعلية للقروض ووضعها بتصرف صندوق استرداد الودائع الذي يعتبر اول خطوة قانونية لاسترداد الودائع وان هذا القانون.
لا ينشىء ضريبة جديدة لاستيفائها بمفعول رجعي، إنّما يطبق مبدأ ضريبة الدخل
مصادر مصرفية مطلعة ذكرت ان هذا القانون يعتبر ايجابيا بالنسبة للمودعين الذين اعطوا املا بامكانية استرداد بعض ودائعهم وان الحكومة جادة في ذلك ويأتي ضمن خطة التعافي التي اقرتها الحكومة وارسلتها الى المجلس النيابي الذي لم يطلع عليها بعد ولم يكلف نفسه فتح اوراقها ،كما ان هذا القانون جيد بالنسبة للمصارف التي ستتمكن من اعادة ممارسة دورها واعادة الثقة بينها وبين المودع.
تُظهر أرقام جمعيّة مصارف ولبنان في تقرير “مؤشّرات مصرفية نقدية – حتّى نيسان 2023″، تراجع تسليفات المصارف للقطاع الخاص بالعملات الأجنبية من 38296 مليون دولار في 30 أيلول 2019، إلى 8906 مليون دولار في 30 نيسان 2023. ما يعني أنّ القطاع الخاص المكوّن من أفراد وشركات، سدّد 29390 مليون دولار (30 مليار دولار تقريباً)، في غضون أقلّ من أربع سنوات. وان كلّ القروض سُدّدت على أساس سعر صرف 1500 ليرة في حين أنّ سعر الصّرف الحقيقي لامس 140 ألف ليرة في السوق الموازية.
كما اشار كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل إلى أن حجم محفظة التسليفات بالعملات الأجنبية إلى القطاع الخاص تراجعت ٣٣ مليار دولار بين بداية العام ٢٠١٩ و أواخر شهر آب من العام ٢٠٢٣ أي تراجعت بنسبة ٨٠% ،كما تراجعت القروض بالليرة اللبنانية إلى القطاع الخاص١٤،٧ تريليون ليرة أي تراجعت بنسبة ٥٣%، وفي المقابل تراجعت الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية بين بداية العام ٢٠١٩ و آب ٢٠٢٣ حوالي ٣١مليار دولار أي تراجع بنسبة ٢٥% ،و الودائع بالليرة اللبنانية تراجعت ٢٦ تريليون ليرة أي بنسبة ٣٤% .
ووفق غبريل سبب هذا التراجع بمحفظة التسليفات إلى القطاع الخاص هو تسديد القروض المصرفية إن كانت قروض تجزئة أم قروض شركات قبل إستحقاقها أو بالليرة اللبنانية على سعر صرف ١٥٠٧ ليرة أو عبر شيكات بالدولار بقيمة أقل بكثير من قيمتها الفعلية ،مشيراً الى ان هذا يعني ان الذين استفادوا من تسديد قروضهم على سعر ١٥٠٠ليرةِ المودعون وان الذين خسروا هم المصارف في ظل ما ذكره غبريل وجمعية المصارف في ارقام ومؤشرات .
على اية حال وفي ظل الحرب الاسرائيلية على الجنوب اللبناني هناك مادة دسمة لاستمرار خلافات اللبنانيين حول القوانين والارقام وان الايام المقبلة ستشهد تصعيدا على هذا الصعيد خصوصا ان الهيئات الاقتصادية لن تسكت على هذا الموضوع وباشرت تحركا باتجاه المسؤولين وفي مقدمهن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على ان يستتبع ذلك زيارة الى وزير المالية وتحركا لالغاء هذا القانون قبل وصوله الى مشرحة المجلس النيابي .
الجدير ذكره ان الخبراء يقدرون اعادة تسديد القروض بخوالى ٢ الى ٤مليارات دولار فاذا اضيفت اليها الـ ٨مليارات دولار الموجودة في مصرف لبنان يمكن ان تكون الخميرة لاسترداد الودائع .
جوزف فرح- الديار
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا