من وراء هذه الموازنة :الحكومة أم صندوق النقد أم الاثنان معا؟
هل هذه الموازنة التي حولتها حكومة تصريف الاعمال الى المجلس النيابي يريدها صندوق النقد الدولي في وقت تتهم الهيئات الاقتصادية نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي بوضع هذا الكم الكبير من الضرائب والرسوم في محاولة لتصفير العجز فيها وارضاء الصندوق الذي يضع شروطا لاعطاء قرض الـ ٣مليارات دولار خلال اربع سنوات ومنها تحقيق التوازن المالي في الموازنات اولا وفرض ضرائب اصلاحية ثانيا .
وبغض النظر في ما يقوله النواب الذين يعارضون اقرار مثل هذه الموازنة والقطاع الخاص والعمال والموظفين فإنها اتت في كل بند من بنودها بضريبة ليس بمقدور اي مواطن تحملها دون مراعاة لاحوال هذا المواطن وطريقة عيشه في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة مع العلم ان واضعي هذه الموازنة استسهلوا تحقيق التوازن عبر الاكثار من الضرائب ورغم ذلك ما تزال تعاني عجزا.
صحيح انها موازنة لا رؤية اقتصادية فيها ولكنها كما يصفها رئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان بانها موازنة ضرائبية وجمع الايرادات ولو كانت دفترية غير قابلة للتحصيل لكنها ايضا تشجع على نمو حجم الاقتصاد غير الشرعي الذي بات يشكل اكثر من ٧٠في المئة على حساب الاقتصاد الشرعي كما تشجع على عدم تطبيق القوانين التي باتت تشكل حوالي ٨٠في المئة وبحسب كنعان فإن أكثر من 95% من مواد الموازنة هي ضريبية تضمنت زيادات ضريبية وضرائب ورسوم جديدة وعشوائية على حساب 85 % من الشعب اللبناني، وهي تطالهم بشكل مباشر من وثيقة الولادة الى وثيقة الوفاة، مروراً بكل النشاطات التي تمارس على الاراضي اللبنانية اقتصادية كانت أم اجتماعية. وكشف عن ان الرسوم ارتفعت بين 50 ضعفاً و100 ضعفاً و150 ضعفاً وفي حالات 200 ضعف، وهي تفرض على الذين يلتزمون بدفع الضرائب وعلى الشركات الشرعية وهذا ان دل على شيء فإنه يدل على ان الحاكم الذي يضع القوانين والضرائب والرسوم في واد والمواطنين الذين يعانون في واد اخر وبالتالي فإن هذه الحكومة محكوم عليها اما بتعديلات كبيرة تقوم بها لجنة المال النيابية او انها لن تمر لا في المجلس النيابي ولا حتى في اللجان النيابية المشتركة وليس لدى الحكومة المصرة عليها الا اصدارها بمرسوم تتحمل نتائجه .
كما استغربت الهيئات الاقتصادية “عدم قيام الحكومة في مقابل زيادة الأعباء الضريبية واستحداث ضرائب جديدة، بأي جهد لتوسيع الوعاء الضريبي، من خلال ملاحقة المؤسسات غير الشرعية التي باتت تمثل نحو 60 في المئة من الاقتصاد الوطني، وجباية الضرائب منها، وكذلك وقف التهريب المستشري من كل حدب وصوب”.
وتعتبر مصادر مالية مطلعة انه بدل ان تقدم الحكومة على تشجيع القطاعات الاقتصادية المنتجة وتكبير حجم الاقتصاد ورفع الناتج القومي الى اكثر من ٢٠مليارا نراها اليوم تفرض المزيد من الضرائب التي لن تؤدي الا الى مزيد من الانكماش ومزيد من التضخم ومزيد من تكبير حجم الاقتصاد غير الشرعي .
واستغربت هذه المصادر المالية استمرار النهج المتبع منذ سنوات وسنوات لدى مختلف الحكومات باستسهال فرض الضرائب لتأمين الايرادات بينما المفروض ترشيد القطاع العام والقيام باصلاحات تطاله مع العلم ان الدوائر التي تدخل الايرادات للموازنة وهما الدوائر العقارية والنافعة مقفلة كما ان هذه الحكومة لم تعالج مشكلة التهريب التي تعرض الموازنة لخسائر كبيرة بسبب تناقص ايراداتها من جراء ذلك .
واكدت هذه المصادر المالية ان هذه الموازنة خالية من رؤية اقتصادية وما هي اهدافها سوى تأمين ايرادات لا تعرف كيف سيتدبر المواطن تأمينها بل تقول له “روح دبر حالك “المهم ان تدفع ما يتوجب عليك للخزينة دون ان تقدم هذه الحكومة اي شىء للمواطن الا المزيد من الضرائب والرسوم ولا اعتقد ان صندوق النقد الدولي يقبل بفرض هذه الضرائب دون القيام باي اصلاحات في الموازنة وبالتالي فهي مرشحة للسقوط مع العلم ان اي دولة لا تقوم الا على جمع الايرادات ولكن ليس بهذه الطريقة العشوائية الفوضوية .
وحذرت الهيئات الاقتصادية من “المواد الخطرة” التي يتضمّنها مشروع موازنة العام 2024. إذ تشكّل تلك المواد “مساراً انتحارياً على المستوى الاقتصادي”. ويتعلّق بعض تلك المواد بـ”زيادة الضرائب والضريبة الموحدة على المداخيل”.
وقد نقلت الهيئات الاقتصادية موقفها الرافض لهذه الموازنة خلال الاجتماع الذي عقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مع رئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان الذي ايد الهيئات واعتبر الموازنة ضرائبية بامتياز وقد تقرر ان تتشكل لجنة من المجلس الاقتصادي والهيئات والاتحاد العمالي لاطلاع الكتل النيابية على مخاطر وخطورة الموازنة .
ويقول احد اركان القطاع السياحي ان الموازنة وضعت حوالي ٦٠ضريبة تضاعفت ارقامها على القطاع المنهك الذي تمكن من استعمال الاوكسجين خلال الصيف وتريد هذه الحكومة تشليحنا ما جنيناه للقطاع ولبنان واقتصاده وبالتالي لن تمر هذه الموازنة ونحن على استعداد لبذل الجهود من اجل عدم امرارها في المجلس النيابي او اصدارها بمرسوم .
ونعود الى ما يريد صندوق النقد الدولي هل يريد قطاعا خاصا يسير على العكازتين مشلولا او مهاجرا تقدم اليه التسهيلات في بلاد الله الواسعة من اجل الاستثمار فيها او يريد مواطنا غير قادر على تأمين لقمة عيشه بسبب الضرائب الملقاة على عاتقه هل يريد اقتصادا راكدا غير محفز للنمو من المؤكد انه لا طريقة امام هؤلاء السياسيين المستمرين في انفاقهم وفسادهم الا بزيادة الضرائب وافقار الناس.
جوزف فرح- الديار
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا