المصارف تواجه التحدي الابرز في العام 2024: مصير الودائع وطريقة استردادها

المصارف تواجه التحدي الابرز في العام 2024: مصير الودائع وطريقة استردادها

يشهد لبنان ومنذ نحو أربع سنوات، أزمة نقدية واقتصادية تسببت بسقوط القطاع المالي والمصرفي الذي كان يعد أحد أهم ركائر ودعائم الاقتصاد في البلاد.

ولعل من أبرز وجوه الأزمة هو انهيار القطاع المصرفي الذي فقد دوره بشكل كببر ، وسط عدم قدرة البنوك على رد الودائع الدولارية للمودعين، في ظل شح العملات الصعبة وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية في البلاد الى مستويات قياسية متدنية.

في العام ٢٠٢٣ لم يسجّل أي تطورات ملحوظة في القطاع المصرفي لناحية بدء عملية اصلاحه، او هيكلته أو تحديد مصير ٩٠ مليار دولار من الودائع المحتجزة، ومصير الفجوة المالية المقدرة ب ٧٢ مليار دولار.

لكن لم تخلُ سنة ٢٠٢٣ من بعض التغييرات الطفيفة كاعتماد سعر صرف رسمي جديد في القطاع المصرفي عند ١٥ الف ليرة لتتم على اساسه كافة التعاملات المصرفية، منها مفاعيل التعميم ١٥١ اي السحوبات النقدية الشهرية بالليرة من حسابات اللولار التي اصبحت تسدد على سعر صرف الـ ١٥ الف ليرة بدلا من ٨٠٠٠ ليرة، وفقاً للسقوف المحددة، علماً ان التعويل هو على تحوّل تلك السحوبات الى سعر الصرف المحرر اي سعر السوق الموازية بعد اعتماده واقراره في الموازنة.

كما يسحل في العام ٢٠٢٣ أن مصرف لبنان ألغى من خلال التعميم ٦٧٤، جزءاً من الـ haircut الذي كان مفروضاً على المستفيدين من مفاعيل التعميم ١٥٨، حيث الغى عملية تسديد مبلغ موازٍ ل ٤٠٠ دولار التي يتقاضاها المودعون نقداً، بالليرة على سعر صرف الـ ١٥ الفاً، وأبقى على ال ٤٠٠ دولار نقداً فقط شهرياً، فيما قلّص المبلغ الشهري الى ٣٠٠ دولار للمستفيدين من التعميم ١٥٨ بعد ١ تموز الماضي.

وفي تشرين الثاني، اصدر مصرف لبنان تعميماً وسيطاً رقم ٦٨٢ ينصّ على توسيع شريحة المستفيدين من التعميم ١٥٨ لتشمل اصحاب الحسابات التي تم نقلها من مصرف الى آخر بعد تشرين الاول ٢٠١٩، حيث تتم اعادة فتح حسابات لهم مجدداً في المصرف المحوّلة منه الاموال بقيمة ٥٠ الف دولار بالحد الاقصى وذلك للاستفادة من مفاعيل التعميم ١٥٨ وسحب ٣٠٠ دولار شهرياً. مع الإشارة إلى أن المصارف لم تطبق التعميم ٦٨٢ لغاية اليوم.

اين الاصلاحات ؟

إذاً المشهد لم يتغير كثيراً في العام ٢٠٢٣ ولم يُقر أي قانون من القوانين الإصلاحية التي تخص القطاع المصرفي واهمها قانون الكابيتال كونترول وإعادة هيكلة القطاع المصرفي فكيف سيكون المشهد في العام٢٠٢٤؟

في هذا الإطار تقول مصادر مصرفية للديار :

القطاع المصرفي تأثر كأي قطاع آخر بالأزمة وضغوطها و تقلص حجمه منذ اندلاع الأزمة واذا نظرنا إلى الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي نرى أن الودائع بالليرة اللبنانية تراجعت ٢٧ تريليون ليرة أي بنسبة ٣٥% منذ ٢٠١٩، والودائع بالعملات الأجنبية تراجعت ٣٢مليار دولار أي بنسبة ٢٦%، أما محفظة التسليفات للقطاع الخاص فهبطت ٣٣مليار و ٣٠٠ مليون دولار أي تراجع بنسبة ٨١% للتسليفات بالعملات الأجنبية، وكذلك تراجعت التسليفات بالليرة اللبنانية للقطاع الخاص ١٥ تريليون ليرة أي بنسبة ٥٥،٤% .

و أشارت هذه المصادر إلى أن القطاع المصرفي أغلق أو دمج ٢٩% من فروعه في لبنان، ورأسماله تراجع من ٢١ مليار دولار في أول الأزمة في العام ٢٠١٩ إلى نحو ٥ مليارات دولار حالياً، كما باعت بعض المصارف جزءًا من أصولها في الخارج إن كان في مصر أو الأردن أو سوريا، وكذلك خسرت المصارف عدداً كبيراً من موظفيها الذين كان يبلغ عددهم في أواخر العام ٢٠١٨ حوالى ٢٦ ألف موظف أما اليوم فتراجع عددهم إلى أقل من ١٦ ألف موظف .

أما بالنسبة لخسائر القطاع المصرفي فتقول هذه المصادر: تكبدت المصارف خسائر توازي ٩٠% على سندات اليوروبوند التي تحملها، بسبب قرار الحكومة السابقة بالتعثر في تسديد سندات اليوروبوند وعدم بدء المفاوضات مع حاملي هذه السندات، إضافةً إلى الخسائر على مراكز القطع المفتوحة بالعملات الأجنبية التي بلغت ٨ مليارات دولار تقريباً، فضلاً عن الخسائر التي تكبدتها المصارف من جراء تسديدات القروض التي منحت بالدولار للقطاع الخاص، والتي سددت بالليرة اللبنانية على سعر صرف ١٥٠٠ ليرة لبنانية أو عبر شيكات قيمتها أقل بكثير من القيمة الحقيقية للقرض .

وحول التحديات التي ستواجه المصارف في العام ٢٠٢٤ رأى كبير الاقتصاديين قي بنك بيبلوس نسيب غبريل أن اول تحد هو تحديد مصير الودائع الذي يعتبر العائق الأساسي للقطاع المصرفي منذ اندلاع الأزمة لافتاً أن المودع بحاجة إلى ثلاثة أجوبة حول موضوع الودائع: أولاً ما هو مصير الودائع، ثانياً بأي طريقة سيستردها ثالثاً بأي مهلة زمنية سيتمكن من استخدامها، مشيراً أنه لغاية اليوم و بعد أكثر من أربع سنوات على الأزمة لم تقدم السلطات أي جواب عن هذه الأسئلة الثلاثة، لأنه لا يوجد إجماع على جذور الأزمة و بالتالي لا يوجد إجماع على الخروج من الأزمة.

وتحدث غبريل عن نظرية تقول ان ديون الدولة لمصرف لبنان هي خسائر وليست التزامات معتبراً أن هناك إهمالا للمادة ١١٣ من قانون النقد والتسليف التي تقول ان وزارة المالية هي المسؤولة عن تغطية الخسائر السنوية لمصرف لبنان،” وهذا الأمر يعني أنه ليس هناك إجماع على تحديد مصير الودائع”.

ووفق غبريل التحدي الثاني للقطاع المصرفي هو إيجاد مصادر لإيرادات المصارف على الأقل لتغطية مصاريفها التشغيلية، مشيراً ان إيرادات المصارف تتأتى من مصدرين أساسيين الأول هو الفائدة على سيولة المصارف في المصارف المراسلة في الخارج، موضحاً أن المصارف اللبنانية لديها سيولة وضعتها في المصارف المراسلة في الخارج وتتقاضى عليها الفوائد التي تستفيد منها المصارف اللبنانية بعد سياسة رفع الفوائد عالمياً.

أما المصدر الثاني للإيرادات فأشار غبريل إلى الفائدة على سندات الخزينة التي تحملها المصارف والتي انخفضت قيمتها بشكل كبير من جراء تدهور الليرة اللبنانية، وأيضاً الفوائد التي تحصلها من ودائعها لدى مصرف لبنان الذي خفض هذه الفوائد بنسبة ٥٠% لافتاً ان هذه الفوائد دفترية .

ويقول غبريل هذه الإيرادات المنخفضة تغطي ثلاثة أمور، أولاً تغطي المؤونات التي تأخذها المصارف على سندات اليوروبوند، ثانياً مؤونات تأخذها لما تبقى من تسليفات المصارف للقطاع الخاص سيما القروض التي عليها مشاكل و ثالثاً تغطية النفقات التشغيلية.

أما التحدي الثالث والأهم وفق غبريل فهو متى ستعود المصارف إلى عملها الطبيعي وهو تسليف القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الذي شهدناه خلال الأزمة من تسديد للجزء الأكبر من التسليفات المصرفية بالدولار إلى القطاع الخاص بالليرة اللبنانية على سعر صرف١٥٠٠ ليرة أو عبر شيكات قيمتها أقل بكثير من القيمة الحقيقية للقرض أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع المصرفي والمودع، معتبراً أن هذا الأمر أفاد المقترض وأضر بالمودع والمصارف، “وقد أطلق على هذه العملية صندوق النقد الدولي إعادة توزيع للثروة من المودع إلى المقترض” .

وإذ اوضح غبريل أن مبدأ إعادة توزيع الثروات يُطبق في الأنظمة الشمولية والبلدان الشيوعية لفت إلى أنه طُبق في لبنان خلال الأزمة، مؤكداً ان المصارف هي أول جهة تريد إعادة التسليف إلى القطاع الخاص وإلى الأفراد والشركات ومؤسسات القطاع الخاص، لكنها من أجل تحقيق ذلك هي بحاجةلى سيولة كافية، وكما هي بحاجة الى حماية هذه السيولة، أي بحاجة إلى إجراءات أو قانون يؤكد على المقترض على أنه عندما يقترض بالدولار الفريش أن يرد القرض بالدولار الفريش وليس بالليرة للبنانية او عبر الشيكات، كيلا نعيد تجربة السنوات الماضية، مؤكداً أن إعادة التسليف للقطاع الخاص هو تحد أساسي للمصارف لأنه يعتبر من ضمن عمل القطاع المصرفي في الدرجة الأولى.

أما التحدي الرابع للمصارف وفق غبريل فهو إعادة هيكلة القطاع المصرفي معتبراً أن التحدي الأكبر هو وجود إرادة سياسية لإقرار مشاريع القوانين التي لها علاقة بهذا الموضوع كمشروع قانون الكابيتال كونترول ومشروع قانون إعادة التوازن للقطاع المالي ومشروع قانون إعادة هيكلة المصارف معتبراً أن مضمون مشروع القانون يضع العبء بشكل كامل على القطاع المصرفي ويضع عوائق أمام إعادة رسملة المصارف واستمراريتها .

و بالنسبة للتحدي الخامس تحدث غبريل عما تقدمت به المصارف إلى وزارة المالية من خلال مذكرة ربط النزاع من قبل ١١ مصرفاً، “وهم قاموا بهذا الأمر بدل مصرف لبنان الذي يقول كما تقول التقارير التي صدرت عن مؤسسات دولية بطلب من الدولة اللبنانية أي تقرير التدقيق الجنائي لالفاريز اند مارسال (Alvarez &Marsal) وتدقيق الوضعية المالية لمصرف لبنان من قبل شركة اوليفر وايمن (Oliver Wyman) والذين أوضحوا أن هناك التزامات على الدولة لمصرف لبنان بقيمة ١٦ مليار و ٣٠٠ مليون دولار”، لافتاَ إلى أن مذكرة ربط النزاع تطلب تسديد هذه الديون إلى مصرف لبنان كما تُذكر بأن مصرف لبنان عليه أن يطالب بتطبيق المادة ١١٣ من قانون النقد والتسليف التي تقول انه إذا حقق مصرف لبنان خسائر فوزارة المالية هي المسؤولة عن تغطية هذه الخسائر.

وإذ أشار غبريل إلى أن المصارف ال ١١ التي قدمت ربط النزاع بانتظار رد الدولة اللبنانية لفت إلى أنه إذا لم يأت رد رسمي من الدولة اللبنانية في الخامس من شهر شباط المقبل يصبح لهذه المصارف الحق في أن تتخذ خطوات أخرى مثل اللجوء إلى مجلس الشورى .

ويشدد غبريل في الختام على ضرورة استعادة الثقة ليس فقط بالقطاع المصرفي بل بالنظام ككل وبالمؤسسات الدستورية، لافتاً إلى أن استعادة الثقة بالقطاع المصرفي لا تأتي بالإجراءات التقنية ففط وإن كانت ضرورية لكنها ليست كافية ،”فاستعادة الثقة تأتي من خلال الحوكمة والإدارة الرشيدة أي من خلال تطبيق الدستور والالتزام بالمهل الدستورية وفصل السلطات واحترام استقلالية القضاء ودعم قدراته ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي ومحاربة التهريب عبر الحدود بالاتجاهين وتطبيق القوانين وتقليص حجم الاقتصاد الموازي”.

اميمة شمس الدين – الديار

للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *