قانون الإيجارات… “رصاصة” في الوسط التجاري الزحليّ!

قانون الإيجارات… “رصاصة” في الوسط التجاري الزحليّ!

لا تنفصل زحلة عن الخلاف الذي ولّده قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية. فقد فجّر إقرار مجلس النوّاب هذا القانون في الشهر الأخير من العام الماضي، قلوب أصحاب الملك «المليانة» من «المستأجرين» القدامى، ليدفع بكل طرف إلى تعزيز حججه في الإصرار على تطبيق القانون أو رفضه، وهذا ما خرق مشهد الرتابة الذي يتعايش معه أبناء سوق زحلة التجارية منذ سنوات.

إلا أنّ معظم النقاش بدا وكأنه متركّز في وسط المدينة التجاري تحديداً. ليس السبب فقط في كون عقود التأجير القديمة التي يشملها القانون الجديد، تتركّز بجزء كبير منها في هذا الوسط، وإنّما أيضاً لما يتمتّع به هذا الوسط من خصوصية، ترتبط بمؤسسات تحوّلت مع الزمن إلى ما يشبه معالم تجارية ثابتة، ولو متهالكة في جزء منها. وبالتالي يُخشى من أن تؤدي تداعيات تطبيق قانون الإيجارات الجديد إلى القضاء نهائياً على هذه الخصوصية. صحيح أنّ أسواق زحلة التجارية توسّعت منذ مدّة إلى خارج وسطها، حيث اكتسبت الإمتدادات التجارية طابعاً أكثر حداثة، عكس حجم الاستثمارات التي وضعت في هذه المؤسسات، إلا أنّ «روح زحلة» ما زالت مرتبطة بوسطها التجاري. ففيه لا يزال الزبائن يلتقون وجوه أصحاب المؤسسات. بعضهم توارثوها أباً عن جد، حتى وصلت للجيل الجديد الذي طوّرها بعضُه كثيراً. في المقابل، شاخ كثيرون أيضاً في مؤسساتهم ومعها. ومع أنّ جزءاً من هؤلاء أيضاً تقاعد أو غاب عن الحياة، إلا أنّ عناوين متاجرهم بقيت راسخة في الأذهان. وعليه، يتمسّك ورثتهم بأبواب محلاتهم، لما تحمله من قيمة معنوية بالنسبة إليهم. ففيها يجدون ذكرى من رحلوا. يحلّ بعض هذه العناوين في زحلة كبديل عن أنظمة تحديد المواقع الإلكترونية. فالزحليّ عندما يريد أن يرشد أحدهم إلى أي موقع، يحدّده إلى جانب واحدة من تلك المؤسسات. فيكون المكان المقصود قبل هذه المؤسسة أو بعدها. وحتى لو لم تعد المؤسسة بحدّ ذاتها منتجة، يذكرها كمعلم لا يمكن للباحث عنه أن يضيّعه.

في جولة بأرجاء الوسط التجاري بالتزامن مع إقفال رمزيّ للأسواق نفّذه التجار المستأجرون تعبيراً عن اعتراضهم على القانون بصيغته الموضوعة، كان يمكن الإلتقاء ببعض أصحاب المؤسسات التي شملها القانون. معظمهم بنوا هذه المؤسسات بأنفسهم، أو ورثوها عن آبائهم، بحيث يتحدث البعض عن مؤسسات عمرها أكثر من ستين سنة، صمدت في كل الظروف، حتى وقعت الأزمة المالية الأخيرة، وخلّفت ما خلّفته من تداعيات هدّامة.

إلا أنّه رغم الضربة الأخيرة القاضية، لا يزال أبناء وسط زحلة التجاري يأملون في نهضة اقتصادية تسمح لهم بتجديد استثماراتهم، متمسّكين بضمانتهم الوحيدة لذلك، والمتمثلة بعقود إيجاراتهم القديمة، وما شكّلته من عامل استقرار بالنسبة إليهم طيلة السنوات الماضية.

يصرّ أصحاب هذه المتاجر على الاحتفاظ بها، مع إقرارهم بحق المالك بأجرة منصفة، تحفظ له حقّه بالملك، ولكن من دون أن تسلّطه على المستأجر، أو تنزع من الأخير عامل الاستقرار، بما يشكّله من ركن أساسي من أركان الاستثمار وتجديده.

إلّا أن النقاش الذي يدور في المدينة يقود أيضاً لوجهة نظر مختلفة لدى المالكين أو داعميهم. فبينهم من يعتبر أن المستأجرين بعقودهم القديمة تحوّلوا شركاء أقوى في مؤسساتهم. ويتحدّث هؤلاء عن أعراف خلّفها التأخير في تطوير التشريعات، سمحت للمستأجر بأن يبيع خلوّ محلّه إلى مستثمرين جدد. ففي معرض بحث المستثمر الجديد عن عامل الاستقرار الذي وجد في عقود الإيجارات غير المتحركة، سدّد مبالغ طائلة للمستأجرين القدامى مقابل استثمار مواقع مؤسساتهم، من دون أن يستفيد المالك سوى من زيادة طفيفة على أجرة المؤسسة، سرعان ما فقدت قيمتها مع تدهور قيمة العملة اللبنانية. هذا الواقع يشير إليه البعض كونه واحداً من العوامل التي حدّت من الاستثمارات وتجدّدها في وسط زحلة التجاري، ما جعله في حالة ترهّل وقتل الطموح في هذا الوسط. بحسب أصحاب هذا الرأي إن تمسّك المستأجر القديم بالمأجور قلّص عدد المؤسسات المتوفرة لاستثمارات جديدة، وبالتالي رفع كلفة الإيجارات الجديدة في العدد القليل من المحلات التي تمّ إخلاؤها.

في أسوأ مرحلة

هذا الجدل بالطبع ولّدته استفاقة مجلس النواب على إقرار قانون استغرق النقاش فيه نحو تسع سنوات تقريباً. فالحديث عن مشروع قانون خاص حول الأماكن غير السكنية بدأ مع صدور قانون الإيجارات في سنة 2014، وقد نصّ على تمديد عقود الإيجار غير السكنية إلى حين إنجاز مشروع قانون منفصل لها، واضعاً مهلة قصوى لذلك في العام 2018. إلا أنه كما هو حال معظم الأمور في لبنان، مدّدت هذه المهلة مرتين حتى شهر حزيران 2022، إلى أن أخرجه مجلس النواب من جعبته في منتصف شهر كانون الأول من العام الماضي، أي بتأخير عام ونصف عن مهلة التمديد الأخيرة التي حدّدت له.

المأخذ الذي يسجّل في زحلة، هو أن مجلس النواب اختار أن يفجّر هذا القانون بوجه مستأجري المؤسسات غير السكنية، التجارية تحديداً، في أسوأ مرحلة يمرّ فيها هؤلاء، حيث أموال المودعين ومن بينهم التجار ما زالت محتجزة في المصارف، ولا مصارف تقرض التجار لتطوير استثماراتهم حتى يحسّنوا إنتاجيتهم، والواقع الأمني المتصدّع داخلياً يعيق هذه الاستثمارات. ولذلك هم يعتبرون أن هذا القانون، سيشكّل رصاصة قاتلة لتجار الوسط التجاري قد تؤدي إلى تهجير من تبقّى منهم.

وإذ يحاول هؤلاء التصدّي لذلك عبر بيانات وتحرّكات شعبية ومراجعات لنواب المنطقة، يبقى أملهم بالتراجع عن هذا القانون. أما في حال تمّ السير به حتى نشره في الجريدة الرسمية، فالتعويل بالنسبة إلى هؤلاء هو على عدم تطبيقه، أسوة بقانون الإيجارات الذي صدر سنة 2014، والذي تحوّل من عامل تنظيم للعلاقة بين المالك والمستأجر، إلى مفجّر لنزاعات قضائية بينهما، الأمر الذي يرسّخ بالنسبة إلى كثيرين صورة الدولة الغائبة عن رعاية شؤون مواطنيها، ويبقى غيابها بالنسبة إليهم أفضل من يقظاتها التي تضع الناس في كل مرة بمواجهة بعضهم بعضاً، بدلاً من أن تتحوّل عدالتها ضمانة لحقوقهم جميعاً.

لوسي بارسخيان- نداء الوطن

للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *