عدم الاتفاق مع صندوق النقد.. وضع صعب والسياسيون غير مستوعبين ذلك
اين اصبحت خطة الهيئات الاقتصادية لاعادة الودائع ؟
وهل تبقى صالحة بعد تغيير الارقام والتأخير في بتها ؟
عضو الهيئات الاقتصادية ورئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران بتحدث للديار فيقول:
لقد تغيرت الأوضاع كثيرا وكل ما تم وضعه سابقا يحتاج لإعادة تجديد بالأرقام والمعطيات الإقتصادية التي باتت تتغير بشكل شهري وقد تراجعت الأرقام وتبدلت حتى أن قطاعات اقتصادية كثيرة قد تأثرت بشكل كبير وفي مقدمتها القطاعات التجارية. أيضا أن القطاعات الصناعية لم تستفد من التراجع في القطاعات التجارية لأن السيولة المتوفرة لدى الناس يتم الاحتفاظ بها في البيوت بسبب الخوف من الأوضاع المقلقة وهي تخبىء قرشها الأبيض قبل أن يحين الزمن الأسود ولهذا يوجد حاليا انكماش في السيولة بينما لم تستفد الصناعة إذ لم تستطع جذب التزامات تصديرية بسبب الأجواء المتوترة في المنطقة والحرب على غزة وقد أذى ذلك الصناعة لكن طالما لا يوجد لدينا خطة اقتصادية بغض النظر عمن أعدها او من اقتنع بها فإننا اليوم ليس لدينا خطة اقتصادية معتمدة في البلاد وما يتم إنجازه هو تشريع او إصلاح على القطعة وهذا طبعا أكبر خطأ بحق نهضة البلد. الحقيقة أنه يتم مقاربة الموضوع بشكل مجزأ وغير منسجم او منسق مع بعضه. لكن هذا هو الموجود في البلاد ونحن نحاول جهدنا لدعم الاستقرار النقدي ودعم خطوات حاكم البنك المركزي بالانابة الذي نجح حتى الآن بتحقيق استقرار نقدي مؤقت. لقد رأينا كهيئات اقتصادية أنه رغم كل الذي يحيط بالجو العام استطاع الحاكم بالانابة من المحافظة على الاستقرار النسبي للعملة وقد استطاع ذلك دون أن يضطر لاستعمال الاحتياطي وقد حقق مكسبا يبلغ حوالي ١٥٠ إلى ١٨٠مليون دولار للمصرف المركزي. وهو لم يحافظ فقط على الاستقرار النقدي إنما حقق إضافة كمية ونوعية بالعملة الأجنبية. لكن يبقى أمام المصرف المركزي طريق طويلة جدا لكي يستطيع المساهمة بإعادة تكوين الخسارة التي حدثت في الودائع. علينا نحن أن ندعم هذه الجهود التي تساعد في استقرار النقد وان نحاول كبلد التخفيف من الاستيراد الشرس والنهم الذي لم يتوقف ابدا . لقد عدنا للاستيراد بحوالي ٢٠مليار دولار بينما علينا التخفيف من خروج الدولار من اقتصادنا ودعم الإنتاج المحلي دون التعرض لجوهر الإقتصاد الليبرالي وان نحل الإنتاج المحلي قدر المستطاع مكان الاستيراد الشرس من الخارج إذ أن كل الدول المحيطة بنا والتي تشكل سوقنا الطبيعي او التي نشكل سوقها الطبيعي تقوم باجراءات مستمرة ودائمة ودون كلل لمنع الاستيراد إلى أسواقها ودعم التصدير منها بينما نحن نعمل العكس للأسف وسنويا يخرج من سوقنا اللبناني مليارات الدولارات .
خطة الهيئات الاقتصادية
ويتحدث عسيران عن خطة الهيئات الاقتصادية فيقول: لقد قالت خطتنا باسترجاع حوالي ٧٤% من كافة الودائع على فترات محددة . أن مدة استرجاع ١٠٠٠٠٠دولار أسرع من غيرها لكن حتى هذه القيمة بحسب عدد الحسابات لا يمكن ارجاعها بشهر او سنة إنما على فترة ٤او٥ سنوات. لكن على الأقل خطتنا تحفظ الحق بالوديعة وهذا الحق مقدس. أن سيولة الوديعة اليوم غير موجودة لكن يجب المحافظة على الحق لمصلحة لبنان المستقبلي. اننا لم نتخلف فقط عن دفع اليوروبوندز بل تم ذلك بشكل غير منظم ودون التعاطي مع من استدنا منه او بعنا له سندات . لقد تخلفنا عن السداد دون خطة مع الدائنين . أن خطة الهيئات الاقتصاديه لا تزال موجودة وهي الأفضل لكنها بحاجة لبعض التحديث في الأرقام إذ قام عدد من أصحاب الحسابات باللولار بتسييل جزء من ودائعهم بالدولار كما أن بعض المقترضين ردوا اكثر من قروضهم . إذن الخطة تحتاج إلى إعادة دوزنة وهي بسيطة .
ويؤكد عسيران انه لا بد أولا من تحديد وظائف لبنان الاقتصاديه اليوم . لقد كان لبنان يعتمد على الخدمات والسياحة وهذه الأخيرة لم تكن قوية بالشكل المطلوب . لا بد الآن من تحديد دورنا ووظيفتنا وما هي المميزات التي نستطيع عبرها أن نتقدم ونقدم سلعة للخارج. انا اعتقد ان اقتصاد المعرفة هو أهم ما يميز لبنان ويخلق له ميزة تفاضلية. علينا أيضا أن نطور السياحة بشكل أن تكون أقل تأثرا بأزمات المنطقة لذا من الممكن الإتجاه إلى السياحة الدينية والثقافية والى السياحة الاغترابية والطبية التي لا تزال مميزة باطبائها كما يمكننا تحديث مؤسساتنا الطبية لهذا الهدف. إذن علينا تحديد النموذج الإقتصادي الذي نريد وان نحدد من نكون وماذا نستطيع أن نبيع وان نكسب.
المنافسة غير المتكافئة
ويعزو عسيران استمرار الاستيراد بـ٢٠مليار سنويا وفشل القطاع الصناعي في التصديربان البلدان المحيطة بنا وهي منافسة لنا تمنح كل مصدر لديها دعما مباشرا مقابل تصديره وجلب الدولار الى البلاد بينما دولتنا نحن عقيمة بسياساتها وهي تضرب الصناعة والصناعي ولا تساعد أحدا. أن سعر الكهرباء في مصر مثلا يبلغ ٥سنت للكيلووات بينما يدفع الصناعي هنا ٣٩سنتا للكيلووات فكيف يستطيع المنافسة وان يقاوم بينما في الحقيقة”العين لا تقاوم المخرز”. اننا لا نطلب دعم الصناعة والصناعي بشكل يغطي كلفته العالية إنما أن تقوم الدولة بكل السياسات التي تؤدي إلى تخفيض كلفة الإنتاج في لبنان ويوجد خطوات عدة لذلك واولها الطاقة ثم المناطق الصناعية التي لا وجود لها في لبنان بينما في كل الدول المحيطة بنا إيجار الأرض الصناعية لا يزيد عن نصف دولار سنويا بينما في لبنان يضطر الصناعي لشراء أرض في الشويفات مثلا ب٧٠٠ دولار للمتر الواحد. لذا اي مشروع صناعي سينهض اذا كنا غير قادرين على الحصول على أرض للمصنع.
وقال عسيران: لا يوجد حاليا خطة معتمدة في البلاد وقد تقدمت الحكومة بخطة للمجلس النيابي لم يقرها بعد. أما بالنسبة لمشروع القانون الجديد حول فرض ضريبة على القروض المسددة بغير قيمتها فلم يقدم بعد وليس لدينا اية تفاصيل عنه . إنه كما علمت يتناول من سدد قرضه باللولار وعليه أن يدفع ضريبة ربح فإذا كان قرضه بمقدار مليون دولار مثلا فقد سدده نقدا ب٣٠٠الف دولار والقانون هذا لا يطالبه بدفع الـ٧٠٠٠٠٠ إنما دفع ضريبه١٠% عليها.ان هذا الأمر لا يزال قيد البحث وقد اعترض عليه كثيرون لكنني شخصيا اعتقد ان علينا التعاون جميعا يدا بيد لأعمار البلاد لا أن نفكر بمصلحتنا الضيقة وان يخرب الوطن.اننا اليوم أمام مأزق عالمي وتاريخي لن يتكرر في العالم ولا بد من إيجاد حلول خلاقة وعلينا جميعا المساهمة بالخسارة لكن علينا أولا البدء بمن تسبب بها وهي الدولة والمصرف المركزي والمصارف . لا أحد منهم بريء.
من المستحيل الا تساهم الدولة بنوع من الأنواع ومن يمنعها عن ذلك هو صندوق النقد لأنه يقول أن الدولة ليس لديها إنتاج مالي كاف يخولها القيام بخدمة شعبها فكيف ستأخذ المال وتدفعه لمجموعة من الناس وضعت ودائعها في المصارف وخاطرت بها . أن صندوق النقد يهمه الا يوجد لدى من يسلفه اية عوائق غير قرضه وذلك لكي يسترد هذا القرض في وقته المناسب .
شطب الودائع
لكن نائب رئيس الوزراء صرح مؤخرا أن صندوق النقد أصبح ضد شطب الودائع وهو مع استلام القطاع الخاص لصندوق استرداد الودائع أفلا تعتقدون انها خطوة متقدمة؟
هنا لا بد من العودة إلى خطة الهيئات الاقتصاديه التي تعارض شطب الودائع وانا اسأل إذا الأمر صحيحا كيف ستتم معالجة الأمر وماذا سنقول لأصحاب الودائع . لقد تأقلم الإقتصاد اللبناني وبشكل مريض مع الواقع الحالي اذ أصبح اقتصادنا صغيرا ونقديا وقصير المدى ولا يوجد فيه اي خطة اقتصادية وهذا هو الذوبان التدريجي للاقتصاد وللبنان . إزاء هذا الذوبان سيهاجر افضل الكفاءات ولن يعودوا.
إلى أين نحن نسير في ظل كل هذه الظروف؟
اذا لم نعقد اتفاقا مع صندوق النقد فسيكون الوضع صعبا جدا ..
لماذا لا يوافق المجلس النيابي برأيكم حتى الآن على الإصلاحات المطلوبة؟
اعتقد بأنه يوجد فيها شيء سيكشف اشياء لا يريد البعض كشفها. وربما على الأرجح يوجد عدم استيعاب فعلي لمسار الإصلاح. أن مسار الإصلاح سيفيد كل الناس سواء داخل الحكم او خارجه وسواء داخل السياسة او خارجها …
جوزف فرح – الديار
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا