ما تأثير إعلان “ميرسك” تعليق نقل الحاويات عبر البحر الأحمر على قناة السويس؟
تنذر عمليات أنصار الله الحوثيين في مضيق باب المندب ضد السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، بالتأثير على الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر الذي تمر عبره نحو 12 بالمئة من حجم التجارة العالمية، وتجنب الممر الملاحي الأسرع والأقل تكلفة بين قارتي آسيا وأوروبا.
وأعلنت عملاق الشحن البحري شركة “ميرسك” الدنمركية وقف جميع عمليات الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر، في أعقاب هجمات على سفن متجهة لموانئ الاحتلال.
كما أعلنت شركة “هاباج لويد” للشحن البحري، تأجيل الإبحار لجميع سفنها عبر البحر الأحمر خلال الأيام الـ 3 المقبلة.
وقالت جماعة الحوثي اليمنية إنها نفذت عملية عسكرية ضد سفينة “ميرسك” التي كانت تبحر باتجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأصابوها بشكل مباشر بطائرة مسيرة.
وأعربت عملاق الشحن البحري عن شعورها بقلق بالغ إزاء الوضع الأمني المتصاعد للغاية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مشيرة إلى أنه يشكل تهديدا كبيرا على سلامة وأمن البحارة.
وأدت عمليات الحوثي التي انطلقت في 19 تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي إلى توقف حركة السفن إلى ميناء إيلات الإسرائيلي بشكل شبه كامل.
“ميرسك”.. أكبر عملاء قناة السويس
تعد شركة “ميرسك” أكبر عملاء قناة السويس الدوليين، ولها عدة مكاتب موزعين في عدة موانئ مصرية، وتتجاوز العلاقات التجارية مع الشركة إلى شراكة استراتيجية.
ويمر عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، نحو 30 بالمئة من حاويات الشحن في العالم، ونحو 12 بالمئة، من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.
وتساهم شركة “ميرسك” -التي تمثل سدس إجمالي حركة الحاويات في العالم- بـ20 بالمئة من الحاويات العابرة بالقناة، وتقريبا تمر جميع حمولات الشركة بين آسيا وأوروبا من خلال قناة السويس، بحسب مواقع محلية.
بحسب الممثل العام لشركات المجموعة العاملة بمصر، يمثل الأسطول الملاحي للمجموعة أحد أكبر الخطوط العابرة لقناة السويس مما يسهم في نجاح حركة نقل البضائع بين الشرق والغرب.
في آب/ أغسطس 2022، وقعت هيئة قناة السويس اتفاقية تعاون مع مجموعة “ميرسك” العالمية، تشمل استثمار 500 مليون دولار لتشغيل رصيف حاويات جديد في القناة، تهدف إلى زيادة معدلات عبور السفن في القناة.
الحرب في غزة وليس الحوثيين فقط
التوترات في البحر الأحمر وتحديدا في مضيق باب المندب ليست بالجديدة، يقول مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى، الدكتور أحمد الشامي، مضيفا أنها “تتكرر من وقت لآخر نتيجة النزاعات في تلك المنطقة وآخرها كان في عام 2018 عندما استهدفت أنشطة الحوثيين المراكب السعودية والتي علقت عملها لبعض الوقت في البحر الأحمر، ولم تتأثر إيرادات قناة السويس”.
واعتبر في حديثه لـ”عربي21″ أن التوتر في البحر الأحمر ليس بسبب أنشطة جماعة الحوثي فقط، وإنما بسبب الحرب في قطاع غزة، وأوضح: “هناك سببان، الأول الحرب في قطاع غزة ولا أحد يعلم متى تنتهي، حيث رفعت شركات الشحن وفي مقدمتها ميرسك بالفعل تكلفة التأمين، والثاني عمليات الحوثيين في البحر الأحمر لكنها مؤقتة ومحدودة”.
وفي تقديره للخسائر المحتملة لقناة السويس، قال: “لا شك أن مثل هذه العمليات تؤثر ولكن بالنظر إلى نوعية ومدة هذه التوترات المؤقتة من ناحية، وقياس الأرباح على مدى زمني أطول فإن التأثير قد يكون محدودا خاصة أن استمرار سلامة وأمن المرور في البحر الأحمر هو اهتمام دولي مشترك، والخيار الأفضل لشركات الشحن، لكن قد نشهد ارتفاعا في أسعار الطاقة عالميا”.
أعلى إيرادات للقناة في تاريخها مهددة
في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حذرت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية من أن التطورات الأمنية في مضيق باب المندب ستؤثر على حركة الملاحة العابرة للبحر الأحمر وبالتالي قناة السويس المصرية.
حتى الشهر الماضي كشفت هيئة قناة السويس عن تحقيق القناة أرقاما قياسية جديدة على صعيد أعداد السفن والحمولات الصافية والعائدات المحققة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
زادت عائدات قناة السويس خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إلى 854.7 مليون دولار مقابل 710.3 ملايين دولار خلال الشهر ذاته من العام الماضي، بنسبة زيادة قدرها 20.3 بالمئة.
وسجلت القناة عبور 2264 سفينة من الاتجاهين، بنسبة زيادة 4.3 بالمئة، كما بلغ إجمالي الحمولات الصافية 135.5 مليون طن بنسبة زيادة قدرها 8.2 بالمئة.
توفر قناة السويس موردا رئيسيا للعملة الصعبة في مصر، وقفزت إيراداتها في عام 2022/2023 بنسبة 34.7 بالمئة، إلى 9.4 مليارات دولار، وزادت أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 17.6 بالمئة، لتبلغ 26 ألف سفينة.
تأثير يتجاوز قناة السويس
اعتبر مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة في لندن، الدكتور مصطفى البزركان، أن “الأعمال العسكرية في البحر الأحمر ضد السفن تشكل تهديدا للأمن البحري ليس في البحر الأحمر فقط ولكن حتى في قناة السويس وباتجاه جنوب أفريقيا واتجاه البحر الأبيض المتوسط وتولد قلقا كبيرا”.
وأضاف لـ”عربي21″: “نحو 16 بالمئة من نفط العالم يمر عبر مضيق باب المندب ومن ثم البحر الأحمر، ومن السلبيات التي قد تواجهها حركة النقل بالنسبة لناقلات النفط والغاز أو سفن الشحن والحاويات هو زيادة تكاليف التأمين، وهذا يؤثر على المستوردين وعلى اقتصادات الدول المتشاطئة على البحر الأحمر وليس على قناة السويس فحسب”.
وفيما يخص قناة السويس بين البزركان أن “هذه العمليات وردود الفعل عليها من قبل شركات النقل والشحن البحري قد تؤدي إلى تقليل حركة الشحن عبر قناة السويس التي شهدت أكبر مدخول الشهر الماضي في تاريخ القناة وهذا يقلق مصر والاقتصاد العالمي”.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن “لا يستمر أثر هذا التهديد طويلا نتيجة الاندفاع نحو تشكيل قوة بحرية دولية للحفاظ على أمن البحر الأحمر، وسيكون لها تأثيرات إيجابية على حركة الشحن والأمن خاصة عندما نشهد تصعيدا في الاعتداء على السفن في البحر الأحمر من مختلف الجنسيات”.
عربي21
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا