السجال حول تعرفة النقل لم يهدأ: التسعيرة قابلة للتغيير

لم تكن تسعيرة النقل محطَّ اتفاق بين السائقين العموميين والركّاب من جهة، وبينهم وبين وزارة الأشغال العامة والنقل من جهة أخرى، حتى انهيار سعر صرف الليرة. فلطالما خضعت التسعيرة للاتفاق المسبق قبل صعود الراكب إلى السيارة أو الباص. لكن ذلك لم يعنِ بتاتاً تحرّك التسعيرة بشكل متواصل قبل الأزمة الاقتصادية، وإنما خضعت لنوع من العرف شبه الثابت، نظراً لاستقرار سعر صرف الليرة وأسعار السلع، ومنها المحروقات وقطع غيار السيارات. لكن مع تغيُّر الأحوال، تبدّلت التسعيرة بشكل متكرّر وفق تغيُّر سعر صرف الدولار. ولم تستطع الوزارة حسم التسعيرة في ظل تأرجح سعر الدولار. وإن كانت التعرفة العادلة مطلباً أساسياً للسائقين والركّاب، إلاّ أن ما قرَّرَه وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّة، لم يكن كافياً بالنسبة للسائقين، الذين سرعان ما أعلنوا امتعاضهم من التعرفة الجديدة، وتحرَّكَ بعضهم في أكثر من منطقة، ملوّحين بالتصعيد ما لم يتم إعادة النظر وزيادة التعرفة

كأي تحرّك مطلبي، يربط أصحاب الحقوق مطالبهم بالوضع المعيشي وارتفاع الأسعار ومستويات التضخّم، ويتركون مساحة للتعديل المستمر تبعاً لتحرّك الأسعار في السوق. والسائقون العموميون في هذا السياق، يرفضون التعرفة الحالية ويطالبون برفعها، مع التمسّك بضرورة استمرار رفعها كلّما تغيّرَت الظروف نحو الأسوأ.

وربطاً بالظروف العامّة، يؤكّد أحد سائقي الباصات العاملة على خطّ صور- بيروت، أن التسعيرة الحالية “لا تعبِّر عن الصورة الصحيحة لواقع الأكلاف التي يدفعها السائق، ليس فقط على مستوى المحروقات وقطع الغيار، وإنما على المستوى المعيشي، لأن ما يجنيه السائق يصرفه في السوق”. ويشير في حديث لـ”المدن”، إلى أن “الحسابات استناداً إلى ما قبل الأزمة، ليست كما هي الآن. فإذا تم وضع التعرفة الجديدة قياساً لنسبة تغيُّر سعر الدولار، تبقى الكثير من الأمور عالقة. ومنها أن حمولة الباص أو السيارة لا تكون كاملة في كل عملية انتقال، مما يؤثِّر على كمية الإيرادات التي يحصّلها السائق. فقبل الأزمة كانت كل عملية نقل للرّكّاب من صور أو القرى المحيطة، إلى بيروت، تحصل بكامل حمولة الباص، فيما اليوم تتمّ بعدد ركّاب أقلّ، ما يعني أن إيرادات السائق تراجعت، حتى لو تمّ رفع التعرفة”.

كذلك، يربط السائق ما يجنيه بالقيمة الشرائية. فالإيرادات تُحَصَّل بالليرة طالما أن سعر الدولار ثابت حالياً، لكن في حال التقلُّب، سيتمّ اللجوء إلى الدولار حصراً. ولأن القيمة الشرائية للإيرادات تراجعت، “يعني أن ما يتم جنيُه اليوم لا يوازي ما كان يتمّ تحصيله قبل الأزمة. فما كان تشتريه الـ100 دولار سابقاً، بات أقلّ اليوم، حتى لو تم الدفع بالدولار النقدي وليس بما يوازيه بالليرة. وهذا يُحتِّم رفع التعرفة بمعدّل أكبر ممّا أقرّ”.

التروِّي هو الحل؟
انطلاقاً من عدم الدخول في فوضى التسعير كما حصل في بداية الأزمة الاقتصادية، يصرّ رئيس اتحادات نقابات النقل البري في لبنان، بسام طليس، على عدم التصعيد ورفض التعرفة التي أقرّها الوزير، بل اعتمادها لحين الوصول إلى تعرفة أخرى، خصوصاً وأن التعرفة الراهنة “أتت بعد نحو 5 سنوات من التقلّب في التعرفة والفوضى الحاصلة في القطاع”، وفق ما يؤكّده طليس الذي يشير في حديث لـ”المدن” إلى أن الالتزام بالتعرفة “كالالتزام بالقانون الذي يقرّه مجلس النواب. فالجميع ملزم بتطبيق القانون إلى حين تعديله، وكذلك قرار تعرفة النقل هو بمثابة قانون على السائقين احترامه لحين تعديله، واللقاءات مع الوزير مستمرة في هذا الشأن”.

وعن الغبن الذي يعبِّر عنه السائقون، يرى طليس أن “الغبن الذي قد يلحق خطّاً من خطوط النقل، تحمله النقابات إلى الوزير ويصار إلى حلّ الملفّ”. ولذلك، يعتبر طليس أن الخطوة المطلوبة اليوم في هذا الموضوع هي “التروّي واعتماد تعرفة واضحة بدل تحديد أسعار متفاوتة بين كلّ شارع وكلّ منطقة”.

دعوة طليس للسائقين بالتروّي تأتي في سياق “حماية السائقين من أنفسهم في المقام الأوّل، لأن الإصرار على رفع التسعيرة أكثر، وبصورة غير منطقية، تساهم في تراجع أعداد الركّاب أكثر فأكثر، إذ سيفضّلون اعتماد خيارات أرخص، كسيارات النقل الخصوصية التي تعمل على نقل الركّاب بصورة غير قانونية، وكذلك الباصات المخالِفة والتيكتوك الذي بدأ ينتشر بكثرة في المناطق”. ولا يمكن ، حسب طليس، توجّه النقابات إلى وزير الداخلية بطلب التشدّد في مكافحة السيارات والباصات المخالِفة “في حين أن السائقين القانونيين يخالفون قرار وزير الأشغال العامة والنقل بما يخصّ اعتماد التعرفة الرسمية. ولذلك، علينا الالتزام بالقرار، والمطالبة بتعديله وتطبيق القوانين الأخرى التي تعزّز حقوق السائقين القانونيين”.

لا يستسيغ السائقون بشكل عام كلام طليس. إذ تضعه المصادر في سياق “تبرير اعتماد تعرفة غير مناسبة، ومحاوَلة لامتصاص غضب السائقين العموميين، وعدم الرغبة في مواجهة الوزير”. لكن هذا الأمر يمكن حسمه “خلال الاجتماع المفترض عقد مع السائقين، يوم غدٍ الاثنين”، يقول طليس الذي يأمل أن “يحمل السائقون مطالبَ منطقية، فيها مصلحة لهم وللسائقين. فالطرفان هما من طبقة واحدة وأبناء بيئة واحدة. فالركّاب ليسوا رجال أعمال أو مدراء مصارف أو نواباً ووزراء، بل هم أبناء البيئة الواحدة مع السائقين”.

وبين الرفض والدعوة للتروّي والعقلَنة، لا تستبعد المصادر “استمرار التخبُّط واعتماد أكثر من تسعيرة بما يتناسب مع خصوصية كل منطقة وحركة الركّاب فيها”. ولذلك، فإن أرقام التعرفة التي قرَّرَها الوزير، قابلة للتغيُّر، سواء بقرار آخر، أو على أرض الواقع.

المصدر: المدن – خضر حسان

اضغط هنا وقم بتحميل تطبيقنا الإلكتروني للوظائف والأخبار على مدار الساعة

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *