المزيد من المساعدات الاجتماعية للمتقاعدين: التعاقد الوظيفي يعود مقنّعاً
بتعديلات طفيفة، أقرّت لجنة «انتظام العمل في القطاع العام» الوزارية أمس مشروع مرسوم «إعطاء حافز يومي لجميع العاملين في الإدارات العامة» بعد مروره في مجلس شورى الدولة. وبموجب التعديلات، المتقاعد يحصل على راتبين إضافيين فوق الرواتب الستة، ليصبح كامل ما يتقاضاه شهرياً يساوي 8 أضعاف قيمة أساس الراتب. بينما يحصّل الموظف في الخدمة بدل حضور يومي يراوح بين مليون وستمئة ألف لموظفي الفئة الخامسة، ومليونين وأربعمئة ألف لموظفي الفئة الأولى. والآن، يُنتظر عقد جلسة لمجلس الوزراء لإصدار المرسوم رسمياً.في المحصّلة، تستعد الحكومة لإعادة إطلاق مشروع التعاقد الوظيفي بعد تجميده لمدة زادت على 20 سنة. لا سلسلة رتب ورواتب جديدة، بل فخّ نصبته الحكومة للوظيفة العامة محولةً الموظفين إلى عمال بالفاتورة، وناهبةً الضرائب التي دفعها المتقاعد خلال سني خدمته حارمةً إياه من زيادة موازية على راتبه. ومن دون رفّة عين تطلق العنان لارتكاب مجزرة بحقّ الموظفين والمتقاعدين بإقرار المرسوم. فمن جهة، أُسقط حق المتقاعدين بالحصول على نسبة 85% من الزيادات التي تقدّم للموظف في الخدمة، ومن جهة ثانية تحوّل الموظف من صيغة العقد الدائم مع الحكومة إلى أقل من عامل بالفاتورة، إذ يربط مشروع المرسوم بين حضوره إلى العمل، وممارسة المهام المطلوبة منه، وعدم التغيّب ولو ليوم واحد، وبين الحصول على الزيادة اليومية التي لن تدخل في صلب الراتب.
إلا أنّ أكثر ما يثير قلق من تبقّى من نقابيين في القطاع العام هو الفارق المهول بين التقديمات للموظف في الخدمة وزميله المتقاعد. فبعد إقرار المرسوم، يصبح راتب الموظف في الفئة الثالثة الذي حضر إلى عمله 20 يوماً في الشهر نحو 72 مليوناً مع بدل النقل، في حين لن يزيد راتب زميله المتقاعد من الفئة نفسها عن 18 مليوناً، ما يخلق هوّة بينهما تصل إلى حدود 54 مليون ليرة. علماً أن راتب الموظف في الخدمة كان يزيد بـ20% عن المتقاعد، أما بعد إقرار المرسوم فستصبح النسبة أكثر من 75%.
في المقابل، يتفرّج الموظفون، على اختلاف أسلاكهم، على ما تحضّره الحكومة لهم من دون تسجيل أيّ ردّة فعل. فالمعلمون في مدارسهم يحصلون على 300 دولار إضافية على الراتب، وموظفو الإدارة العامة موعودين بالحوافز اليومية التي تسلبهم الأمان الوظيفي. إلا أنّ المتقاعدين في حركة مستمرة منذ الأسبوع الماضي، إذ قام المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام الذي يضمّ موظفين من كلّ الأسلاك العسكرية والمدنية بزيارات لرؤساء اللجان النيابية والوزراء المعنيين بمناقشة مشروع المرسوم. ولا تخفي مصادر المجلس نيتها بالنزول إلى الشارع لـ«إسقاط مشروع المرسوم أو تعديله على الأقل».
إغراءات السلطة بالزيادة الهزيلة أخضعت روابط الموظفين لغسيل دماغ يتعلق بماذا تعني الوظيفة العامة. فلم يعد لدى الموظفين أمان وظيفي، ولا تقديمات صحية واجتماعية، وفي المقابل لم يبق لهم سوى تحصيل رضى طوائفهم. فـ«نسبة الراتب من التقديمات أصبحت أقل من 10%»، بحسب النقابي محمد قاسم الذي وصف القبول بالزيادات بـ«لحس المبرد لكل المستفيدين، إذ لا التعويض الخاص، ولا المؤقّت، ولا المساعدات الاجتماعية تدخل في صلب الراتب»، سائلاً في الوقت نفسه عن «موقف الموظف المقبل على التقاعد، إذ سينهار راتبه من شهر لآخر بأكثر من 40 مليون ليرة».
فؤاد بزي – الاخبار
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا