الأسعار زادت 58 مرّة: سيطرة عوامل التضخّم الخارجية

أصدر الإحصاء المركزي بيانات مؤشّر أسعار السلع عن نيسان الماضي، والتي أظهرت أن التضخّم لا زال يتراكم في بنية الأسعار المحلية، رغم تباطؤ الوتيرة بسبب التثبيت الاصطناعي لسعر الصرف منذ نحو سنة. فقد ارتفعت الأسعار منذ مطلع 2019 حتى نهاية نيسان 2024 بنسبة 5853%، أي إنها ازدادت 58 مرّة ونصف المرّة. ويرجّح أن الأسعار ستسجّل مزيداً من الارتفاع في الأشهر المقبلة، وإن كان بمعدلات شهرية أدنى ممّا سُجّل في الأشهر الأخيرة.ثمة أربعة محرّكات أساسية لهذا التضخّم المتراكم منذ مطلع عام 2019 ونهاية نيسان 2024. فبحسب مؤشّر الأسعار، ازدادت أسعار الغذاء في هذه المدة بنحو 237 مرّة، كما ازدادت أسعار النقل 119 مرّة، وأسعار الألبسة والأحذية 167 ضعفاً، وأسعار الفنادق والمطاعم 294 ضعفاً. من بين هذه المحرّكات الأربعة، فإن المطاعم والفنادق هما الأكثر ارتباطاً بتدفّق الأموال من الخارج، أي إنهما مرتبطَين بسيّاح (مغتربين أو أجانب) أو مرتبطَين بتحويلات نقدية من الخارج، من أبرزها تحويلات المغتربين إلى أسرهم في لبنان، أو تحويلات رأسمالية أخرى تأتي بأشكال مختلفة. ومن بين المحرّكات الأربعة، فإنّ النقل هو الأكثر ارتباطاً بالداخل كونه خدمة أساسية يحصل عليها المقيم في لبنان في ظل غياب نقل عام مشترك، إلا أنّ كلفة النقل تعتمد بشكل أساسي على سعر المحروقات التي يستوردها لبنان، إضافةً إلى كلفة وسيلة النقل وصيانتها، ولا يبقى منها ما هو محلّي إلا عملية القيادة والاستثمار اللذين يقدّمهما مالك هذه الوسيلة.

 

بالنسبة إلى أسعار الغذاء، فإنّ القسم الأكبر ممّا يُستهلك محلياً، هو مستورد. بحسب إحصاءات الجمارك يستورد لبنان أكثر من 2.1 مليار دولار مواد غذائية يمكن اعتبارها أساسية. فالحيوانات بكل أشكالها الحيّة والمبرّدة والمجمّدة إضافة إلى الأسماك، تبلغ قيمة استيرادها 520 مليون دولار، أما الألبان والأجبان فيستورد لبنان منها بقيمة 212 مليون دولار، وهناك استيراد خضر وثمار بقيمة 250 مليون دولار، فضلاً عن بن وشاي وكاكاو بقيمة إجمالية تبلغ 182 مليون دولار. قيمة واردات الحبوب ومنتجات المطاحن تبلغ 575 مليون دولار، والزيوت والشحوم بقيمة 220 مليون دولار والسكر بقيمة 147 مليون دولار. وأخيراً هناك معلبات من المنتجات الحيوانية أو النباتية بقيمة إجمالية تبلغ 429 مليون دولار. وكل هذه الواردات لا يدخل فيها استيراد التبغ والتنباك والمشروبات الكحولية. كل هذه السلع تتأثر بعوامل التضخّم الخارجية، سواء انقطاع أو مشكلات في سلاسل التوريد (صعوبة التوريد والشحن والتأمين وسواها)، أو تخضع لكلفة الأموال في الخارج (أسعار الفائدة في الخارج التي تُحتسب ضمن كلفة الإنتاج)، وارتفاع الأسعار في الخارج المتعلّق بأكلاف الإنتاج من أجور وطاقة وسواها.
في ما خصّ الألبسة والأحذية، فإن غالبية السلع المبيعة في السوق المحلية هي مستوردة أيضاً، وبالتالي تخضع لنفس شروط السلع المستوردة لجهة عوامل التضخّم. يستورد لبنان منتجات نسيجية وأجزاء وإكسسوارات متعلّقة بها بقيمة 140 مليون دولار غالبيتها يُستعمل في الصناعة المحلية، لذا لا تدخل في حسابات التضخّم المستورد بالشكل الكامل، إنما يستورد أقمشة بقيمة 45.6 مليون دولار وألبسة بقيمة إجمالية تبلغ 370 مليون دولار، وأحذية بقيمة 102 مليون دولار. أي إن نحو نصف مليار دولار من المنتجات المستوردة تخضع لعوامل التضخم الخارجية.
أسعار المطاعم والفنادق هي الأكثر ارتباطاً بتدفّق الأموال من الخارج

في الواقع، يعدّ قياس التضخّم الآتي من الخارج أمر أساسي لأنه يدلّ بشكل مباشر على ما يجب القيام به على مستوى السياسات الحكومية. تخفيف التضخّم المستورد يتم بواسطة التحوّل الاقتصادي والتخفيف من الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، إضافة إلى رفع الرسوم الجمركية على السلع التي لا تعدّ أساسية والتي لا يستهلكها العموم.

 

في بدء الأزمة كان انفجار الأسعار مرتبطاً بسعر الصرف، إنما اليوم في ظل استقرار أسعار الصرف، فلا مبرّر لهذه الارتفاعات في الأسعار سوى أن التضخّم الخارجي لا زال يضغط على الأسعار المحلية. التضخّم المستورد يعدّ خطراً، إذ يستحيل السيطرة عليه، وطالما هو مستمرّ، فإن الإجراء الوحيد الممكن لمكافحته هو التوقف عن استيراد السلع التي يتأثّر فيها. الحرب في غزّة بدأت تدفع الأسعار المرتبطة بقطاع الفنادق والمطاعم إلى التراجع النسبي، لكنها ستعود إلى الارتفاع سريعاً ما إن تتوقف الحرب. ففي الأشهر الأخيرة، وبعد ثبات سعر الصرف على نحو 89500 ليرة للدولار الواحد، بدأت الزيادة في الأسعار بالتباطؤ. إلا أنه مع ذلك، لم يتوقّف التضخّم. فقد ارتفعت الأسعار في شهر نيسان نسبة إلى شهر آذار الذي سبقه، إذ بلغ معدّل التضخّم بين الشهرين الأخيرين نحو 1.7%.

 

صحيح أن جزءاً من هذا التضخّم مستورد، إلا أن هناك عوامل أخرى تتعلّق بهوامش الأرباح التي تأخذها المؤسسات، إضافة إلى معدّل الأجور، علماً أن هوامش الأرباح التجارية عادت إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، وهو ما يُسهم بارتفاع الأسعار أيضاً. وفي حين أن الأجور شهدت تصحيحاً بعد الأزمة، إلا أنها لم تعد إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.

تكلفة آلة تصنيع الكابلات في المكسيك قد تفاجئك (انظر الأسعار)
ماكينة تصنيع الكابلات
B Abda : تصفية الأثاث غير المباع 2023 (الأسعار قد تفاجئك)
الأثاث غير المباع

أسعار التعليم تسجّل الزيادة الأكبر
إذا احتُسبت معدلات التضخّم الشهرية، أي مقارنة تطوّر الأسعار في الشهر نفسه في سنتين متتاليتين، يتبيّن أنّ البند الذي سجّل أكبر ارتفاع في الأسعار بين شهرَي نيسان 2024 ونيسان 2023، هو التعليم بنسبة 582%، أي بنحو 6 أضعاف. ونجمت هذه الزيادة عن الزيادات التي أقرّتها إدارات المدارس الخاصة والجامعات على أقساطها في السنة الدراسية الحالية. ويتوقّع أن يستمر هذا الارتفاع حتى السنة القادمة، لأن كل المدارس أبلغت الأهالي زيادات إضافية على الأقساط للعام الدراسي المقبل ما يُعيد الأقساط إلى ما كانت عليه قبل الأزمة في النسبة الأكبر من المدارس.

اضغط هنا وقم بتحميل تطبيقنا الإلكتروني للوظائف والأخبار على مدار الساعة

عن Jad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *