قانون الايجارات للاماكن غير السكنية بين رد ميقاتي ومعارضة 4 وزراء
قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية موضوع جدل جديد يشغل بال معظم اللبنانيين وكغيره من الأمور يشكل محط سجال انقسمت حوله الآراء.
فالمالكون القدامى يعتبرون هذا القانون منصفاً لهم بعدما تكبدوا الكثير من الخسائر بعد انهيار الليرة اللبنانية بحيث لا تتجاوز بعض الإيجارات ١٠ دولار سنوياً.
والمستأجرون يعتبرون هذا القانون فيه ظلم لهم في ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
في السياق التقت الديار رئيسة تجمع مالكي الأبنية المؤجرة أنديرا الزهيري، و رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال و المستخدمين في لبنان النقابي كاسترو عبدالله .
أشارت رئيسة تجمع مالكي الأبنية المؤجرة المحامية أنديرا الزهيري في حديث للديار إلى القوانين الاستثنائية للإيجارات الاستثنائية والتي تشمل الإيجارات السكنية وغير السكنية بسبب الحروب والتي تم تمديدها أكثر من ٢٤ مرة منذ العام ١٩٤٠، معتبرةً أن هذا التمديد خلق خللاً بطريقة العقد وبمفهوم الإيجار .
وأشارت الزهيري انه في العام ٢٠١٤ تم إقرار قانون الإيجارات السكنية الذي قضى بالتحرير ببن ٩ و١٢ سنة للأماكن المؤجرة السكنية “ووعدونا بأن يصدر قانون للإيجارات غير السكنية لكن في نهاية العام ٢٠١٨ قاموا بالتمديد للقانون القديم”، لافتةً أنه حينذاك تم تقديم طعن إلى المجلس الدستوري الذي كان واضحاً وصريحاً لكن لم يوقف التمديد نظراً للضرورات، لكنه ألزم مجلس النواب بإقرار قانون يعنى بالإيجارات غير السكنية خلال سنة .
وبالرغم من ذلك تقول الزهيري عادوا و مددوا ٣ مرات وآخر تمديد انتهت مفاعيل العمل به في ٣٠ تموز حزيران ٢٠٢٢ “وكنا بانتظار إقرار قانون إيجارات الأماكن غير السكنية الذي كان موجوداً في الهيئة العامة في مجلس النواب “.
وتعتبر الزهيري إقرار مجلس النواب مؤخراً لقانون الإيجارات للأماكن غير السكنية فيه إنصاف للمالكين القدامى لأن الاماكن غير السكنية تعد منتجة، كالمدارس والتجار والشركات والمصارف والأطباء والصيادلة والمهندسين و المحامين وأيضاً النقابات والبلديات، لافتةً أن بدلات هذه الإيجارات لا تتخطى ٥ و ١٧ دولارا سنوياً .
وفي تعليقها على رد مجلس الوزراء القانون إلى مجلس النواب تقول الزهيري نحن ظُلمنا والتمديد غير دستوري وما حصل خلل دستوري فاضح تخطى به الرئيس ميقاتي صلاحيات رئيس الجمهورية .
وإذ نوهت بالموقف (البطولي) لأربعة وزراء اعترضوا على رد القانون، كشفت عن لقاء لتجمع المالكين القدامى مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام الذي كان “متجاوباً ومتعاطفاً جداً معنا وقد أطلعناه على الإحصاءات التي حصلنا عليها من وزارة المالية والتي تبين أن رد القانون بهذه الطريقة غير منطقي”.
وتوضح الزهيري أن ٢٢% من التجار يخضعون للقانون القديم ويدفعون ١٠ أو ١٧ دولارا في السنة ، بينما ٧٨% من التجار الجدد يدفعون الإيجارات وفق القيمة الحقيقية للمأجور ، معتبرة ان هذا الأمر يؤدي إلى حصول منافسة غير شرعية بين التجار أنفسهم، فضلاً عن إعادة الظلم و إعدام للمالك القديم ” لأنه ينتظر منذ ٧٠ سنة أن تتحرر بدلات إيجاراته وتصبح خاضعة لقانون فيه عدالة إجتماعية وبالتالي عاد المالك إلى نقطة تحت الصفر كي يعود ليستجدي حقه” .
وأسفت الزهيري كيف يقوم مجلس الوزراء برد القانون في ظل هذه الظروف وهو على دراية بأوضاع المالكين القدامى وما يتعرضون له من ظلم كما يعلم أن التمديدات غير دستورية “والاكثر من كل ذلك الدولة تُحمل المالكين القدامى في هذه الظروف المعيشية الصعبة حق السكن في حين في حال انهارت أبنيتهم المهمولة و المتروكة من غير صيانة بسبب الإيجارات المجانية والدولة تحملهم مسؤولية انهيارها ” .
وتحدثت الزهيري عن الضرائب ورسوم الانتقالات المرتفعة التي يدفعها المالكون القدامى في الوقت الذي يتقاضون مبالغ زهيدة من المستأجرين، معتبرةً ان هذا نوع من الظلم المتجدد والمستمر الذي أعاد الخلل بطببعة العقد الذي لا يوجد فيه توازن ( عقود إذعان).
وتحمل الزهيري مسؤولية انهيار الأبنية المعرضة للانهيار في هذه الظروف الخطرة لكل الوزراء الذين وقعوا على رد القانون إلى مجلس النواب، مشيرةً أنه كان بإمكانهم أن يتركوا هذا القانون يسلك مسلكه الطبيعي وفقاً للآلية الدستورية وينشر في الجريدة الرسمية، و إذا أرادوا الطعن فإمكان ١٠ نواب أن يتقدموا به إلى المجلس الدستوري، آسفة لأن الكتل النيابية نفسها التي صوتت للقانون صوتت لرده إلا أربعة وزراء.
وإذ أشادت الزهيري بموقف الوزير أمين سلام الذي طلب من الرئيس نجيب ميقاتي ان يقدم تبريراً لرد القانون علماً أنه مهما كانت الأسباب لن تكون مقنعة ومنطقية لأنها أتت على حساب وحقوق المالكين القدامى والتعدي على الدستور و صلاحيات رئيس الجمهورية، قالت عندما اجتمعنا مع الوزير سلام الذي أعطانا الوقت الكافي لنشرح له وضع المالكين القدامى والظلم الذي يتعرضون له و”كان متفهماً وأكد لنا أنه رفض رفضاً تاماً رد القانون وهو على قناعة بأن هذا الرد غير صحيح ويعرف مدى أهمية الإيجارات وانعكاسها على الاقتصاد اللبناني “.
وختمت الزهيري بالقول هناك شريحة كبيرة من المواطنين اللبنانيين يتعرضون للظلم بشكل مستمر بالرغم أنهم لديهم أملاك يمكنهم من خلال استثمارها أن يُفيدوا الاقتصاد اللبناني وأن يعيشوا حياة كريمة هم وعائلاتهم.
من جهته اعتبر رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان النقابي كاسترو عبدالله أن رد مجلس الوزراء لقانون الإيجارات غير السكنية إلى مجلس النواب فرصة لإعادة البحث مجدداً للاستعاضة عن التقصير الذي كان حاصلاً سابقاً بعدم استشارة أصحاب الحقوق سيما المستأجرين القدامى، مشدداً على ضرورة إعادة النظر بالإيجارات السكنية وغير السكنية وحتى التعاقد الحر.
ويقول عبد الله هناك مشكلة ومعضلة كبيرة في ما خص موضوع السكن والإسكان في لبنان لأن للأسف الدولة لم تقم بدورها في وضع خطة سكنية و لم تتعاط مع هذه القضية كما يجب سيما أنها تتعلق بحقوق أساسية يكفلها الدستور للمواطن اللبناني خصوصاً حق السكن والعمل والصحة والتعليم .
وأسف عبد الله لأن مجلس النواب أقر قانون الإيجارات غير السكنية في ظل ظروف استثنائية إذ ان البلد في حالة حرب إضافة إلى الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة، وبالتالي من المستحيل التشريع خلالها في قضايا تمس حياة الناس بشكل مباشر وعلى مدى طويل”.
وأكد عبد الله ان هناك الكثير من المستأجرين الذي دفعوا (خلوات) اما لصاحب الملك وإما للمستأجر الذي كان قبله واستمر هذا الأمر إلى العام ١٩٩٢، مشيراً أن هناك قانونا ينظم هذه العلاقة .
وإذ نفى عبد الله ما يقال عن وجود ٢٤ ألف عقد، لفت إلى أن النسبة الكبرى للإيجارات هي للدولة اللبنانية، مطالباً بقانون عادل ينصف الطرفين و يأخذ بعين الاعتبار الإيجار السكني وغير السكني والأخير هو باب رزق ويضم مؤسسات تجارية وصناعية لديها مئات و آلاف العمال الذين سيصبحون في الشارع إذا طبق هذا القانون، لافتاً إلى موضوع المدارس الرسمية وطلابها المهددين بأن يصبحوا في الشارع .
وأشار عبد الله إلى أنه في كل دول العالم لا يتم دفع ٨% من قيمة المأجور فإذا كانت قيمة أي محل ١٠٠ ألف دولار فسيدفع المستأجر ألف دولار شهرياَ معتبراً التسعير بالدولار مّسا بالسيادة، لافتاً إلى أن هناك عشرات الآلاف من المهن الحرة كالأطباء والمهندسين والمحامين سيتضررون من جراء هذا القانون، إضافةً إلى الصيدليات ومحلات الألبسة.
لكن يرى عبد الله أنه يجب ان تعدل الإيجارات بطريقة مدروسة شرط أن يكون هناك نقاش مشترك، وقال نحن كلجنة دفاع عن حقوق المستأجرين تم استبعادنا عن النقاش ونحن موجودون أيضاً في المجلس الاقتصادي الذي استُبعد أيضاً عن النقاش معتبراً أن وراء هذا القانون الشركات العقارية والمصارف لأنهم يريدون أن يستثمروا في القطاع العقاري .
وهدّد سنبقى نصارع وسيبقى صوتنا عاليا في الشارع لأن بعض النواب مستشرسون وينذرون بأنهم سيعدلون القانون ليكون بمفعول رجعي منذ العام ٢٠١٤ .
والموضوع الأهم وفق عبد الله هو موضوع بدل الخلو فالناس الذين دفعوا نصف مليون دولار و ٨٠٠ ألف دولار ومليون دولار “فمن يعوضهم عن هذه الخسارة” .
وختم عبد الله بالقول لا بد من إعادة النظر بالإيجارات غير السكنية مع الأخذ بعين الاعتبار تعديل بعض البدلات وأن يتم تشكيل لجنة مؤلفة من خبراء في موضوع السكن والإسكان وبمشاركة المالكين والمستأجرين، على أن يتم النقاش بطريقة هادئة للوصول إلى قواسم مشتركة على الا يكون المدى الزمني طويلاً يتراوح بين ١٠ و ١٥ سنة لحل هذه القضية ولتتحمل الدولة المسؤولية والبلديات والمشاعات وحتى الأوقاف حيث بإمكانها أن تستعمل الأراضي التي تملكها .
أميمة شمس الدين- الديار
للانضمام الى مجموعتنا لسعر الصرف عبر الواتساب اضغط هنا